الأربعاء 14/مايو/2025

انتظروا واقعية المعتدلين

حمزة إسماعيل أبوشنب

 

(سنقرر ما تريده هيلاري كلينتون ).. بهذه العبارة رد أحد الدبلوماسيين العرب على مراسل قناة إخبارية عربية، وذلك قبيل اجتماع لجنة المتابعة العربية _ في مدينة سرت الليبية _ قبل أسابيع قليلة، وقد جاءت هذه الكلمات بعد أن تلقي محمود عباس اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأمريكية أثناء توجهه إلى الاجتماع نفسه.

ولعل المتابع لقرارات لجنة المتابعة العربية، يشعر بالفعل أن المجتمعين إنما قرروا ما تريده الخارجية الأمريكية، وبالتأكيد بتوجيه من رئيس البيت الأبيض، لإعطاء الإدارة الأمريكية مهلة شهر كي تقنع (إسرائيل) بوقف الاستيطان لمدة شهرين، ولكن الطلب الأمريكي في حقيقته لم يكن لإقناع (إسرائيل) بتجميد أنشطة الاستيطان فحسب، بل ليتفرغ الرئيس أوباما لانتخابات التجديد النصفية للكونغرس، والذي يتهدده فقدان سيطرة الديمقراطيين لصالح الجمهوريين.

لم تكن المهل المتلاحقة لتقف عند حد الإقناع أو التفرغ، بل أضف إلى ذلك أنها كانت فرصة للحكومة الصهيونية لتقنع شركاء الحكم بإمكانية إيقاف البناء لمدة شهرين فقط، مقابل حزم سخية من الضمانات التي قدمها أوباما، ومن أهمها عقود التسلح الباهظة، والتي كان آخرها عقد لبيع طائرات F35 الشبح لدولة الكيان، لتحقق بذلك دولة الكيان تفوقاً عسكرياً صريحاً على المعتدلين والممانعين على السواء.

جاء قرار الانتظار مدة شهر أيضاً، ليقدم رئيس الحكومة الصهيونية هدية إلى أقطاب الحكم تتمثل بإقرار قانون المواطنة اليهودية، وليحال القرار إلى الكنيست في افتتاح الدورة الشتوية له، هذا القرار يجعل من يهودية الدولة أمراً واقعاً لا مفر منه، ليتحتم على العرب بعد ذلك التعامل مع هذه الواقعية، ليظلوا واقعيين معتدلين لا “متطرفين”.

اتخذت الحكومة الصهيونية هذه الخطوة لأنها تعلم أن هناك آذاناً ستسمع، ومن ثم تعمل على الواقعية المطلوبة في الجانب الفلسطيني المفاوض، ولعل حديث عباس مع أحد الصحفيين في نيويورك خلال دورة الجمعية العامة، وإلقاءه لخطابه أمام الجالية اليهودية حين قال : ( ليست لدي مشكلة في الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية إذا صادق الكنيست الإسرائيلي على ذلك) انتهى كلام عباس..وبدأت الإجراءات الإسرائيلية بخطوة حكومتها نحو يهودية دولتهم المزعومة..

لم تكن الخطوات الإسرائيلية لتطرح للتنفيذ _بعد أن كانت عبارة عن أفكار_لولا يقينهم بأن الأطراف المفاوضة معهم ستوافق على ذلك، فقد مهد عباس لذلك حين وافق على تبادل الأراضي مع الكيان، خلال لقائه مع رئيس الحكومة السابق “أولمرت”، كان ذلك يوم أن تفاخر بالتنسيق الأمني مع الصهاينة، رافعاً لشعار المفاوضات كخيار أوحد ووحيد.

خطورة القرار والخطوة الصهيونية لا تقف عند حد عرب 48 داخل فلسطين المحتلة، لأنه بمثابة المقدمة التي ستسهل سحب جنسية المخالفين لهذا القانون، خطوة أشبه ما تكون بتفريغ المجتمع العربي المناهض للكيان، فيما يمكن أن نسميه “عملية تهجير منظمة ومتدرجة بحق عرب الداخل”، وقد سبُقت هذه الخطوة بخطوات أخرى كقرار تغيير أسماء الشوارع و القرى، وأرى أنه ستستمر الخطوات المتلاحقة مادام هناك محور معتدل في العالم العربي يوافق على الواقعية التي تفرضها دولة الكيان الصهيونية بحقهم.

لكن هذه القرارات تسرع في انتفاضة في الداخل العربي في فلسطين المحتلة عام 48، قد لا تكون قريبة ولكنها حتمية، ولعل المواجهات في أكتوبر 2000، والتي استشهد فيها 13 من عرب الداخل مازالت حية ماثلة في الذاكرة الصهيونية، وقد تكون أعنف مما ستشهده الضفة الغربية خلال المرحلة القادمة، التي تعيش حالة من الغليان تسود مناطقها بعد موجة الاغتيالات المتواصلة بحق أبنائها، في ظل تنسيق أمني جبان، وربما ستكون على موعد مع عملية أو عمليات تشفي غليلها لتقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع، لتعلن بعد ذلك أن عباس لا يحتاج إلى بدائله التي طرحها في القمة العربية، ولا يحتاج حتى أن يشغل المعتدلين معه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...