مواطن غزّي يعود على متن الحرية.. ولكن دون زوجه

لم يكن يعلم المواطن الغزي أحمد الدهشان أن رحلة علاج زوجته “وفاء” المصابة بسرطان القولون ستكون عبارة عن مغامرة برية جوية بحرية يرى فيها ما لم يشهده ولا في كوابيس أحلامه.

المواطن الدهشان وزوجته كانا من ركاب “أسطول الحرية” الذي كان من المقرر أن يصل إلى غزة لولا جريمة القرصنة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، “زوجتي مصابة بسرطان القولون الذي يستدعي نقلها للسفر للعلاج بالخارج حيث سافرنا عبر معبر رفح مع الحدود المصرية بعد عناء طويل وجهد لأيام وأشهر بسبب إغلاق المعبر ورفض الجانب المصري دخولنا إلا أننا تمكنا في النهاية من الدخول ولكن سرعان ما رحلتنا الأجهزة الأمنية المصرية من معبر رفح إلى المطار بشكل مباشر”، يقول الدهشان شارحاً وضعه.

ويوضح أنه سافر وزوجته عبر إحدى الطائرات إلى تركيا ومنها إلى السعودية بعد أن كانا أنهيا رحلة العلاج، ويضيف: “قررنا العودة لغزة في منتصف مايو المنصرم حيث أصرت زوجتي وفاء أن تكون بجوار أطفالها”.

وتابع الدهشان يقول:” بعد أن سافرنا من السعودية إلى مطار القاهرة فوجئنا باعتقالنا من قبل السلطات المصرية حيث رفضت إعادتنا إلى غزة بعد رحلة شاقة من التحقيق عن غزة والمقاومة وحماس، وبعدها نفاجأ مرة أخرى أنهم يقلونا في إحدى الطائرات إلى تركيا”.

حل لا بد منه

بعد أن رحّلت السلطات المصرية المواطن الدهشان إلى تركيا وعجزه عن فعل أي شيء بعد أن منعته السلطات المصرية من العودة عبر معبر رفح، تعرف الدهشان على مؤسسة الإغاثة التركية ( IHH ) وطلب منهم المساعدة، فاقترحوا عليه العودة إلى غزة عبر “أسطول الحرية”.

كان موقف الدهشان مضطرباً ومتردداً لأنه يرافق زوجته المريضة، ولكنه في ذات الوقت مضطراً لهذا الطريق لأنه ليس أمامه غيره، فوافق رغم علمه أن هذه السفن ستعترضها البحرية الصهيونية ومن الممكن أن تصادرها وتستولي عليها.

وبعد تحرك “أسطول الحرية” باتجاه غزة وجد الدهشان ما كان يحذره، حيث الهجوم الصهيوني البربري على سفن الحرية ومصادرتها واعتقال كل من فيهم مما زاد من مأساته وزوجته المريضة.

مأساة تتفاقم

لم يكن بوسع الدهشان الذي عاد إلى قطاع غزة مساء الأربعاء (26) أن يتحدث كشاهد على المجزرة الصهيونية التي ارتكبت بحق “أسطول الحرية”، بقدر ما كان يبحث عن حل لعودة زوجته المريضة التي رفض الاحتلال عودتها مع زوجها إلى غزة وهو لا يعرف عنها أي شيء أي أنها مجهولة المصير.

حاول الدهشان أن يستذكر ما جرى معهم من قبل قوات القرصنة الصهيونية، يقول: “ما جرى كان جريمة قتل مدبر ومخطط لها حيث أقدمت القوات الصهيونية على إعدام عشرات الشباب والشيوخ دون أي ذنب”.

ويضيف: “أطلقوا النار بشكل مباشر على أجساد الكثيرين فتناثرت الأشلاء والدماء بين جموع المتضامنين الذي دب في نفوسهم الخوف والهلع، وقد رأيت بأم عيني الكثير من الجرحى يلفظون أنفاسهم الأخيرة ويرفض الجنود الصهاينة أن يقدم لهم أحد الإسعافات الأولية، ثمّ قادت قوات الكوماندوز الصهيونية السفن إلى ميناء أسدود وبعدها أخذونا للتحقيق ليتم ترحيلنا إلى سجن بئر السبع الذي مكثنا فيه ليلتين”.

وأشار إلى أن ضابط المخابرات الصهيونية أخبره أنه إذا صرح بشيء حول ما حدث معه سيكون عرضةً للاغتيال، موضحاً أنه تم تجميع المتضامنين وإرسالهم إلى مطار “اللد” الصهيوني استعداداً لنقلهم إلى بلدانهم.

ومضى الدهشان يقول: ” فجأة جاءني الضابط وهو يحمل ورقة وقال لي يمكن الآن الرجوع إلى غزة فوراً وعندما سألته عن زوجتي أخبرني أنها سبقتني إلى غزة، وبعدها أخذوني بسيارة إلى معبر بيت حانون وقالوا لي اذهب بسرعة إلى بيتك”.

وبعد وصوله اكتشف أنها ليست موجودة في غزة، وبعد انتظار لعدة ساعات، جاءه اتصال من تركيا ليطمئنه بأن زوجته بخير وتم ترحيلها إلى تركيا وهي موجودة الآن في مدينة اسطنبول.

وناشد المواطن الدهشان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بإعادة زوجته إلى أطفالها الذين يتشوقون لرؤيتها منذ زمن وهي مريضة.