وقائع المشهد المقدسي والدور المنتظر

المهام العربية والإسلامية العاجلة
فالمخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويد القدس والأقصى خاصة مستمرة منذ ما يزيد على سبعين عاما، أي ما قبل قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين. وزاد من حدة الهجمة “الإسرائيلية” الصهيونية الاستيطانية التهويدية الجديدة والجارية بحق الأقصى والمدينة المقدسة، ما يرافقها من عمليات حفر وتنقيب مستمرة تحت المسجد الأقصى الذي تحول اسمه من المسجد الأقصى إلى المسجد المعلق الذي بات محمولا على أعمدة تكاد لا تحتمل جدرانه السميكة. فأين أصبحت قضية القدس، في ظل غياب المواقف الجدية والحازمة العربية والإسلامية؟
القدس والواقع الراهن
في الوقت الذي يصرخ فيه المفاوض الفلسطيني من استمرار عمليات الاستيطان والتهويد فوق عموم الأرض المحتلة عام 1967 في القدس والضفة الغربية، وفي الوقت الذي تعمل فيه واشنطن لتمرير ما تسميه “صفقة الحل الشامل” تتواصل مشاريع التهويد الكولونيالية التوسعية الإجلائية الصهيونية في مختلف مناطق المدينة المقدسة (داخل الأسوار وخارجها) وفي مناطق ريف المدينة التي أمست بدورها جزءا من القدس الكبرى بعد أن قامت سلطات الاحتلال بتوسيع الحدود الإدارية للمدينة لتصبح مساحتها تقارب ربع مساحة الضفة الغربية، فبات المشهد المقدسي يحتل موقعا رئيسيا في الأهمية والأبعاد الإستراتيجية والدينية والسياسية الحاسمة في ظل التحولات التي مازالت ترسمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أرض المدينة المقدسة.
فقد أقيمت في الفترات الأخيرة عشرة آلاف وحدة سكنية استيطانية في منطقة قلنديا أو عطاروت، وتم توسيع مستعمرة عيناتا، وموقع التلة الفرنسية، فضلا عن استمرار العمليات الجارية حول وعلى محيط الأقصى لإقامة نفقين كبيرين أسفل وفي محيط المسجد الأقصى المبارك أحدهما في سلوان والثاني في منطقة الواد في البلدة القديمة.
ومن المعروف أن عصابات جمعية (ألعاد) الاستيطانية الصهيونية استحصلت ترخيصا من سلطات الاحتلال لبناء موقف سيارات على بعد 30 مترا من أسوار الحرم القدسي الشريف، حيث المسجد الأقصى المبارك، لبناء مبنى ضخم. في الوقت الذي أشارت فيه أيضا حركة (السلام الآن) الإسرائيلية إلى أعمال تجري تحت غطاء حفريات أثرية لتشييد مبنى ضخم بمساحة 155 ألف متر مربع، يشمل قاعة مؤتمرات ومركزا تجاريا وغرف ضيافة وموقف سيارات تحت الأرض.
ناهيك عن مشروع بناء ما يسمى بـ”متحف التسامح” بربع مليار دولار على أراضي مقبرة (مأمن الله) التي تضم رفات الآلاف وبين جنباتها أضرحة عدد من الصحابة كالصحابي عبادة بن الصامت، وقد اختارت الموقع منظمة يهودية صهيونية مركزها في مدينة لوس أنجلوس الأميركية وبمبادرة من مركز شمعون فيزنتال.
وليس سرا القول بأن هناك جمعيات يهودية متطرفة تخطط للاستيلاء على عقارات تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس الشريف خاصة في ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل، وهي منطقة ملاصقة للبطريركية الأرثوذكسية، وتمثل في الواقع العملي واجهة المدينة المقدسة.
حصار المواطنين وحصار الأرض ونهبها
كما كانت المؤسسة الإسرائيلية قد صعدت في الفترة الأخيرة من بناء هذه الكنس في مواقع قريبة من الأقصى، إضافة لوجود مخطط إسرائيلي وشيك التنفيذ لبناء أكبر كنيس يهودي في العالم بتكلفة (40) مليون دولار فوق المدرسة التنكزية الإسلامية التاريخية، التي هي جزء من المسجد الأقصى، وقد أقر مخطط هذا الكنيس في زمن حكومة شارون.
وفي هذا المجال، ومن موقع الاستئناس بالأرقام والمعطيات لتوضيح الصورة، بلغ عدد بطاقات الهوية المقدسية المصادرة في الفترة (1967-2006) ما مجموعه (8269) بطاقة هوية منها (1363) بطاقة في العام (2006)، وبلغ عدد الأسر التي هجرت من محافظة القدس (1635) أسرة (وتشمل مواقع مختلفة في إطار المحافظة أو خارجها) بسبب بناء جدار الضم والتوسع، وبلغ عدد الأفراد المهجرين في المحافظة (9609)، كما بلغت مساحة الأراضي المصادرة (11100) دونم، وذلك للعام (2005).
إسرائيل تعلن “قدس يهودية وكبيرة وقوية”
وبالتالي، وفي ضوء الواقع الحالي في القدس، وتواصل عمليات القضم المتتالي لأراضيها لمصلحة التوسع الاستيطاني التهويدي الجائر، تصرخ القدس وتستغيث وتنتظر مهام عاجلة، فلسطينية وعربية وإسلامية، للتحرك من أجل إنقاذ المدينة المقدسة، حيث يؤلم القلب أن يبقى الفلسطينيون وحدهم يواجهون هذا الخطر الداهم، وأن يستمر العرب والمسلمون مكتفين بالتصريحات والكلام الذي لا يحقق شيئا عمليا على الأرض.
فما يجري في القدس، والأحداث الدامية التي شهدتها ساحات المسجد الأقصى المبارك ومعها الصور الأكثر دموية، لم تصل تفعيلاتها حتى اللحظة إلى الأذن العربية والإسلامية على ما يبدو، حيث تسعى إسرائيل إلى تطبيع سلوكها الفاشي ضد القدس والأقصى تحت حراب البنادق.
وإذا كان العرب يقومون بجزء من واجباتهم الكبيرة تجاه فلسطين وشعبها، فإن حجم المؤامرة والمخططات الصهيونية لا يزال أضخم من هذا الدور، الأمر الذي يستدعي الدعوة إلى تحرك أقوى وأكثر فاعلية، دون أن نظل نمارس جلد الذات أو نتحدث عن التقصير الذي لا يستطيع أحد أن ينفيه.
المهام العربية والإسلامية العاجلة
إن نصرة الشعب الفلسطيني ودعمه في صموده وفي مواجهته للمخططات الإسرائيلية يجب ألا تتوقف عند البيانات، ويجب ألا تكون ختامها تصريحات الشجب والتنديد، فالأقصى والقدس اليوم لا يحتاجان إلى المزيد من الإبداع الخطابي، وكل ما يحتاجه الأقصى هو لحظة صدق من هذه الأمة الإسلامية وأحرار العالم.
وعليه يقع على عاتق المؤسسات الحقوقية والمنظمات الفاعلة والصليب الأحمر ضرورة التدخل الفوري لوضع حد للمأساة التي تحل بمدينة القدس جراء تواصل الهجمة الإسرائيلية الشرسة مع تواصل عمليات الحفريات والهدم.
كما في ضرورة تدخل منظمة المؤتمر الإسلامي والدول العربية والإسلامية بكل قوة لوقف هذا الجنون الإسرائيلي بحق الأقصى والمقدسات الإسلامية، فالأقصى والقدس الآن في خطر حقيقي، لأن هناك نية مبيتة للنيل منه من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة. فضلا عن ضرورة تكثيف حملات توعية فلسطينية للمواطنين المقدسيين للحيلولة دون انتشار ذلك، حيث سيكون له أثر خطير جدا على مستقبل مدينة القدس.
فلنبادر لقرع الأجراس، عسى أن تتوالد التحركات الجدية العملية والملموسة في الوقت الأخير الخطير الذي تعيشه المدينة المقدسة، فكل من يتغنى بعروبة القدس، عليه أن يفعل شيئا من أجل هذه العروبة، فالحفاظ على عروبة القدس لا يحتاج إلى خطابات ولا يحتاج إلى استنكار وشجب، بل يحتاج عملا ميدانيا على الأرض لدعم صمود وبقاء المقدسيين فوق أرضهم، وإسناد مؤسساتهم بالدعم المادي الملموس والمباشر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: العدوان على اليمن جريمة حرب وإرهاب دولة ممنهج
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام دانت تدين حركة "حماس" بأشدّ العبارات العدوان الاسرائيلي على اليمن، والذي نفّذته طائرات جيش الاحتلال، واستهدف مواقع...

تحذيرات من انهيار كامل لمستشفيات غزة خلال 48 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الإثنين، من أن مستشفيات القطاع على شفا الانهيار خلال 48 ساعة بفعل منع...

غوتيريش: توسيع إسرائيل هجماتها بغزة سيؤدي لمزيد من الموت والدمار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطة إسرائيل لتوسيع هجماتها على غزة ستؤدي إلى مزيد من الموت...

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

9 شهداء بغارتين إسرائيليتين في مخيم النصيرات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 9 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير من المواطنين بجروح، الإثنين، جراء غارتين شنتهما مسيّرات إسرائيلية، على منطقة...

صحة غزة: حصيلة حرب الإبادة ترتفع إلى 52,576 شهيدًا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت زارة الصحة بقطاع غزة، بأن 32 شهيدًا منهم 9 انتشال، و119 إصابة وصلت مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية....

مستوطنون يحرقون محاصيل قمح في سهل برقة بنابلس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أحرق مستوطنون متطرفون، مساء اليوم الاثنين، على إحراق أراضٍ زراعية مزروعة بالقمح في سهل برقة شمال غرب مدينة نابلس...