المهندس القسامي إبراهيم بني عودة.. وحكايـة عشق الشهادة

قلـة هم الذين يحملون هم الدين والدعوة، والجهاد والمقاومة، لكنهم بإيمانهم وإخلاصهم وبطولاتهم وتضحياتهم يـفعلون ما لا يستطيع أن يفعله الكثيرون.. من هؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، الشهيد القسامي إبراهيم بني عودة، الذي تتعانق ذكرى استشهاده مع ذكرى استشهاد أستاذه الدكتور المجاهد عبد الله عزام.
ولد الشهيد إبراهيم عبد الكريم بني عودة عام 1965 في دولة الكويت، ونشأ وترعرع هناك في كنف والديـه على الأخلاق الرفيعة وحب الدين والصلاة في المسجد وخاصة صلاة الفجر-التي كانت تبكيه إذا ما فاتته جماعة في المسجد-.
متفوق لا يعرف اليأس
أتمّ الشهيد دراسته الابتدائية والمتوسطة وجزءاً من المرحلة الثانوية في الكويت، لينتقل بعدها مع أهله عام 1983 إلى الأردن، حيث حصل فيها على شهادة الثانوية العامة بتفوق، الأمر الذي أتاح لـه فرصة الإلتحاق بأي كلية يرغبها، إلا أنـه فضل الدراسة الشريعة بالجامعة الأردنية متتلمذاً على أيدي علماء أفاضل، من بينهم الشهيد المجاهد الدكتور عبد الله عزام.
تصفه والدته بأنـه كان يـحب التحدّي ولا يعرف اليأس، يعمل في أي شيء وينجح فيه بل يتفوق، كما كان –رحمه الله- قوي البنية، حيث تدرب على أنواع كثيرة من القتال، وكان يمارس رياضة “الجري” يومياً بعد صلاة الفجر بعد أن يعود من المسجد.
“كتوم متواضع”
انتقل الشهيد إبراهيم إلى فلسطين بعدما تزوج بإحدى قريباته هناك – وأنـجب منها ستة أبناء هم: حذيفة وعبد الله وهناء وسناء وميساء ورجاء- إلا أن ذلك لم يثنيه عن الالتحاق المباشر بـمسيرة المقاومة والجهاد.
يوصف الشهيد بأنـه كان يتميز منذ صغره بالسرية والكتمان والتواضع، الأمر الذي أبعد الأنظار عنه في بادىء الأمر، حتى ظن الناس أنـه إنسان عادي وبسيط، في الوقت الذي كان فيه مهندساً في كتائب الشهيد عز الدين القسام، لـه صولات وجولات في تدريب الخلايا الجهادية على إعداد المـواد المتفجرة، والتخطيط لمقاومة الاحتلال الصهيوني.
كما نـجح في زراعة عشرات العبوات الناسفة في طريق الجنود الصهاينة، ونـجح في استهدافهم أكثر من مرة ببراعة وكتمان، حيث استخدم في إحدى عملياته أشرطة فيديو مفخخة مـما أدى إلى مقتل العشرات من المـحتلين.
في سجون “أوسلو”
رافق الشهيد بني عودة الشهيد القائد جمال منصور في الأسر بسجون سلطة أوسلو، لمـدة تزيد عن العامين والنصف، حيث كان الشهيد إبراهيم يؤمهم في الصلاة لأنه كـان يحفظ القرآن الكريم كاملاً.
وبعد انكشاف أمـر الشهيد بني عودة للاحتلال، قرروا اعتقاله أو اغتياله فوراً نظراً لما يشكله من خطورة على أمنهم، وفي ذلك “تعاونت” سلطة أوسلو مع الاحتلال من أجل وضع حد لحيـاته.
وفي شهر آب من عام 1998 وبعد البحث المتواصل عنه اعتقل الشهيد في سجون سلطة أوسلو، ليخضع بعدها لتعذيب شديد ومتواصل، حيث تعرض الشهيد المجاهد لضرب وتعذيب استمر نحو خمسة أشهر، لم يستطع فيها جلادوا سلطة “فتح” انتزاع اعتراف واحد منه، ليسطر بذلك أروع آيات الصمود والتحمل.
“مهندس قسامي”
ومع بدء انتفاضة الأقصى المباركة خرج الشهيد من سجون سلطة أوسلو-التي اسقطتها الانتفاضة- ولم يلتقط أنفاسه بل توجـه نحو المقاومة والشهادة فور خروجه من سجون”فتح”، حيث جـهز لعملية استشهادية في مدينة الخضيرة المحتلة قبل 4 أيام من استشهاده.
وبعد العملية مباشرة، نشر الاحتلال صوره على شاشات التلفاز، وأعلن عن ضرورة إلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً، حيث اعتبره من أخطر خمسة مطلوبين في الضفة الغربية المحتلة، وعلى الرغم من ذلك فقد أعد الشهيد لعملية ثانية بعد يومين فقط من الأولى.
وفي 23/11/2000 وحين كان الشهيد يبحث عن سيارة لنقل المواد المتفجرة لإخوانه المجاهدين لينطلقوا إلى هدفهم، كان قدر الله أن يركب الشهيد إبراهيم سيارة أحد العملاء، حيث لم ينتبه لخطورة هذه السيارة، فكان همه الأول سرعة تنفيذ العملية، في حين كانت السيارة مفخخة ومعدة لاغتياله.
100 ألف مودع
وبالفعل فقد تـم تفجير مسند رأس كرسي السيارة الذي كان يستند عليه الشهيد، بعدما تم تفخيخه بعبوة شديدة الانفجار موجهة لاسلكيا من طائرة كانت تحلق في سماء نابلس، ليرتقي المهندس القسامي إبراهيم بني عودة فيها شهيداً بعد مسيرة حافلة من العطاء.
وفور انتشار خبر استشهاده، الذي كان كالصاعقة على كل من عرفه، خرجت مدينة نابلس بقرابة 100 ألف مودع ومشيع للمهندس القسامي الشهيد إبراهيم بني عودة ليكونوا لـه أهـلاً، بعدما منع الاحتلال أهلـه من رؤيته ووداعه.
وهكـذا سجل التاريخ الفلسطيني في صفحاتـه سيرة عطرة ثنبثق منها آيات الإيمان والمقاومة، والبطولة والتضحية، والصمود والتحدي.. لترسم للجيل القادم مسيرة التحرير أو الشهادة، وتفضح كيـد الأعداء وأعوانـه، وتلعنهم في كل حين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يعترف بمقتل جنديين في اشتباكات رفح ويكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، تفاصيل ثقيلة لخسائر صفوف جنوده خلال اشتباكات وقعت يوم أمس في...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...

صدمات نفسية تحول دون التحاق الاحتياط بجيش الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت دراسة إسرائيلية، أن نحو 12 بالمئة من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، الذين شاركوا بحرب الإبادة في...

الحوثي: أولويتنا إسناد غزة والعدو فشل باستهداف قدراتنا
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قائد جماعة "أنصار الله" اليمنية عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، أن أمريكا و"إسرائيل" فشلتا في مواجهة القدرات...

حماس تهنّئ البابا ليو الرابع عشر لانتخابه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية
المركز الفلسطيني للإعلام تقدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأصدق التهاني والتبريكات إلى البابا ليو الرابع عشر، بمناسبة انتخابه رئيسًا للكنيسة...

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...