حسام ونعمة.. إنجاب من خلف القضبان

في بداية شهر نيسان (أبريل) من العام 2002 كان حسام بدران المطلوب لدى قوات الاحتلال بـ”تهمة” الانتماء إلى “كتائب الشهيد عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”؛ قد اتخذ قرارًا بمغادرة المنزل والاختباء لدى أقارب له في منطقة الأغوار؛ لكون الاحتلال قرر البدء في عملية السور الواقي في الضفة الغربية واقتحام المدن لتصفية المقاومين واعتقالهم.
بدران الذي كان يأمل في الشهادة -حسب ما أعلن في كتابٍ له ألَّفه في السجن تحت اسم “كتيبة الشمال”، والذي يروي تفاصيل عمله العسكري في صفوف حركة “حماس”، وبالأخص خلية الحركة في نابلس، والتي صنفتها قوات الاحتلال بـ”الأكثر عنفًا والأشد صلابة خلال تاريخ الدولة العبرية”- وقع في الأسر في الشهر ذاته بعد قيام قوات الاحتلال بعملية خاصة في منطقة الأغوار، بعد قدرتها على تحديد مكانه؛ حيث قامت طائرات مروحية وطائرات (إف 16) بقصف المكان الذي وجد فيه، وقامت قوات المظليين في الجيش الصهيوني باعتقاله، لتتم محاكمته في محاكم الاحتلال ويحكم عليه بالسجن 18 عشر عامًا.
إصرار على الحياة
بدران الذي يقبع في سجن النقب الصحراوي قرر مؤخرًا القيام بشيءٍ لم يكن مألوفًا لدى الأسرى الفلسطينيين على مدار 40 عامًا من الصراع مع الاحتلال وإنشاء سجون الاحتلال؛ حيث عمل على إخراج عيِّنة من الحيوانات المنوية الخاصة به إلى خارج السجن لكي يتم الإنجاب من خلال القيام بعملية التخصيب في أحد المراكز الطبية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
ويعلل بدران لمركز أحرار قيامه بمثل هذه الخطوة بالرغبة في الإنجاب وتحدي إرادة الاحتلال الذي لم يمهله كثيرًا بالبقاء إلى جوار زوجته لينجب مزيدًا من الأبناء؛ حيث تم اعتقاله المرة الأولى بعد زواجه مباشرة بزوجته نعمة، وكانت قد حملت بابنته جمانة، ثم خرج بدران من السجن في المرة الأولى ليصبح بعدها بفترة قصيرة مطاردًا للاحتلال، وكانت زوجته حملت بابنه عماد.
فكرة ثم اتفاق
في تصرف غير مألوف في الأعراف والعادات المجتمعية التي قد لا تستسيغ مثل هكذا أمور، يقول حسام عضو الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة “حماس” في سجون الاحتلال: “بدأ الأمر كمجرد فكرة طرحتها على زوجتي فأبدت عدم اعتراضها، ونوقش الأمر ثم تم وضع عائلتي وعائلة زوجتي بصورة الأمر فلم يُبدوا أي تحفظ، فشرعت بتجهيز باقي الأمور ووفق الله بإخراج العينة وتأكيد وصولها سليمة وتأمينها لدى مركز طبي”.
أما نعمة بدران فقالت: “لم يكن الأمر سهلاً علي بشكل شخصي، وقد أخذ الأمر وقتًا طويلاً من النقاش المستفيض بيني وبين زوجي، وكان أكثر ما يهمني في هذا الأمر هو الجانب الشرعي، وألا يكون بالأمر أية مخالفة شرعية، وبعد أن تأكد لي شرعت بترتيب بعض الأمور التي لها علاقة بالموضوع وأخبرت أهلي ورحبوا بالفكرة؛ حيث كانت بالاتفاق والتوافق”.
الأسرى لا يموتون
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان إنه يرى في هذه الخطوة نقلة نوعية في تحدي الأسير للسجان، وإصرارًا كبيرًا على الحياة، ورسالة واضحة أن الأسرى لا يموتون، ومصرون على البقاء وانتزاع ما حرمهم منه السجان.
وأضاف الخفش أنه بارك للزوجين القيام بهذه الخطوة، وقال: “لقد شجعت على هذا الأمر منذ البداية وقبل أن يحدث؛ لأنه رسالة رائعة وتجربة أُكنُّ لها الكثير من الاحترام، وأسأل الله أن يكتب لها النجاح، وأن تكون المرة الأولى التي تحمل زوجة أسير بهذه الطريقة”.
وقال الخفش: “لم تكن هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها أسير من إخراج عينة منوية وعمل عملية زراعة، وقد أخذ هذا الأمر نقاشًا كبيرًا في الشارع الفلسطيني، وقبله أحدث نقاشًا كبيرًا داخل السجون، وكأي أمر كان هناك مؤيدون وكان هناك معارضون؛ وكان أيضًا أناسٌ موافقون ولكن بتحفظ، إلا أن الأمر طبَّقه وشرع به عدد من الأسرى بعد أن استفتوا مجموعة من العلماء؛ من بينهم الشيخ العلامة يوسف القرضاوي”.
وذكر الخفش أن المعارضين والمتحفظين كان لهم رأي وخوف من طريقة إخراج العينة، وبضرورة عدم تدخل الاحتلال ومصلحة السجون في إخراجها؛ لأنه جهة غير مؤتمنة، ولا يمكن الوثوق به، وإذا تم تأمين طريقة أخرى تكون آمنة وأكيدة ولا احتمال للخطأ فيها فلا ضير.
وأضاف: “أمر آخر كان له دور في وجود نوع من التحفظ من قبل المجتمع؛ لأن العرف والمجتمع لا يستسيغ أمرًا كهذا بالذات: أن المجتمع ليس مهيئًا لمثل هذه الأمور، لكن في ذات الوقت هناك إمكانية لكي يتقبلها المجتمع، بالذات أن المجتمع والشارع يقدر الأسرى ولهم مكانة مرموقة في قلوب الناس”.
وتابع الخفش: “علينا أن نراعي المشاعر الكامنة لدى الأسرى وزوجاتهم ورغبتهم في أن يكون لهم أطفال، وهذه رغبة فطرية فطر الله الإنسان عليها، ولا يحق للناس أن تتحدى أمورًا فطرية والتحجج بالأعراف والتقاليد والمجتمع، وعلينا أن ندعم رغبتهم في الحياة، وندعو الله أن يوفقهم”.
نقلة نوعية قام بها بدران تفتح بابًا واسعًا للأمل أمام عائلات الأسرى للإنجاب، وخاصة أن كثيرًا من الأسرى لم يكن مضى على زواجه سوى بضعة أشهر أو أعوام قليلة قبل الاعتقال، ولم يسعفهم الوقت لينجبوا أكثر من طفل أو طفلة، وبهذه الخطوة ما يؤكد أن قضبان الاحتلال لم تستطع أن تفقد الأسرى رغبة الحياة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...