الإثنين 12/مايو/2025

لماذا يبدي الصهاينة أسفهم على تضييع عهد مبارك؟

لماذا يبدي الصهاينة أسفهم على تضييع عهد مبارك؟

ستندم اسرائيل في المستقبل لأنها لم تحقق من الانجازات في عصر مبارك ما يستطيع هو وحده ان يقدمه.

“هل مات؟” سألني أحد معارفي في نهاية الأسبوع. “ليس بعد”، أجبت “ينشر المصريون أنه حتى حراسه الشخصيون لا ينجحون في اللحاق به في المشي”.

لم يقتنع معرفتي. “مؤسف، كان خاصة شخصا جديا”، قال وكأنه قد مات. “الميت” هو رئيس مصر، الذي لا يكف عن كونه حيا جدا ونشيطا جدا.

لكنهم في اسرائيل وفي واشنطن خاصة اللتين بدأوا فيهما التفكير في نهايته، يتصرفون وكأن مبارك سيعيش الى الأبد.

ما يزال مبارك هو الزعيم الذي يستطيع ويريد تقديم مسيرات. فاذا اقتنع بأن الوقت قد حان، فانه يستطيع تقديم التفاوض المباشر بين اسرائيل والفلسطينيين، وهو الوحيد القادر على منحه الرعاية. وهو أيضا المحرك الهادر، الذي يجهد نفسه منذ 3 سنين في احداث مصالحة فلسطينية داخلية.

مبارك هو الزعيم العربي الوحيد الذي لا يخاف حزب الله، ولا يتحدث الى بشار الأسد ويكف جماح حماس. وهو مع السعودية، يقيم سورا حصينا في مواجهة انتشار تأثير ايران في المنطقة وهو يرأس المحور الذي سمي ذات مرة “المحور المعتدل” وهو اليوم يناضل المحور الجديد، الذي تشارك فيه سورية وتركيا وايران والعراق.

ليس مباركا نشيطا صهيونيا ولا يحدد سياسته على حسب المصلحة الاسرائيلية. لكن عرض ان التقت المصالح الاسرائيلية المصرية واستوت أمورها جيدا.

في مقابلة ذلك تسخن سورية المحركات، كي تستطيع ان تحرز لنفسها دورا مهيمنا في المنطقة، عندما ينصرف مبارك. ففي الاسبوع الماضي مثلا التقى في دمشق المرشحان لرئاسة الحكومة في العراق مع الوزير الخارجية التركي، الذي التقى هناك ايضا زعيم حماس خالد مشعل.

أصبحت سورية فجأة وسيطة في شؤون العراق الداخلية وبهذا زادت أهميتها في نظر واشنطن أيضا، التي تطمح الى بدء الانسحاب من العراق في آب. إن تركيا، التي رتبت اتفاق تبادل اليورانيوم مع ايران، تسعى هي ايضا الى علاج النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. أتى مصر في الاسبوع الماضي رئيسها عبدالله غول لتنسيق المواقف مع مبارك.

لا يتعجل مبارك اشراك الاتراك، وهو مثل اسرائيل يخاف من أن تركيا تعزز حماس على حساب السلطة الفلسطينية. وهو يؤمن بأن القضية الاسرائيلية الفلسطينية يجب أن تظل في مجال العناية العربية وألا تنقل الى تركيا وايران.

وهو يشفق من أن التدخل الايراني والشراكة التركية قد يحطمان المبادرة العربية من سنة 2002، التي اصبحت القاسم المشترك  العربي الأهم الذي يمكن أن يمنح ضمان انهاء النزاع. إن شركاء جددا قد لا يقوون سورية على حساب مصر فحسب بل انهم بعيدون عن المصالح المحلية وفيها مصالح الفلسطينيين انفسهم زيادة على مصالح اسرائيل.

لكن مبادرة مبارك، وبخاصة جهوده للحفاظ على المحور الموالي لامريكا، تضطر الى تدبير الامور وفوق اقدامها وزن ثقيل جدا. وتتصرف اسرائيل في مواجهتها وكأنها تراقب ناحية وكأن الأمر لا يهمها. فبدل ان تجري لعقد صفقة بواسطة مبارك ما ظل ذلك ممكنا، اصبحت على ثقة بأن المخيم الصيفي سيستمر الى الابد.

صحيح، يحل التمتع بنشوة المشاعر على أثر اللقاء الاخير بين نتنياهو واوباما، ولاحتضان المحب، والصورة المشتركة المهمة جدا، لكن هذا المشهد ايضا سيكون له سعر باهظ. لان اسرائيل ترى المسارات المحلية سخافات ليست لها قيمة استراتيجية.

وهي تفضل ان تشغل نفسها بنبوءات آخر الزمان في “أحرب أم لا حرب”، وهي تعد رؤوس الصواريخ عند حزب الله وتقييس تخصيب ايران لليورانيوم. وهي ترى النجاح تطوير “القبة الحديدية”، او وسيلة قتالية متطورة اخرى. لكن ميدان المعركة الاصعب خاصة موجود اليوم في تلك القوافل البحرية، وفي ساحة الأمم المتحدة، وفي تقارير تحقيق بمقدار حب واشنطن.

ولن يساعدها في مواجهة كل ذلك أي “قبة حديدية”. وفي هذه ايضا بالمناسبة، تبينت قوة مبارك الذي وافق على صرف مسار القافلة الاخيرة الليبية الى ميناء العريش. وحبه لهذه القوافل البحرية كحب اسرائيل بالضبط.

ستضطر اسرائيل بعد وقت ما الى ان تفحص ما الذي كانت تقدر على تقديمه وتحقيقه في ولاية مبارك ولم تقدمه وأهملت ولم تسو امورها وباختصار أجرمت في حق الجمهور. ما تزال الفرصة لم تمر، لكن من يفحص بدقة كبيرة عن نبض مبارك يجب عليه أن يلحق بسيره مثل حراسه.

هآرتس، 25/7/2010

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات