السبت 03/مايو/2025

فلسطين غير السودان

فلسطين غير السودان

حين يعمد المسؤولون الفلسطينيون إلى الدفاع عن الخيارات الأحادية في وجه المتشككين فيها من الداخل الفلسطيني، فإنهم يخرجون من جعبتهم نموذجي كوسوفو واستقلالها في مجلس الأمن، ويضيفون إليه المساعي الأمريكية لتأمين انفصال جنوب السودان عن شماله وتشكيل دولة كاملة الأوصاف.

هذه هي فحوى ما قاله رئيس دائرة المفاوضات صائب عريقات في رده على المندوب الفلسطيني السابق في الأمم المتحدة ناصر القدوة. تصريح عريقات فيه بعض الاستخفاف بعقول المتابعين، فالمسؤول الفلسطيني يعمد إلى الاستعانة بتجارب دولية سابقة وحالية قامت خلالها دول من لا شيء. لكن عريقات يعمد إلى إسقاط كل المعطيات المحيطة التي كان لها الدور الأساسي في حسم خيار التصويت في مجلس الأمن لمصلحة دولة كوسوفو، أو في الاتجاه لقبول دولي عارم بالدولة الجديدة التي ستنشأ بعد استفتاء جنوب السودان.

معطيات لا يتوفر في الأراضي الفلسطينية أي شيء منها، سواء لجهة المقبولية السياسية الدولية أو لجهة ظهور مقوّمات الدولة المفترضة على أرض الواقع. لنبدأ من المعطيات السياسية التي أحاطت بكوسوفو وتحيط بجنوب السودان، والمختلفة كليّاً عن واقع الحال بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية. فعلى سبيل المثال، جاء الاعتراف بكوسوفو في عز الحديث عن الثورات الملونة في أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفييتي السابق، وسحب كل ما تبقى من دول تدور في فلك روسيا، وحليفتها الصربية. وجاء الاعتراف الغربي بكوسوفو في ظل هذه المناكفة بين واشنطن وموسكو، واستكمالاً طبيعياً لحرب البلقان في عام 1999، حين هاجم حلف شمال الأطلسي صربيا. وبالتالي فسحب الأوراق من موسكو استمر بعد أوكرانيا وقيرغيزيا، ووصل إلى كوسوفو، ليس بسبب شعور واشنطن بمعاناة الشعب الكوسوفي وحاجته إلى الاستقلال.

ولا حاجة لتذكير عريقات بالغايات التقسيمية الغربية التي تدفع واشنطن إلى الاستماتة في الدفاع عن استفتاء جنوب السودان، لتأمين موعده المقرر مطلع العام المقبل، والتلويح بكل ما تقدر عليه تأكيد تطبيق ما سيخرج عنه الاستفتاء، وهو بات واضح المعالم.

على هذا الأساس فلا مجال للمقارنة بين فلسطين والسودان وكوسوفو في ما يتعلق بالتمهيدات السياسية، ولا سيما إن كانت “إسرائيل” طرفاً مباشراً في هذا السجال. إضافة إلى ذلك، فإن مقومات قيام الدولة لا تزال غير جاهزة في الأراضي الفلسطينية، لا لجهة السيطرة الأمنية على الأراضي المفترض أن تكون حدود عام 1967، ولا لناحية البنية الاقتصادية المستقلة عن الارتباط بسلطات الاحتلال.

كل هذه المعطيات تعطي صفة الاختلاف بين الوضع الفلسطيني ووضع كل من كوسوفو وجنوب السودان، وتعطي دليلاً إضافيّاً على عدم نجاعة الخيارات الفلسطينية المتوخاة.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مصادر طبية عن استشهاد طفلة، اليوم السبت، بسبب سوء التغذية وعدم توفر الحليب والمكملات الغذائية جراء الحصار الذي...