أبو غريب أريحا وكلمات لا بدّ منها!

في زيارة مكوكية “سريعة” لبيت أحدهم، سألتهم أين “فلان”؟، قالوا : “ابننا معتقل عند “السلطة” في اريحا!”. تتلوها علامة تعجب كبيرة في وجه القائل والسائل على حد سواء، “أريحا”!!! يعني عذاب وضرب و “….”، اجتهدت لأجد كلمة مرادفة لـ”سجن أريحا” أهي “سجن تدمر”؟ أم “ليمان طرة”؟ “سجن القلعة”؟ وأخيراً وجدتها “أبو غريب الضفة الغربية”! [يا لـ”وكستنا”]. هنا الكل في بيت “الحاضر الغائب” مشدود الأعصاب، وشديد الحساسية لكل زاوية تخص المعتقل، هذا يفتش عن صوره، وآخر يبحث عن كتاباته وأشعاره و”خرابيشه”، وهذه تسرد موقفاً حدث معه، أما أمّه فتجلب قميصه ومتعلقاته فتشمها، وتحتضنها كأنها عضو حي من أعضاء وليدها، تناجيه وتحدثه، فتغلبها العَبرات تقطر كحبات اللؤلؤ على خدها مكسور الخاطر، “انتقل وبدون إنذار مسبق إلى “سجن أريحا”.. لم نعلم بالخبر إلا من وسائل الإعلام!”.
“سجن أريحا المركزي” له ذاكرة شديدة الظلام في تاريخ الحركات الفلسطينية، فحماس سُجن عشرات قادتها وأفرادها العسكريين بين جنابته، منهم القائد الشهيد عبد الله القواسمي من الخليل، والمهندس الشهيد مهند الطاهر، والشهيدين عادل وعماد عوض الله، وذاقوا آنذاك المر والعلقم من التعذيب والضرب، وتحدثوا عن ذلك في مذكرات أو مقابلات جرت معهم، أما الجبهة الشعبية فكانت شهادة على تسليم أمينها العام أحمد سعدات حينما كان مسجوناً في “أريحا”.
اليوم “سجن أريحا” بـ”ديكور” جديد، فالصحافة ممنوعة من الدخول، منضمة بذلك إلى وفود الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان، أضف إلى لائحة الممنوعين من الزيارة : أهل المختطفين، و محاميهم “على عكس ضباط المخابرات الإسرائيلية الذين يدخلون ويخرجون كما يشاؤون ضمن اتفاقات التنسيق الأمني برعاية الجنرال الأمريكي القديم والجديد”.
السطور السابقة لم تكن “وللأمانة المعرفية” تصويراً لما كان يحدث في سجني “أبو غريب” و “غوانتنامو” سيئا الصيت والسمعة قبل فضح ممارسات سجانيها على العلن، بل إنما هي صورة من مشهد سوداويّ يلف “سجن أريحا المركزي” في الضفة الغربية المحتلة.
شهادات مهولة تُسرّب بين الحين والآخر، لسجناء سابقين، “أحدهم” أفرج عنه قبل عملية الخليل يقول : ” التعذيب على أشُده…، أساليب متنوعة من الضرب بجميع أنواعه بما في ذلك أعضاء الذكورة حتى وصل الأمر إلى العبث بها!…، كنتُ في زنزانة، خُيّل لي أنها تحت الأرض!…، نمت على الأرضية عدة ليال دون غطاء وشبه عارٍ…، كان الجلاوزة يصبون عليّ ماءً شديد البرودة بعد كل حفلة تعذيب؛ لمنع الانتفاخ والاحمرار الذي قد يظهر على جسد المعتقل فور خروجه،… شبح متواصل، على الكرسي أو الباب أو الجدار!”!.وأضاف المعتقل : ” كان التحقيق يدور حور أسلحة تستخدم في المقاومة، سألونا عن مخازن أسلحة حماس،… وكان التحقيق يجري بواسطة ضابط من المخابرات الفلسطينية، وبجانبه رجل أو أكثر بلباس مدني يأخذ ملاحظاته و يناجي الضابط لسؤالي عن أشياء محددة بين الفينة والأخرى، علمنا فيما بعد أنه ضابط مخابرات إسرائيلي! “.
شهادة حيّة، ليست بحاجة إلى كثير من التعليق والاستنتاج أن الإنسان المقاوم هو هدف لكل هذه الأعمال الوحشية التي لم يتعرض لمثيلاتها جواسيس “إسرائيل” هنا في الضفة الغربية!.
الأجهزة الأمنية تصارع نفسها من جديد، لإثبات وجودها بكثير من الملاحقة والمطاردة والتنسيق والقتل “إن لزم الأمر” لمجاهدي الضفة الغربية، وهذا نذير خراب ودمار لهذه المؤسسة اللاوطنية، لأن عقدة “حماية العدو” و”صيانة مستوطناته” اتفاقية لا يقبل بها “فضلاً عن تطبيقها” إلا كل “خائن” بانت خيانته بينونة كبرى!.
القاسي في الأمر، سكوت الكثيرين من وجهاء العائلات والمناطق عن هذه الحماقات التي تهدد السلم الاجتماعي والأهلي، وتنذر بكارثة مجتمعية، وردّة أخلاقية يسببها جيل “الـتأمرك” و “التمولر” الذي تتم بلورته الآن في المؤسسات الأمنية “الفلسطينية”، التي يقودها جنرالات “التنسيق الأمني” والذين ضمنوا بأفعالهم طريق الذهاب والإياب إلى “تل أبيب” بمرافقة أصدقائهم “ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي!”.
يجب على الفصائل الوطنية والإسلامية العاملة أن تعلم أن اعتقال أبناء حماس، هو مقدمة لاعتقال أبناء الجهاد الإسلامي “كما رأينا”، وهو مقدمة لاعتقال أبناء الجبهة الشعبية “كما سنرى”، واعتقال أبناء الأحزاب الأخرى ؛ لأن ملاحقة مناصري حماس ستتبعه ملاحقات ومطاردات لكل صاحب فكرة وكلمة وطلقة من أبناء شعبنا على اختلاف منهجه الأيديولوجي ومدرسته الكفاحية. وعلى هذه الحركات التحرك الفاعل من أجل رفع الظلم الواقع على شعبنا الضفاوي، و ليس بأقل من تنظيم الندوات والمؤتمرات الصحفية والتقارير والنشرات التي تبين خطر أفعال السلطة البوليسية.
حماس تمضي اليوم بخطىً ثابتة للمصالحة “المحسوبة”، لحفظ ما بقي ” وهو جدير بالحفظ والحماية” من عتادها ومخزونها العسكري والقيادي في الضفة، وهي ماضية في التفتيش عن أفضل الوسائل وأسرعها لوقف آلام المجاهدين في “مسالخ السلطة”، وهي تعلم أن قرار المصالحة مع فتح اليوم، سيبقى منقوصاً وشكلياً ما لم يخرج جميع معتقلي الحركة الذين جاوز عددهم المئات من خيرة وصفوة جنود التحرير من سجون “السلطة المولرية”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...