الإثنين 05/مايو/2025

اهالي سلوان .. انتفاضة في مواجهة حملات التهويد والتهجير وتزوير التاريخ

اهالي سلوان .. انتفاضة في مواجهة حملات التهويد والتهجير وتزوير التاريخ

لم تأت عملية المواجهة والمطاردة التي تمت في سلوان المقدسية امس والتي اسفرت عن استشهاد الشاب سامر سرحان واصابة خمسة آخرين على يد قوات المستعربين والمستوطنين ، هكذا عفوية وبلا تبييت مسبق من قبل الاحتلال ، بل انها تأتي في سياق مسلسل مفتوح من المواجهات والصدامات الساخنة منذ سنوات عديدة ، بل انها لا تتوقف عمليا ، وذلك على ارضية ما تقوم به دولة الاحتلال في المنطقة من حملات هدم واستيلاء وتهويد.

ويتركز التصعيد الاخطر للاحتلال باتجاه حي البستان في سلوان ، اذ تعتبر البلدة المقدسية المنطقة الاكثر تركيزا من قبل الاحتلال في قصة الحفريات حول الهيكل ، فمن “يسير في الطريق التاريخي الذي يلتف حول أسوار البلدة القديمة بالقدس ، ويلتف باتجاه عقارب الساعة.. على اليمين تطل قبة المسجد الأقصى على الطريق الواصل بين باب الأسباط وباب المغاربة ، هذه القبة التي تتجه أنظار المسلمين إليها لقدسيتها ، وتتجه إليها أيضا أنظار اليهود لزعمهم بوجود الهيكل تحتها ، ويرى المسافر على يسار الطريق إشارة صغيرة برتقالية تشير إلى “عير دافيد” باللغة العبرية ، أي مدينة داود ، وإذا تبع اللافتة البرتقالية فسيجد نفسه حقيقة في سلوان”.

وخلال السنوات الماضية تمكنت الجمعيات الاستيطانية من السيطرة على منازل عديدة في مناطق متفرقة من سلوان مثل “عين اللوزة” و”عين الحلوة” وحولتهما إلى بؤر استيطانية محاطة بحماية أمنية مشددة ، كما سيطرت هذه الجماعات على مساحة مهمة من الحي ، وكانت شرعت خلال سنوات القليلة الماضية في تهيئة المنطقة لإعادة بناء ما تطلق عليه “مدينة داود” وهي التسمية العبرانية لحي سلوان.

وتعد هذه المنطقة قلب ما يعرف بـ”الحوض المقدس” وهي تسمية أطلقها المفاوضون الإسرائيليون في مفاوضات كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 وأصروا في حينه على احتفاظهم بالسيطرة عليها. وكانت مخططات استيطانية عدة أعلنت في السابق لربط سلوان بالقدس القديمة ، خاصة منطقة حائط البراق ، منها شق نفق أسفل سور القدس يفضي إلى ساحة “البراق” ، و”الحي اليهودي” المقام على أنقاض حارة الشرف ، بغرض توفير الأمن والحماية للمستوطنين خلال تجوالهم وتنقلهم بين سلوان والقدس القديمة.

وتكمن أهمية “سلوان بالنسبة لهم” لإدعاء اليهود بوجود آثار للهيكل المزعوم” ، وهذا ما أكده عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان ومدير مركز البستان للتنمية وحقوق الإنسان ، فخري أبو دياب ، الذي قال “إن عدد البؤر الاستيطانية في سلوان يبلغ 55 بؤرة تشمل منازل وساحات وعمارات شقق ، تتركز في “وادي حلوة” لأنهم يعتقدون بأن نشأة الدولة العبرية اليهودية – قبل ثلاثة آلاف عام – كانت في وادي حلوة”. وأوضح أبو دياب “أن طرق الاستيلاء على العقارات العربية تكون بعدة أساليب ، كتزوير الوثائق أو شرائها من أصحابها ذوي الضمائر الميتة ، أو تحويلها لليهود باعتبارها أملاك غائبين”.

أما بخصوص الأنفاق التي يتم حفرها أسفل “سلوان” باتجاه أسوار المسجد الأقصى ، فأكد أبو دياب “أن هناك خمسة أنفاق تم حفرها منذ سنوات ، منها ما يصل إلى سور الأقصى وآخر يصل إلى حائط البراق ، ومنها ما يصل إلى منطقة سلوان الجنوبية ، وما زالت الحفريات جارية على قدم وساق”.

وقال مركز صامد للتثقيف المجتمعي في القدس المحتلة “ان الاحتلال يستهدف خلال عمليات الهدم الذي ينوي القيام بها منازلا يعود تاريخها إلى قبل 200 عاما وأكثر” ، واضاف في بيان له” ان ما يجري في حي البستان ، يأتي في إطار التطهير العرقي للشعب الفلسطيني وتاريخه الطويل في المدينة”. واعتبر المركز” أن مخطط إزالة حي البستان في بلدة سلوان هو الأكثر خطورة بكل المقاييس و المعايير سواء من حيث الاستهداف أو الأهداف وتداعيات ذلك على مدينة القدس يشكل عام وعلى المسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص ، حيث يقع حي البستان إلى الجنوب من المسجد الأقصى ، الأمر الذي يعني تعريه المسجد الأقصى من هذه الجهة بالكامل”.

