الإثنين 12/مايو/2025

لماذا يخشى الكيان الصهيوني أصداء ما يحدث في مصر؟

لماذا يخشى الكيان الصهيوني أصداء ما يحدث في مصر؟

تواصلت المتابعات الإسرائيلية الحثيثة لتطورات الموقف الميداني في مصر، على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والعسكرية، حيث طغى المشهد المصري على مجمل التحركات السياسية الإسرائيلية، الداخلية والخارجية، بحيث لم يبد ما يحصل في شوارع القاهرة شأناً مصرياً داخلياً، وإنما إسرائيلياً بامتياز!
فقد أعرب بنيامين نتنياهو عن قلقه إزاء احتمال استغلال جهات إسلامية حالة الغليان في مصر لبسط سيطرتها على الدولة، كما حدث في إيران وأماكن أخرى، مشيراً إلى أنه برغم أن الاضطرابات التي جرت في تونس ومصر لم تكن وراءها عناصر إسلامية، إلا أنه يخشى من أن يستغل هؤلاء الفراغ السياسي الذي يمكن أن يخلفه انهيار القوة الحاكمة، مؤكداً أنه يطلع على المستجدات في مصر كل نصف ساعة.
وفي ظل هذه التقديرات، صرح الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس بأن نشوء نظام حكم ديني في مصر لن يجعل الأوضاع أفضل حالاً مما كانت عليه في ظل النظام الحالي، رغم عدم التزامه بالثوابت الديمقراطية، مؤكداً أن مبارك حرص على حماية السلام في الشرق الأوسط، مما يجعلنا مدينين له بالشكر.
يأتي هذا الموقف الإسرائيلي الذي خرج عن صمته، في أعقاب مخاوفها المتزايدة من خسارة حليفها المقرب في المنطقة حسني مبارك، في ظل مطالبة باحثين كبار في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب لصناع القرار الإسرائيلي بأن يستعدوا جيداً للتغييرات الجذرية التي ستحصل بعد مرحلة مبارك، الذي يبدو أن نظامه انتهى، بغض النظر عن نتيجة ما أسماه التمرد الحالي.
ناقوس الخطر
ولفت المعهد في دراسته التي أعدها على عجل إلى ما قال أنه دور لقناة الجزيرة والإعلام الإلكتروني في نشوب الهبات الشعبية التي يتوقع انتشارها في بلدان عربية أخرى، حيث أن مبارك يواجه اليوم أخطر تحد منذ خلافته للرئيس الراحل أنور السادات قبل ثلاثين عاماً. وقال معد الدراسة، شموئيل إيفن، وهو رجل مخابرات إسرائيلي بارز، أن الانفجار في مصر نجم عن الحالة الاقتصادية والفساد السلطوي، وبتشجيع من ثورة تونس، وبينما تكابد الطبقات الفقيرة في مصر الحرمان، وتعاني الطبقة الوسطى من التآكل، فإن مقربي النظام يرفلون في حياة البذخ، واصفاً ما يحدث بأنها احتجاجات شعبية وليست نتاج مبادرة للمعارضة رغم مشاركتها بها، وهو ما يثقل على السلطة مواجهة موجات الغضب، مشيراً إلى حجم الضغط الأمريكي الذي يتصاعد على النظام المصري.
في سياق متصل، دقت أوساط سياسية إسرائيلية ناقوس الخطر، لأن ما تشهده مصر هذه الأيام من انتفاضة شعبية تطالب برحيل مبارك يهدد أمن واستقرار إسرائيل، وأن ما ينتظرها ليس هيناً، بعد أن هبت الشعوب العربية مطالبة بتغيير أنظمتها، بحيث لو نجح المصريون في الإطاحة بمبارك، فإن ذلك على الأرجح سيؤثر بشكل كامل على الوضع الإستراتيجي لإسرائيل.
وبالتالي فإن حالة عدم الاستقرار في مصر، والاضطرابات التي تشهدها لبنان، تعني أن تزيد حكومة نتنياهو من مطالبها وشروطها الأمنية للتوصل إلى اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية، متسائلة ماذا لو امتدت الاحتجاجات إلى الأردن؟ وماذا لو اندلعت مظاهرات تطالب بسقوط الملك عبد الله، وماذا لو سقط، وجاء لحكم الأردن إسلاميون تساندهم إيران؟
الفترة الذهبية
من جهته، عبّر يورام ميتال، رئيس مركز هرتسوغ لبحوث الشرق الأوسط بجامعة بن غوريون، عن ثقته بأن الجمهور العربي في مصر والأردن ولبنان والسلطة الفلسطينية لم يعد مستعداً لمنح ثقة غير محدودة لقيادته على المستوى الحزبي، الاقتصادي أو السياسي، وأن الهزة التي تمر الآن على مصر، تهز كل حلفائها في الشرق الأوسط والغرب.
 وبتقديره، فإن مصر المستقبل لن تلغي اتفاق السلام مع إسرائيل، لكنها ستسعى لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع حماس، ما يعني وضع نهاية لما وصفها بسياسة العزلة التي فرضتها إسرائيل بمساعدة مبارك على قطاع غزة، حيث تسيطر حماس.
من جانبه، أشار هيلل بريش، الباحث في مركز بيغن للشؤون الإستراتيجية بجامعة بار ايلان، إلى أنه إذا سقط نظام الحكم في مصر في نهاية الأمر، فإن الأحداث قد تنتقل إلى الأردن، وتعرض نظام الحكم الهاشمي للخطر، وحينها سيسود أطول حدود للسلام لإسرائيل واقع جديد تماماً، ما يعني أن إسرائيل ستصبح جزيرة منعزلة في محيط من الكراهية، وإن شرقاً أوسط جديداً يتشكل الآن، ما يتطلب من إسرائيل أن تكون جاهزة كل يوم لكل شيء، لاسيما وأن الأجواء تجاهنا في البيت الأبيض تختلف عن الفترة الذهبية.
وطرح بريش تساؤلاً كابوساً أمام الإسرائيليين بالقول يكفي التفكير في آثار سقوط الشاه في إيران عام 1979 على إسرائيل اليوم، كي نفهم المصيبة التي تحيق بنا مما يجري أمام ناظرينا في مصر! ونتيجة كهذه ستعيد إسرائيل للوضع الذي كانت تعيش فيه عام 1966، حين كان الجميع حولها أعداء ألداء، مقدراً بقيام حلف بين إخوان مصر وإيران، ما يعني أن دول الخليج ستنضم إلى المحور الذي سيضم لاحقاً إيران، مصر، حزب الله، حماس.
وحول الموقف الأمريكي ألمحت محافل سياسية في إسرائيل إلى أن باراك أوباما ألقى بحسني مبارك إلى الكلاب، وإن أمريكا أدارت ظهرها في غضون يوم واحد لأهم حلفائها في الشرق الأوسط، ما يعني أن الرجل الذي يجلس في البيت الأبيض من شأنه أن يبيع إسرائيل بين يوم وليلة.
إخفاق استخباري
من جهتهم، طالب عدد من أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست بتشكيل لجنة تحقيق بشأن فشل جهاز الاستخبارات العسكرية أمان في تقدير الموقف في مصر، بعدما كشفت الأحداث أن رجاله تفاجأوا، ولم يكونوا مستعدين لما يحدث في مصر، وبعد تأكيد رئيس الاستخبارات الجديد أفيف كوخافي عدم وجود أي خطر على نظام مبارك، وأنه لا يرى في الإخوان المسلمين قوة منظمة وموحدة كفاية للسيطرة على الحكم، على الرغم أنهم سيحصلون على 40% من أصوات الناخبين في حال حدثت انتخابات حرة ونزيهة.
وأكد عضو اللجنة إيتان كابل أنه سيتوجه إلى رئيس اللجنة شاؤول موفاز، لمطالبة اللجنة الفرعية لشئون الاستخبارات بإجراء نقاش بشأن التقديرات الفاشلة في الاستخبارات العسكرية، كما دعا عضو الكنيست مخائيل بن آري رئيس الحكومة نتنياهو لفتح تحقيق داخلي في جهاز الاستخبارات الذي فشل مرة تلو الأخرى، لأن تقديرات الاستخبارات مبنية كما قال على أمنيات متهورة وأجندة يسارية، وأن الحديث يدور عن فشل استخباراتي بنفس صيغة حرب الغفران عام 1973، التي فاجأتنا، ولم نكن نتوقعها.
السيناريوهات المتوقعة
من جهته، وضع رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست شاؤول موفاز، عدة سيناريوهات متوقعة لما قد يؤول إليه الوضع في مصر، في ظل التظاهرات المطالبة بتغيير نظام الحكم، وخلع مبارك، لخّصها في الآتي:
1- أن يصر مبارك على كبح الثورة، لأنها تفتقر لقيادة منظمة تحركهم، وفي حال حدوث ذلك، سيتطلع لإجراء انتخابات في أيلول/سبتمبر القادم، وهو السيناريو المفضل لإسرائيل.
2- بقاء الجيش المصري محافظاً على رغبته بعدم مواجهة المتظاهرين، ومن الممكن أن يقرر السيطرة على الحكم في مصر.
3- تقديم مبارك لاستقالته.
4- سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم، كما يظهر ذلك عبر الاتصالات التي تجريها الحركة مع محمد البرادعي.
