لماذا تبدو المفاوضات مع حماس أكثر جدوى؟

“لعل من الافضل ان تتوجه اسرائيل الان الى حماس باقتراح أوسع وأكثر جرأة؟ اقتراح للموافقة على تفاهمات تتضمن وقف نار مطلق، وقف كل العنف من غزة ورفع الحصار عنها؟”.
هذا الاقتراح طرحه الاسبوع الماضي الكاتب دافيد غروسمان كان التقرير الرئيس في “هآرتس”. اقتراح يساري مجنون؟ في مقابلة مع “ذي ماركر” يسأل البروفيسور اسرائيل اومان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والرجل اليميني الذي لا يتردد في استخدام القوة كي “يحترمونا” – “لماذا نجري محادثات مع من ليس لديه قوة؟… انا لست مع محادثات تقارب على الاطلاق، ولكن اذا حصلت هذه، فعندها فمع من لديه ما يقوله”. اومان هو الاخر يريد محادثات مع حماس.
يبدو أن سحر حماس يتجاوز الخطوط الايديولوجية. الفكرة التي تقول ان الدولة التي لا تفهم سوى القوة يجب أن تتحدث فقط مع من لديه قوة تنطوي على اغراء هائل.
ولكن يدور الحديث عن منطق مشوه، ولد من احساس حقيقي بانعدام الجدوى من ناحية غروسمان، ومن مفهوم ان “حلف الزعران” هو القناة المناسبة الوحيدة من جانب اومان. غير أنه عندما يقف اليمين واليسار عند باب المنظمة، ولا يهم كيف يصفون هذه المنظمة، فإن هذا مؤشر واضح على جنون المنظومات.
حسب منطق “حلف الزعران” على اسرائيل أن تكف عن التطلع للسلام مع سوريا وان تكتفي بمفاوضات مع حزب الله. وهي لا تحتاج الى سلام مع مصر بل فقط لهدوء من جانب الاخوان المسلمين.
وفي واقع الامر، لماذا لا تدير اسرائيل مفاوضات منفصلة ليس فقط مع حماس بل وايضا مع الجبهة الشعبية، الجهاد الاسلامي او اللجان الشعبية؟ فهؤلاء ايضا لديهم قدرة على العمل ضدها.
المفاوضات مع حماس – حتى وان كانت حماس مستعدة لها، وهي ليست كذلك، بالضبط مثلما هي اسرائيل هي مستعدة لها – لا تشبه على الاطلاق المفاوضات التي جرت مع م.ت.ف قبل اتفاق اوسلو.
فقد جرى في حينه الحديث عن اعتراف اسرائيلي بتمثيل فلسطيني يعترف به كل العام العربي ومعظم الفلسطينيين، عن قيادة فلسطينية اقترحت ليس فقط اتفاق شامل، بل وايضا وعدت باخضاع كل عناصرها ومواطنيها الى ذاك الاتفاق وبالاساس – عن استعداد اسرائيلي للسماح بقيام دولة فلسطينية، حتى وان كانت فيها اجزاء غير راضية، الا انها ستسيطر في كل اراضيها وتضمن تنفيذ الاتفاق.
هذا الاتفاق انهار، ولكن ليس الاعتراف المتبادل بالضرورة الكامنة في ان الحكومتين الفلسطينية والاسرائيلية، وليس المنظمات، ستديران المفاوضات على تعديل الاتفاق.
غير أن اسرائيل ارادت احتكارا على اختيار الشريك. فقد رفضت الاعتراف بحكومة حماس التي تشكلت في 2006 وبعدها بحكومة الوحدة الفلسطينية لفتح وحماس، مع أنها كانت حكومة تمثيلية منتخبة – حكومة فلسطينية وحيدة كان يمكنها أن تدير مفاوضات ملزمة مع اسرائيل باسم كل الفصائل الفلسطينية.
المقاطعة الاسرائيلية – الامريكية لتلك الحكومة كانت العامل المركزي، وان لم يكن الوحيد، في ان القيادة الفلسطينية انقسم الى سلطتين، سلطة حماس في غزة وسلطة فتح في الضفة. لاسرائيل اليمينية كان هذا حلا مريحا.
مع حماس تدار حرب ومع السلطة الفلسطينية يجرى “احتلال متنور”. ولا تدار مع أي منهما مفاوضات حقيقية للسلام. مع حماس لا يمكن ومع السلطة لا حاجة، لأنها الطرف الضعيف في المعادلة.
المفاوضات مع حماس ستعزز فقط قوة الخدعة. اذا ما جرت، فهي ستكون في اقصى الاحوال مفاوضات لتهدئة الخوف، لوقف النار، ولكن هذه ليس فقط لا تنطوي على جدوى سياسية، بل ستحطم هذه الجدوى الى الاف الشظايا. إذ أنه عندما تعطل الدولة التي لا تفهم سوى لغة القوة التهديد عليها باتفاق جانبي، فما الذي سيحفزها على أن تدير مفاوضات تستوجب انسحابا من المناطق؟
المفاوضات مع حماس يجب ان يديرها محمود عباس وليس بنيامين نتنياهو. أما اسرائيل من جهتها، فينبغي أن تشجع المصالحة الفلسطينية الداخلية، وان تدفع نحو اقامة حكومة فلسطينية تمثيلية، وان تعلن بانها ستعترف بكل حكومة تنتخب بشكل ديمقراطي وتصلح الخطأ الذي ارتكبته في 2006. هذا هو السبيل الصحيح.
هكذا بالضبط تفعل الولايات المتحدة، التي تعترف بحكومة لبنانية تضم في عضويتها وزراء من حزب الله، او بحكومة افغانية تضم تجار مخدرات. مع حماس كمنظمة يمكن ويجب ادارة مفاوضات فقط على ما يمكن للمنظمة أن تقترحه: تحرير جلعاد شليت ووقف نار القسام.
هآرتس، 12/7/2010
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...