عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

التحديات الأمنية والإستراتيجية التي تواجه الكيان الصهيوني

التحديات الأمنية والإستراتيجية التي تواجه الكيان الصهيوني

مقدمة

يشير “التقدير الاستراتيجي لإسرائيل 2010” الذي أصدره معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إلى أنه في السنة الماضية لم يطرأ انفراج يتيح لإسرائيل التصدي بصورة أفضل للتحديات في محيطها الاستراتيجي. وعلى الرغم من أن إسرائيل أثبتت في السنوات الماضية قدرتها المثيرة للانفعال على إمرار رسائل عسكرية رادعة، لكن هذا الإنجاز كان مصحوباً بثمن سياسي باهظ. فالانتقاد الدولي على شدة الرد الذي قامت به إسرائيل رداً على الاستفزازات العسكرية، وعلى نطاقه، من شأنه أن يردع إسرائيل عن القيام بخطوات ضرورية لتجديد الردع عندما تنتهي صلاحيته.

إضافة إلى تحدي صدّ الاحتجاج الدولي، والشرق الأوسطي والأوروبي خصوصاً، الموجه إلى التصدي العسكري للتحديات السياسية المناطقية، يتعين على إسرائيل أن تتصدى أيضاً للتآكل في أساس قوة ردعها.

مغزى الأمور هو أن إسرائيل تقف أمام فترة سيتعين عليها فيها الحسم في مواضيع سياسية وأمنية جوهرية. وسيكون لهذه القرارات الحاسمة تأثير حتمي على الحلبة السياسية الداخلية. فإسرائيل موجودة في وضع يمكن أن تهز، محاولة جعل محيطها الإقليمي والدولي مستقراً، الحلبة الداخلية فيها، وكل جهد لمنع هذه الهزات سيكون منوطاً بثمن دبلوماسي وبصعوبة في استيعاب التحديات الأمنية.

إسرائيل موجودة في فترة تتميز بتفاقم سريع للتهديدات الأمنية والسياسية المحدقة بها. تدهور الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في الفترة الأخيرة حصل في جزء منه في أعقاب تطورات في الشرق الأوسط والساحة العالمية، لإسرائيل سيطرة محدودة فقط على حجمها وآثارها، وفي جزء آخر نتيجة غياب رد ملائم من المؤسسة السياسية في إسرائيل على هذه التطورات. الحكومة الإسرائيلية، المؤلفة من عناصر سياسية ذات تصورات قطبية في ما يتعلق بجزء من المشاكل المفتاحية المطروحة على جدول أعمالها، امتنعت عن بلورة سياسة متوالية ذات أهداف واضحة تتصل بهذه المشاكل. وبدلاً من ذلك، اختارت تأجيل القرارات أو امتصاص الضغط الدولي الفوري عبر خطوات جزئية.

لذلك، بعد أكثر من سنة على بداية ولاية الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، إسرائيل موجودة في وضع لا تملك فيه ردوداً على أكثر التحديات التي تؤثر على مكانتها السياسية ووضعها الأمني في السنوات المقبلة.

الموقف من التسوية

تباين الآراء داخل الحكومة الإسرائيلية يتركز على مسألة الاستعداد للمفاوضات تمهيداً لحل وسط سياسي وإقليمي في الساحتين اللتين تمثلان المفتاح لتحسين المكانة الإقليمية لإسرائيل، وتبعاً لذلك على مكانتها الدولية أيضاً: النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والنزاع الإسرائيلي السوري.

المعارضون للسعي العملي لحل وسط غير مستعدين لدفع الأثمان التي تكمن في دفع الاتفاقات وبلورتها، وخاصة في ما يتعلق بالبعد الإقليمي (الجغرافي). وينطلق هؤلاء المعارضون في موقفهم من أسباب متنوّعة، جزء منها إيديولوجي في أساسه.

وتعود الأسباب الأخرى إلى فقدان الثقة بنيات الطرف الآخر وقدراته على تأدية دوره في الاتفاقات، إذا ما تحققت، ومن هنا الخشية من إمكان أن تنتج التنازلات الإقليمية خطراً أمنياً لا يحتمل. وتكمن أسباب أخرى في السياق السياسي، منها ما هو مرتبط بالخشية من المواجهة مع المعارضين للحل في الجمهور الإسرائيلي.

في مقابل ذلك، يرى آخرون من أعضاء الحكومة أن السعي إلى الاتفاقات هو مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى. ويرتكز هذا الموقف على تقدير مفاده أنه إذا لم تسعَ إسرائيل إلى دفع الاتفاقات في ساحتي النزاع (الفلسطيني والسوري)، فستدفع ثمناً كبيراً.