في ذات الوقت، صرح موفاز بأنه يتوجب على إسرائيل إجراء تقييم استراتيجي جديد في ظل ما يحدث في مصر، ومتابعة الأوضاع فيها وفي أماكن أخرى في المنطقة عن كثب، مطالباً إسرائيل بتأكيد عدم تدخلها فيما يحدث في مصر، ورغبتها في الحفاظ على معاهدة السلام وفي استقرار السلطة هناك، مشيراً إلى ان الجيش المصري يتحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على الاستقرار.
ووصف موفاز ما حدث في تونس ومصر بـإنذار استراتيجي لإسرائيل، متوقعا أن يكون عام 2011 نقطة تحول في عدة أماكن أخرى بالمنطقة، في ظل محاولات ما وصفه المحور الراديكالي الذي يضم سوريا وإيران وحزب الله وحماس، التأثير على مجريات الأمور في مصر.
من جهته، قال وزير البنى التحتية عوزي لانداو، إن أحداث الأيام القليلة الماضية في مصر بمثابة دليل آخر على أنه ليس هناك أي شيء مضمون في منطقة الشرق الأوسط، ويجب العمل على ضمان استقرار مصادر الطاقة بدون الاعتماد على الآخرين.
في المقابل، كشف وزير الحرب الصهيوني الاسبق بنيامين بن أليعازر، أنه اتصل مؤخراً بالرئيس المصري، حسني مبارك، الذي طمأنه إلى الوضع في بلاده، مؤكداً له إن القاهرة “ليست بيروت ولا تونس”. وقال بن أليعازر، في مقابلة مع التلفزيون العبري: “أكد لي مبارك أن السلطات المصرية تعرف ما يجري في الشارع، وقد جهزت الجيش مسبقاً”.
تحركات عسكرية
وقد كُشف النقاب عن سلسلة اتصالات سرية إسرائيلية مصرية خاصة بدفع التنسيق الأمني قدماً، لاسيما ما يخص تهريب السلاح عبر الأنفاق على حدود مصر مع قطاع غزة، وتنبيه المصريين من مغبة فقدان السيطرة على الأنفاق، بعد تلقي تل أبيب تقارير حول اتساع النشاط في الأنفاق ليشمل البضائع والذخائر، وأن الجيش المصري خفف من نشاطه لمنع عمليات التهريب نظراً للتطورات الحاصلة داخل مصر، وازدياد أعداد المتسللين إلى إسرائيل من الأراضي المصرية.
فيما سمح الجيش الإسرائيلي لنظيره المصري بنقل كتيبتين عسكريتين تتكونان من 800 جندي، إلى منطقة شرم الشيخ أقصى جنوب سيناء، لأول مرة منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وذلك في أعقاب الأحداث التي تشهدها المدن المصرية، دون الإفصاح عن سبب دخول الجيش المصري لهذه المنطقة، علماً بأن معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية تسمح لمصر بنشر قوات شرطية فقط في سيناء، وقد سمحت إسرائيل بعد انفصالها عن قطاع غزة لبضع مئات من أفراد قوات الأمن المصرية بالانتشار على امتداد محور صلاح الدين، حيث توجه رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين إلى المستشار القانوني طالباً رأيه القضائي فيما إذا كان القرار يستلزم مصادقة الكنيست، عليه باعتباره تعديلاً لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين.
كما بدأ الجيش الإسرائيلي في تنفيذ مشروع إنشاء جدار على طول الحدود المصرية الإسرائيلية منذ أشهر، حيث باشرت وحدات الهندسة أعمال التحضير لبناء الجدار الذي يتوقع الانتهاء منه عام 2013، وبسبب الأوضاع الأمنية الناتجة عن الأحداث الجارية في مصر، تحاول وزارة الدفاع تكثيف الجهود، والإسراع في تنفيذ المشروع.
وقد أثارت الأحداث الجارية في مصر الأوساط الأمنية الإسرائيلية، وارتفعت التخوفات من إمكانية اختراق الحدود نتيجة لـانهيار الأمن المصري، مما دفع بالجيش خلال الأيام الماضية من رفع درجة التأهب على طول الحدود، ليس تخوفاً من المهاجرين الأفارقة، بل من إمكانية استغلال التنظيمات الفلسطينية الأوضاع الراهنة، والتسلل إلى إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية، وسيباشر الجيش في بناء الجدار في المناطق الأكثر سهولة للاختراق، وسيتم تكثيف العمل للانتهاء من بنائه على طول الحدود، وتسيير دوريات من الجيش بشكل مكثف خلال هذه الفترة.
المواقع العبرية التالية: القناة العاشرة – موقع الجيش الصهيوني – موقع قضايا مركزية
ترجمة: مركز المعلومات الصحفية، 4/2/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....