اما لماذا هذا الهجوم الاستراتيجي على سلوان…؟،.فقد جاء في تقرير يصف ما يجري هناك: “بيوت تاريخية.. بقايا أشجار تفوح من أغصانها رائحة التين والرمان.. خرير المياه المتدفق يداعب المكان قبل أن يختفي في جذور الأشجار التي تزين البساتين وحدائق البيوت.. ملامح من الجمال الرباني ظل يعيشها لمئات السنين أهالي حي البستان في قرية سلوان بمدينة القدس المحتلة ، والذي يعد “المفتاح لأنفاق الأقصى التاريخية ، لكن نشوة أهالي الحي بذلك الجمال بدأت تتبدد ، وحل القلق والتوتر محلها بعد أن قررت بلدية الاحتلال بالقدس هدم الحي وطرد ساكنيه ، ووزعت بلاغات على السكان المقدر عددهم بنحو 1500 مواطن ، تطالبهم فيها بترك منازلهم تمهيدا لهدمها وإقامة حديقة عامة مكانها بحجة “عدم وجود تراخيص بناء” للمنازل التي يعود تاريخ معظمها للفترة بين عامي 1860 و 1920″.

وعن حقيقة ما يجري هناك في حي البستان في سلوان المقدسية جاء في تقرير لمؤسسة القدس الدولية: “ان هناك اربعة اهداف وراء مخطط الاحتلال في القدس هي: محو الهويّة العربية والإسلاميّة لمدينة القدس واستبدالها بهويّة يهوديّة من الناحيتين التاريخيّة والدينيّة. ترحيل عدد كبير من المقدسيّين إلى مناطق أبعد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة أو حتى ترحيلهم خارج مدينة القدس. عزل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية الفلسطينية في مدينة القدس ، مما يحرم المسجد من أحد أهمّ خطوط دفاعه ، ويُسهّل على المحتلّ الاعتداء عليه كيف ومتى أراد. تحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال ، وكتلة E1 الاستيطانيّة في الشرق ، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب” ، مضيفة :”ان الاحتلال يسعى الى تهويد”الحوض المقدس” تحت الاقصى المبارك ، وانشاء مدينة اثرية مزعومة مطابقة للوصف التوراتي ل”اورشليم المقدسة”.

وعن مشروع تهويد “الحوض المقدس” قالت المؤسسة ، لهذا المشروع أهدافّ متعدّدة على مختلف الصعد الثقافيّة والسياسيّة والديمغرافيّة والدينيّة – اعلاه – ، وحتى اليوم قطعت “اسرائيل” بالفعل شوطاً كبيراً في مشروعه هذا ومن أبرز ما تحقّق منه: إنهاء عدد كبير من المزارات الأثريّة تحت المسجد الأقصى وضاحية سلوان جنوب المسجد ، وفتحها أمام الزوّار من اليهود والسائحين. إنهاء القسم الأكبر من “مدينة داوود” الأثريّة الموجودة اليوم فوق الأرض في حيّ وادي الحلوة في ضاحية سلوان وافتتاحها أمام الزوار من اليهود والسواح. إقامة بؤر استيطانيّة في الأحياء العربية الفلسطينيّة المحيطة بالمسجد الأقصى ، خصوصاً في الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة وفي ضاحية سلوان وحيّ الشيخ جرّاح. عزل الأحياء الفلسطينيّة المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى عن بقيّة القدس من خلال الجدار الفاصل ، والحواجز ، ومنع سكّان هذه الأحياء من استخدام عددْ كبير من الطرق والشوارع الرئيسة “لدواعْ أمنيّة”.

الحقيقة الساطعة اذن ، ان هناك اجندات احتلالية ايديولوجية وسياسية تهويدية تقف وراء كل ما يجري على امتداد مساحة منطقة سلوان.. والحقيقة الكبيرة ان اهالي سلوان ومعهم اهل القدس في كل مكان هم عمليا في مواجهة حملات احتلالية متصلة شرسة تستهدف تهويد المنطقة وتهجير اهلها وتزوير تاريخها وتراثها ليصبح تاريخيا يهوديا.. وهم بذلك لا يتوقفون عن سياسات التطهير العرقي في المنطقة.

تحتاج سلوان كما تحتاج المدينة المقدسة الى حسابات ومواقف واولويات فلسطينية وعربية مختلفة اوضح واشد حزما وتأييدا من قبل الجامعة والقمم والدول العربية….،

الدستور، عمّان، 23/9/2010

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات