الثلاثاء 13/مايو/2025

إمكانات التسوية أو بقاء الأزمة مع الكيان الصهيوني

إمكانات التسوية أو بقاء الأزمة مع الكيان الصهيوني
أعد د.أفرايم ليفي الخبير الإستراتيجي بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الإسرائيلية والمدير الحالي لمركز تامي شتاينتس لبحوث السلام واستطلاعات الرأي، ومدير برنامج كونراد اديناور للتعاون اليهودي ـ العربي، دراسة مفصلة حملت عنوان «إسرائيل والسلطة الفلسطينية بين إمكانات التسوية أو بقاء الأزمة»، ونشرتها دورية تقييمات إستراتيجية الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الإسرائيلية، حاول خلالها تقييم السبل الكفيلة بإنجاح المفاوضات المزمع بدءها خلال الأيام المقبلة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

تحدث د.أفرايم ليفي الخبير الإستراتيجي في مستهل دراسته عن أن الدافع وراء كتابتها هو إعادة تقييم السبل المتاحة لدى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لتحقيق ما لم يتمكنا من تحقيقه خلال الفترة الماضية وسط تعثر مسيرة المفاوضات تعثرا كاملا.

مشيراً إلى أنه، وبعد نحو عام من وقف مفاوضات التسوية النهائية والتي عرفت بمسيرة أنابوليس التي جرت تحت رعاية أميركية، على أثر قيام الجيش الإسرائيلي بشن حرب شاملة على قطاع غزة، يعود الآن الحديث من جديد عن إمكانات استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وهي مفاوضات الهدف من ورائها تحديد مستقبل العلاقات بينهما، والى تفاصيل الدراسة:

تقييم شامل للوضع القائم
تطرق د.أفرايم ليفي الخبير الإستراتيجي خلال تناوله لهذا المحور للحديث عن أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يجدان نفسهما الآن في خضم موقف غير مسبوق، ففي الوقت الذي يعاني فيه الجانب الفلسطيني انشقاقا سياسيا وتمزقا جغرافيا، يجد الجانب الإسرائيلي هو الآخر ذاته متورطاً في موقف لا يُحسد عليه إذ تسيطر على إسرائيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو.

وهو الأمر الذي يضع الجانبين في حيرة من أمرهم بين إمكان استئناف المفاوضات بينهما والتوصل إلى حل شامل وتسوية دائمة بينهما تنهي حالة الجمود السياسي الراهنة التي نتج عنها إقامة دولة حقيقية في الضفة الغربية وإنشاء كيان إسلامي متطرف في قطاع غزة.

موقف السلطة الفلسطينية
تحدث الخبير الإسرائيلي في معرض حديثه عن الوضع العام الداخلي في السلطة الفلسطينية عن فشل الجهود المستمرة للتوصل لمصالحة وطنية بين حركتي حماس وفتح، فضلاً عن التعثر في المضي قدماً لإجراء انتخابات لرئاسة السلطة والمجلس التشريعي في موعدها أو على الأقل تحديد موعد آخر لها.
وأشار إلى أن قيادة منظمة التحرير عملت من جانب واحد على توفيق أوضاعها، وذلك عبر إصدارها عدة قرارات في الفترة الأخيرة تنظم من خلالها مسألة سيطرة حركة فتح على الحكم وبقائها في السلطة.
ومن ضمن هذه القرارات قرار ضمن من خلاله محمود عباس أبو مازن البقاء رئيساً للسلطة حتى موعد إجراء الانتخابات المقبلة.

وأشار إلى صدور هذه القرارات تبعها حالة من الاستقرار النسبي بين حماس وفتح وضمان لاستقرار الحكم والأوضاع الأمنية في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية.
وأبقت كذلك الوضع على ما هو عليه، إذ ظلت «حماس» تسيطر على قطاع غزة فيما بقيت «حماس» تسيطر على الضفة الغربية.
ثم تطرق الخبير الإسرائيلي بعد ذلك للحديث عن الأفق السياسي الموجود لدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، مشيراً إلى أن أبو مازن وعبر حكومته التي يترأسها سلام فياض يتبنى سياسة ترتكز على قاعدتين أساسيتين وهما:

1-القاعدة الأولى: المضي قدماً نحو استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل من أجل الوصول للتسوية الدائمة لإنشاء دولة مستقلة في حدود 1967، والتوجه إلى الأمم المتحدة للاعتراف بأن حدود 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية.

2-القاعدة الثانية: بناء الدولة الفلسطينية بالفعل حتى منتصف 2011.

ثم تطرق كاتب الدراسة بعد ذلك إلى الحديث عن موقف حركة «حماس» الحالي، مشيراً إلى أن الحركة تواصل عبر قيادتها الحفاظ من جهة على سيطرتها على القطاع.
وترفض من جهة أخرى شروط مجموعة الرباعية الدولية ولا تعترف بإسرائيل، ولذلك فهي لا تسارع نحو التوصّل إلى مصالحة مع «فتح» والمشاركة في الانتخابات.
مشيراً إلى أن حماس تفضل بدلاً من هذا المضي قدماً نحو إعادة بناء قوتها العسكرية وتثبيت مكانتها ككيان إسلامي راديكالي يعتمد في الأساس على المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي يتلقاها من إيران، فيما تسعى وبدأب شديد على تنفيذ صفقة إطلاق سراح السجناء مع إسرائيل.