على المدى القصير سيكون ثمناً سياسياً، سواء على صعيد تدهور العلاقات مع لاعبين دوليين أساسيين، أو في ما يتعلق بالمسار المتسارع لنزع الشرعية عن إسرائيل، إضافة إلى أخطار أمنية جسيمة. وعلى المدى الطويل ستقف إسرائيل أمام تهديدات متعاظمة، وأيضاً أمام تهديد ملموس لطابعها كدولة يهودية ديموقراطية للشعب اليهودي.

المسار الفلسطيني

في أعقاب الضغط الدولي، وعلى نحو أساسي الضغط الكبير من جانب إدارة الرئيس أوباما في استئناف المسار السياسي، قررت الحكومة الإسرائيلية تفضيل المسار الإسرائيلي الفلسطيني واستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وعلى ما يبدو انطلاقاً من تقدير بأن الأثمان السياسية للجمود على هذا المسار، سواء من الناحية الداخلية أو الدولية، ستكون أعلى بكثير من الأثمان التي ستترافق مع الجمود في الساحة الإسرائيلية السورية. ويبدو أن هذا التفضيل يستند أيضاً إلى تقدير بأن إسرائيل ستنجح في مواجهة التهديدات الأمنية النابعة من الجمود على المسار السوري، وعلى نحو أساسي من خلال الردع الذي تحقق منذ حرب عام 2006 في لبنان.

انسداد المسار السياسي دفع الفلسطينيين إلى دراسة حل أُحادي عبر إقامة دولة فلسطينية بدون تعاون مع إسرائيل ويستند إلى ضغط المجتمع الدولي على إسرائيل… لكنّ تحدياً أخر يفرض على إسرائيل مواجهته، هو أن يهدد إمكان انسداد المسار السياسي مكانة السلطة الفلسطينية وبقاءها بصيغتها الحالية، ما سيؤدي إلى وضع تذهب فيه إنجازات بناء القوى الأمنية الجديدة للسلطة الفلسطينية بمساعدة الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأردن، أدراج الرياح. هذا إلى جانب الآثار الأمنية على إسرائيل نتيجة تقوض الوضع الأمني في الضفة الغربية، الذي يمكن أن يترافق أيضاً مع تصعيد في غزة.

وتكمن في الوضع العقيم للمسار السياسي آثار خطيرة على المكانة الدولية والإقليمية لإسرائيل. ففي السنة الأخيرة توترت، على خلفية الجمود السياسي، العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة التي تمثّل سنداً استراتيجياً لإسرائيل.

نزع الشرعية

الجمود على المسار السياسي، وخصوصاً الانتقاد لدور إسرائيل في هذا الجمود من جانب شركاء لإسرائيل وبينهم أصدقاء بارزون لها، سرَّع مسار نزع الشرعية لإسرائيل في الساحة الدولية. حتى إن الحكومات الصديقة لإسرائيل تجد صعوبة في مواجهة كراهية إسرائيل في الرأي العام لدولها. المسارات العسكرية لإسرائيل في السنوات الأخيرة، وعلى نحو أساسي الحربان على لبنان وغزة، أدت إلى تفاقم الانتقادات لما اعتُبر خرقاً للقانون الدولي.

تقرير غولدستون والتعامل الدولي معه عبّر جيداً عن هذا الجو. وأسهم الاحتكاك بين إسرائيل والولايات المتحدة، على خلفية السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية، إسهاماً كبيراً في مسار نزع الشرعية. هذا إلى جانب أن الانتقاد الشديد لإسرائيل من الولايات المتحدة، حليفتها المقربة وراعيتها، أزال القيود وأعطى الضوء لمهاجمة إسرائيل بدون كوابح.

التحديان اللبناني والفلسطيني

حزب الله وحماس يُعدّان أداة رئيسية في يد إيران في صراعها مع إسرائيل، والدول العربية المعتدلة والغرب. لكن كونهما منظمتين سياسيتين تتوجهان إلى الجماهير المحلية التي تريدان تمثيلها، ثمة جدول أعمال مستقل لهما. لهذا السبب لم يجد التوتر المتزايد بين المعسكر الذي ترأسه إيران وإسرائيل، تعبيراً له في السنة الماضية على حدود إسرائيل مع لبنان ومع قطاع غزة. فالسنة الماضية كانت من الفترات الأكثر هدوءاً لإسرائيل من الناحية الأمنية من ستينيات القرن الماضي.

هذا الهدوء أتى نتيجة تعزز الردع الإسرائيلي ونتيجة اعتبارات داخلية لحزب الله وحماس على حد سواء، التي تبلورت في أعقاب المعارك العسكرية في لبنان ( 200) وقطاع غزة (2009). فقيادة حزب الله تتصدى للضرر السياسي الذي لحق بها جراء صورتها كمن جرّت لبنان إلى حرب جلبت عليها الكارثة بسبب مصالح أجنبية، لذلك لا تتحمس هذه القيادة لمواجهة جديدة مع إسرائيل.

مع ذلك، استغل حزب الله وحماس العام الماضي لتعزيز قدراتهما العسكرية وزيادة مخزونهما من السلاح، فيما هما يتقدمان في امتلاك قدرات على إطلاق مقذوفات صاروخية، وربما صواريخ أيضاً إلى عمق إسرائيل. في هذه المرحلة الردع الإسرائيلي مستقر على الجبهتين، لذلك فإن الكلام الذي يصدر من لبنان بصورة أساسية عن حصول حرب في المستقبل القريب، يبدو من دون أساس، لكن يصعب على الردع وحده ضمان الهدوء لفترة زمنية طويلة؛ كذلك فإن على الجبهتين أيضاً بعض العناصر التي تهدد الاستقرار.

هكذا، على سبيل المثال، فإن أي هجوم من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة على المنظومة النووية الإيرانية، يمكنه أن يفضي إلى حصول ضغط من جانب إيران على حزب الله للمشاركة في المعركة وإشعال الحدود الشمالية لإسرائيل. صحيح أنّ من الممكن أن تختار إيران الامتناع عن تعريض موقعها في لبنان للخطر أيضاً، في الوقت الذي تكون فيه عرضة للهجوم العسكري.

كذلك، لا ضمانة في أن ممارستها الضغط ستُفضي فعلاً إلى قيام حزب الله بعملية ضد إسرائيل: من شأن قيادة حزب الله أن ترتدع عن المواجهة التي تعزز صورتها باعتبارها مستعدة للتضحية بلبنان لخدمة مصلحة أجنبية. في المقابل، لم ينجح حزب الله حتى الآن في الانتقام من إسرائيل رداً على تصفية أحد كبار قادته، عماد مغنية، ومن شأن الحزب أن يخطئ في تقدير رد إسرائيل وينفّذ عملية ثأر تشعل الجبهة اللبنانية.

على الجبهة الجنوبية، عنصر عدم الاستقرار الرئيسي هو الضغط الداخلي والخارجي المتزايد على حماس. فالتغيير في سياسة مصر في أعقاب فشل مساعي المصالحة بين حماس وفتح، وكذا كشف شبكة حزب الله في مصر، وجد تعبيراً له في النشاط المتزايد والفعال جداً لوقف تهريب الوسائل القتالية والأموال إلى قطاع غزة. وقد واجهت حماس ضائقة مالية، نتيجة تقليص عمليات تحويل المال من إيران. هذه الحقيقة تسهم أيضاً في تراجع شعبية الحركة.

وإذا استمر هذا التراجع في وضع حماس، فمن شأن قياداتها التوصل إلى خلاصة مفادها أن جولة إضافية من العنف ستنقذها من الضائقة. وثمة سيناريو آخر، هو أن تؤجج حماس تصعيد المواجهة مع إسرائيل لإحباط التقدم الفعلي في المفاوضات بين إسرائيل والسلطة. لكن معقولية هذا السيناريو متدنّية، نتيجة تدني معقولية حصول انفراج في هذه المفاوضات.

من المحتمل جداً ألّا تصل الميول السلبية التي تجعل الوضع الاستراتيجي لإسرائيل أكثر سوءاً إلى مرحلة النضج، وألا تجد تعبيراً دراماتيكياً لها في السنة المقبلة. على هذه الخلفية، قد ينشأ في إسرائيل وهم التهدئة، لكن هذا الوهم يعزز التقدير بأن الوضع الراهن هو الخيار الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل، ويمنع تركيز الجهود لتحسين وضع إسرائيل ومكانتها الإقليمية والدولية، ويمنع حصول تدهور إضافي.

سوق السلاح

يواصل الشرق الأوسط كونه أحد الأسواق المهمة في العالم لبيع السلاح. شراء الأسلحة هو عملية بطيئة لا تؤدي إلى تغييرات في القدرات العسكرية لدى الدول بين ليلة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...