الثلاثاء 13/مايو/2025

أجهزة أمن عباس تسحق القانون وترفض قرارات القضاء

أجهزة أمن عباس تسحق القانون وترفض قرارات القضاء

رغم الطابع السياسي الذي يحكم عمل المحاكم المُشكَّلة من قِبَل سلطة “فتح” في الضفة الغربية، تستمر أجهزة أمن محمود عباس في التنكر للقرارات التي تصدرها تلك المحاكم لتكرِّس حكم شريعة الغاب والعصابات التي تغلب على عملها.

وحسب التوثيق الحقوقي فقد تمَّ خلال شهر أيار (مايو) الماضي تسجيل ست حالات تمَّ فيها ضرب عرض الحائط بقرارات المحاكم، ولم تساوِ تلك القرارات الشكلية أكثر من الحبر الذي كتبت به.

جبريل محمد النجار مواطن مختطف على خلفية سياسية من قِبَل جهاز الأمن الوقائي منذ (12-5-2010)؛ لم تدم فرحته بقرار الإفراج عنه الذي أصدرته المحكمة بتاريخ (24-5-2010) سوى لحظات قليلة؛ فلم يكن للقرار أي تأثير، وبقي رهن الاختطاف في سجون تلك الميليشيا.

أما عائلة المواطن مصعب الهور من الخليل المختطف منذ منتصف أيلول (سبتمبر) 2009، فشكَّل لها قرار المحكمة بالإفراج عن ابنها الصادر بتاريخ (24-5-2010) بارقة أمل لإنهاء هذه المعاناة المستمرة منذ عشرة شهور، ولكن هذه البارقة تبدَّدت مع تعدِّي قرار المحكمة واستمرار اختطاف ابنها بغير سند قانوني، وفي ظل صمت فصائلي حقوقي مريب.

ويؤكد تقريرٌ للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن شهر أيار (مايو) شهد تسجيل ست عمليات تنكُّر لقرارات المحاكم بالإفراج عن مختطفين؛ من بينهم ثلاثة أشخاص كان جرى الإفراج عنهم بموجب كفالة تقدر بخمسة آلاف دينار، قبل أن يعاد اعتقالهم مجددًا على ذمة محافظ بيت لحم، وهو ما يعتبر اعتداءً على القانون واستيلاءً غير قانوني على أموال المواطنين.

وتؤكد الهيئة الحقوقية أن ظاهرة عدم تنفيذ قرارات المحاكم أو الالتفاف عليها أو المماطلة في تنفيذها، موجودة فقط في الضفة الغربية، رغم أن عدم تنفيذ قرارات المحاكم الفلسطينية مهما كانت درجتها، يعتبر مخالفة صريحة لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني.

قانون تحت “البسطار”!

تنص المادة 106 من القانون الأساسي على أن “الأحكام القضائية واجبة التنفيذ، والامتناع عن تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس والعزل من الوظيفة…”، غير أن هذه المادة القانونية سحقتها “بساطير” أجهزة أمن عباس، فيما يستمر أقطاب سلطة “فتح” في التبجُّح وترديد الشعارات عن سيادة القانون.

وأكدت الهيئة الحقوقية أنها وثَّقت العديد من الشكاوى حول صدور قرارات من المحكمة العليا، ولم تقم السلطة التنفيذية (سلطة “فتح”) بشقَّيْها الأمني والمدني بتنفيذ تلك القرارات.

وأشارت إلى وجود 26 قرار إفراج عن معتقلين قبل شهر أيار (مايو) الماضي لم تنفذ، لافتة إلى أن بعض المعتقلين محتجزون منذ مطلع عام 2008، مثل المواطن محمد سوقية المختطف لدى جهاز المخابرات في رام الله منذ السادس من شباط (فبراير) 2008.

ولم يقتصر تنكُّر أجهزة أمن عباس على القرارات المتعلقة بالإفراج عن المختطفين على خلفية سياسية، بل امتد ليطال عددًا من القرارات ذات الشأن الإداري.

ففي (24-6-2009) صدر قرار من محكمة العدل العليا الفلسطينية يقضي بإلغاء قرار “وزارة” الداخلية التابعة لسلطة “فتح” بتعيين لجنة تحضيرية مؤقتة لإدارة الجمعية الإسلامية لرعاية الأيتام في بلدة يطا بدلاً من الهيئة الإدارية السابقة والمنتخبة؛ وذلك لعدم تسبيب قرار “وزارة” الداخلية ومخالفته المادة 37 من قانون الجمعيات الخيرية لسنة 2001.. ومع ذلك لم ينفذ القرار حتى الآن.

وبتاريخ (22-4-2009) صدر قرار من محكمة العدل العليا الفلسطينية يفيد بإعادة المواطن نور الدين صالح حماد الذي تم إنهاء خدماته من جهاز الشرطة بتاريخ (11-1-2007). وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير لم يتم تنفيذ القرار المشار إليه.

وبتاريخ (8-7-2009) صدر قرار من محكمة العدل العليا الفلسطينية يقضي بإلغاء قرار “وزارة” الداخلية القاضي بتعيين لجنة تحضيرية مؤقتة لإدارة جمعية بيت أمر لرعاية الأيتام في بلدة بيت أمر بدلاً من الهيئة الإدارية السابقة والمنتخبة؛ وذلك لعدم تسبيب قرار “وزير” الداخلية ومخالفته قانون الجمعيات الخيرية لسنة 2001.. ورغم ذلك لم ينفذ القرار حتى الآن.

وبتاريخ (6-7-2009) صدر قرار عن محكمة العدل العليا الفلسطينية يقضي بإعادة المواطن محمد عبد القادر إبراهيم كرجة إلى مركز عمله في جهاز الشرطة وإلغاء قرار إقالته، وإلغاء كافة الآثار المترتبة على القرار المطعون فيه؛ لمخالفته أحكام المادة (19) فقرة (4) من قانون الخدمة في قوى الأمن للعام 2005.. لكن لم ينفذ القرار حتى الآن.

ويبقى تعدي قرارات المحاكم أحد أوجه اختراق القانون الذي تنفذه سلطة “فتح” في الضفة، في وقت تستمر فيه في التبجُّح بإقامة دولة القانون، وتستمر فيه الفصائل والمنظمات الحقوقية في غض الطرف عن هذه الانتهاكات وإعطائها حقها على غرار ما يحدث مع أهون الأمور في قطاع غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات