تراجيديا المصالحة الفلسطينية!!

إذا كان الكثير قد كتب، في موضوع المصالحة الفلسطينية، وما رافقه من انهيار وترد، في الأداء السياسي والتنظيمي والتفاوضي عكس نفسه على الواقع الفلسطيني والعربي، فإن الحاجة الملحة لإعادة ” الوحدة ” والمصالحة للساحة الفلسطينية، لن تتأتى من رغبات وإشارات إعلامية تطلقها أطراف النزاع، والبحث بين بنود وثائق الوفاق الوطني، والأسرى، والورقة المصرية، واتفاق مكة، وتفاهم صنعاء، وأخيرا التطلع إلى اجتماع دمشق بين فتح وحماس، للقبض على شعار الوحدة والمصالحة.
بينما تبقى ورقة غائبة وعنوان رئيسي عن جدول أعمال السياسي في السلطة والمعارضة، وهي شاخصة أمام ناظري الشعب الفلسطيني والعربي، تقدم إسرائيل للفلسطينيين والعرب أسباباً صارخة للوحدة لمواجهة عدوانها المستمر الذي يستهدف وجودهم بالدرجة الأولى، فإذا غاب هذا العنوان من الواجهة لا مصالحة دون مواجهة رزنامة العدو
لن ينتج المتحاورون، على طاولة المصالحة الفلسطينية أخبارا ذات أهمية للشارع الفلسطيني، فمنذ مدة طويلة اقلع المتابع لحالة الانقسام الفلسطيني، عن التدقيق في ما يجمع الفلسطينيين في بنود الأوراق المطروحة لعودة الالتئام للجسد المنهك بين عواصم، قد يعتقد البعض أنها قد تفلح في إعادة الروح له، فلا دمشق وصنعاء و القاهرة ولا عمان ولا مكة المكرمة، سيكون لها تأثير بعيد على ما يجري، لأن مشهد ابتلاع القدس والتهويد والاستيطان والعدوان وحالة الحصار والموت البطيء للحقوق الفلسطينية، لم تفعل فعلها في الحالة الفلسطينية والعربية ولم تدركها بصيرة السياسي الفلسطيني والعربي
تجاوز عقد المكان والزمان، لم تؤثر على واقع الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية، فالمحاور التي نشأت عقب اتفاق أوسلو، مازالت قائمة والتي أوقعت انقساما حادا في المجتمع الفلسطيني، وأصابته بصدمة كبرى وأدخلت صحوته في سبات عميق، وما يفترض أن يثير اهتمام الشعب الفلسطيني، هو إبقاء حالة المواجهة مع العدو كعنوان رئيسي للصراع، أصبح الانخراط مع العدو، عنوانا لكل مراحل العمل التي دلفت منها السلطة الفلسطينية تحت عباءة ممارسة السلطة على شعب يرزح هو وسلطته تحت إمرة الحاكم العسكري الإسرائيلي الذي يمسك ببيادق السلطة ويحركها في مربعاته الأمنية
الشعب الفلسطيني، كما الشعب العربي متصالح مع نفسه، ويعرف عميقا، ما هي مصلحته والتي تكمن في وحدته، التي اخترقتها، أجندة ذات طبيعة مفتتة ومبعثرة لحقوقه التاريخية، من خلال التمسك بكل تلابيب التنسيق مع العدو، ومن نافذته تجري كل محاولات النيل من صموده وكرامته، التي أذلت الشعب وقياداته، التي تعتبر أن خياراتها التفاوضية، لن يجري عليها أي تبديل مهما بلغت ” تضحيات المتفاوضين ” سقوطا وتراجعا ولعقا لكل الشروط والمواقف الكاذبة
تراجيديا المصالحة في المشهد الفلسطيني، ومأزق التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، ستبقى مسيطرة على مسرح السياسة العربي والفلسطيني، المنشغل بتقديم حسن نياته للأمريكي والإسرائيلي، وزيف ادعاءاته لشعبه وكذبة المصالحة، من خلال البحث عن آلية تجمع فتح وحماس، ستبقى خدعة سخيفة، ما لم تدرك ” قيادات ” فتح وحماس، أن الفجوة المتسعة بينهم بحاجة إلى إعادة نظر بكل مسيرة ” السلام ” والمفاوضات، والتي أفرزت سلطة ارتبطت بشكل عضوي مع الاحتلال ومصالحه، عبر تقديم المحتل لامتيازات تسمح لها بممارسة السلطة، لتخسر مع مرور الوقت ” الدولة الموعودة ” والأرض والشعب، وترمي خلف ظهرها كل الحقوق التي تغنت أنها تناضل لاستردادها
إن لم يكن هناك قطيعة، بين السلطة وإسرائيل في بند التنسيق الأمني، فلا مصالحة ولا وحدة وطنية، فيما تبدو تلك التمنيات ضربا من الخيال، الذي يسرح فيه خطباء المصالحة تراشقا في تحميل مسؤولية من يتحمل وزر الانحدار على مستوى قضية الشعب الفلسطيني ومال حركة تحرره الوطني، بمعنى آخر التبعية وفقدان القرار الذي تمتاز به مسيرة السلطة الفلسطينية، لن تقود إلى تشكيل وإعادة بناء وحدة وطنية على قاعدة مقارعة ومواجهة الاحتلال، والبند العالق بين من يسعى للمصالحة هو البند الأمني، أي إعادة الأمور للطرف الإسرائيلي في نهاية الأمر، لان جوهر عمل السلطة هو إدارة مدنية وأمنية لأحياء تخلت عنها إسرائيل لصالح السلطة، مقابل vip، ومقايضة سرية وعلنية للأدوار بين الاحتلال والمحتل
الالتهام السريع، للأرض الفلسطينية، من خلال الاستيطان والعدوان والحصار، وتهويد القدس وتهديد وسن قوانين عنصرية ضد الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية عام 48، لم تفعل صدمتها في وجه السياسي الفلسطيني، الذي يسير كالسلحفاة نحو مصالحة داخلية مفتقدا الوحدة والإجماع الذي يتنبه لمخاطرها الشارع الفلسطيني، فإذا كانت حالة العدوان المستمر، لا تنتج ردة فعل طبيعية على المسار المدمر لمسيرة السلطة، الفصائل الفلسطينية التي تتحمل المسؤولية التاريخية أمام شعبها تقف عاجزة ومكبلة، تزحف نحو قدرها المحتوم الذي خطته لها إسرائيل وأمريكا، في بناء نعشها الأخير، في دوائر السلطة في رام الله ومدن الضفة وغزة، المسؤولية التاريخية المتشدق بها، من فم السياسي الفلسطيني، هي خدعة أخرى مضافة إلى أكاذيب تتلون بها عملية الجهد المبذول، في إدارة الحوار والصراع في آن معا، فمصطلحات الوحدة الوطنية، والتمسك بمنظمة التحرير، وإعادة بنائها، والتمسك بالثوابت الوطنية، إذا ما دققنا في هذه العناوين الكبيرة، يكفي ان ننظر الى عملية البناء التي تقوم بها حكومة تصريف الأعمال في رام الله ، من خلال بناء مؤسسات ” الدولة ” التي تنتظرها في العام القادم، لنكتشف ان عملية البناء التي تتم، هي لهدم كل تلك الشعارات، بل والعمل على شطب كل تفصيلة من تفاصيل، الذاكرة الجمعية للفلسطينيين واقتسام هذا الدور مع من نصب نفسه واوكلت له مهمة التنفيذ ” في بناء المؤسسات “، والتساوق مع الأطروحات الإسرائيلية، في هذا الباب أنتج عقلية ” فلسطينية جديدة ” لها مهمة “رشيدة ” في الحفاظ على الأمن والقانون، الذي تخرقه كل تلك الشعارات المنادى لتصويبها، في المجتمع والثقافة الفلسطينيتين، فكيف تستقيم شعارات المصالحة والوحدة، بين زيف التضليل والقمع للعقل وللثقافة المقاومة في المجتمع الفلسطيني مع دعوات المصالحة، فالتحول الذي طرأ على مثقفي السلطة انحدارا لينبري البعض وصف التنسيق الأمني ومهمة كينيث ديتون وخلفه موللر على أنها تقنية بحتة ” كان الفلسطينيون بحاجة لها “
لا مصالحة مع الذات الأسيرة والتابعة، لسجانها وقاتلها، والقاضم لأرضها ولمقدساتها، إن لم يشرك الشعب الفلسطيني المعني بحقوقه التاريخية في العودة إلى أرضه وقريته واستعادة مقدساته، بصياغة مطالبه التاريخية، التي لم ولن يفوض أحدا للتنازل او الحديث بشأنها فلا مصالحة ولا وحدة لا تقوم على أساس، ركل كل أوهام ” السلام والمفاوضات “، والاتفاق على إستراتيجية واضحة لمواجهة العدو بدل التذمر السمج تارة من سياسته وتارة أخرى نتجول معه ونربت على كتفه، بينما نخفي الرأس مطأطئاً بين الكتفين للقبض على كل مقومات الوحدة والمصالحة الفلسطينية لنقدم الخداع ونحجب حقيقة الدور المناط بنا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ما تأثير طوفان الأقصى على المكانة الدولية لإسرائيل؟
المركز الفلسطيني للإعلام خلصت ورقة علميّة، أعدّها وليد عبد الحي وأصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان: "تأثير طوفان الأقصى على مؤشرات...

عائلات أسرى الاحتلال تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
المركز الفلسطيني للإعلام طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، اليوم السبت، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، محذرة من تصعيد القتال في القطاع كونه...

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...