وترى أن هذه الصفقة من شأنها أن تحقق لها كسب المزيد من التأييد الشعبي ومزيدا من التعاطف الجماهيري لدى الرأي العام الفلسطيني.
ثم تحدث عن موقف إسرائيل من الوضع القائم الآن داخل السلطة الفلسطينية، معتبراً أن إسرائيل تواجه الآن سؤالا هاما وهو: كيف يمكن الخروج من الأزمة التي تتواجد فيها السلطة الآن، والتي تترسخ معها يوماً بعد يوم مسألة المضي نحو إقامة دولة فعلية في الضفة الغربية، وإنشاء كيان إسلامي متطرف في قطاع غزة.
واعتبر الخبير الإستراتيجي الإسرائيلي أن مسألة تجديد المسيرة السياسية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والتقدم الكبير فيها كما تبين تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد يضمنان أن تكون إقامة الدولة الفلسطينية نتيجة للتفاوض.

ويرى الخبير د.أفرايم ليفي أن المضي قدماً نحو استئناف المسار السياسي من شأنه أن يعزز من مسألة شرعية السلطة عند الرأي العام الفلسطيني ويمنع الخوف من أن تظهر منفذة لإملاءات إسرائيل وخادمة لها.
وفي مقابل ذلك ستظهر سلطة حماس في قطاع غزة أمام الرأي العام الدولي عائق أمام تقدم سياسي لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يمنح إسرائيل شرعية إجراء عسكري لمواجهة «حماس» في القطاع إذا ما اقتضت الضرورة ذلك الأمر.

ثم تحدث الكاتب الإسرائيلي عن أن هدفه الأساسي من وراء هذه الدراسة هو تحليل النظام الفلسطيني المنقسم، ومعرفة ميزان القوى والاتجاهات التي تبلورت لدى الطرفين، بالإضافة إلى معرفة انعكاسات واقع ذلك الأمر على إسرائيل من الناحيتين السياسية والعسكرية.
انعكاسات الانقسام الفلسطيني على الطرفين:
اعتبر د.أفرايم ليفي في عرضه للمحور الثاني من دراسته أن مصر تلعب دوراً محورياً في مسألة البحث عن فرص للمصالحة بين حركتي حماس وفتح.

مشيراً إلى أن الجانب المصري الذي يتخوّف من مسألة إمكان إنشاء كيان إسلامي متطرف موال لإيران في قطاع غزة الذي يقع على الحدود مع الجانب المصري، وهو الأمر الذي دفعها طوال العام الماضي للعمل على تحقيق المصالحة بين الحركتين والقيام بجهود للوساطة بين «حماس» و«فتح» لإحراز مصالحة وطنية.
ويرى كذلك أن مصر الآن وجدت أنه من الأفضل لها أن تعمل من أجل التدخل لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل استئناف المفاوضات السياسية، وذلك من أجل الوصول في نهاية المطاف إلى ما يُعرف بمفاوضات التسوية الدائمة.
وقال إن مصر تتبنى الآن، وكما هو واضح، موقفا يقوم على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة الفلسطينية الشرعية الوحيدة لإجراء المفاوضات السياسية مع إسرائيل، وأن المصالحة بين «حماس» و«فتح» ليست شرطا لتجديد المسيرة السياسية.

مشيراً إلى أن مصر تبني موقفها هذا على أساس أن تحريك المسيرة السياسية قد يملأ جهود المصالحة بين فتح وحماس بمضمون ايجابي لتوحيد الساحة الفلسطينية وتمكن أبو مازن من أعادة سيطرته على القطاع بالفوز في الانتخابات.
كما تحدث عن دأب مصر طوال الفترة الماضية للإعلان من جانبها عن تحديد جداول زمنية لتحقيق المصالحة الفلسطينية تهدف في نهاية المطاف إلي توقيع حماس وفتح وسائر الفصائل على وثيقة المصالحة التي أعدتها.
وافترضت كذلك أن تكون مصر الراعي الرئيسي لجهود المصالحة وذلك عبر الحصول على دعم وتأييد الدول الأعضاء في الجامعة العربية.
وكانت تأمل أن يحقق هذا الاتفاق الفرصة أمام إنهاء الانقسام في الشعب الفلسطيني وإجراء انتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني الفلسطيني.
مشيراً إلى أنه بحسب وثيقة المصالحة التي جرى إضافة بعض التعديلات عليها ، يفترض أن تجرى الانتخابات في يونيو 2010.

وأشار كاتب الدراسة إلى أن مصر حددت عبر الاتفاق الذي وضعته أن تنشأ بأمر رئاسي لجنة من 16 عضوا من حركتي فتح وحماس، ومن الفصائل والعناصر المستقلة، تعمل على تنفيذ الاتفاق وتنهي عملها مع إجراء الانتخابات وإقامة الحكومة.
وقال إنه سيجب عليها كذلك من جملة ما يجب أن تهيئ الأجواء لإجراء الانتخابات وتوحيد مؤسسات السلطة في المنطقتين، وإعادة الروابط والمؤسسات غير الحكومية إلى ما كانت عليه، ومتابعة أعمال إعادة بناء القطاع.
كما أشار كذلك إلى أن ممثلي حركة فتح قاموا من جانبهم بالتوقيع على وثيقة المصالحة، في الوقت الذي أعربت فيه قيادة حركة حماس عن تحفظها من بعض النقاط. وقال إن وثيقة المصالحة ذاتها تشتمل على مواد تقبلها «حماس»، على مواد أخرى تريد توضيحات لها.

مشيراً إلى أن المواد المقبولة لدى «حماس» تتناول الموضوعات الآتية:
الحاجة إلى إجراء إصلاحات داخلية في منظمة التحرير الفلسطينية على نحو تشتمل فيه المنظمة على جميع القوى والفصائل الفلسطينية.
إجراء انتخابات جديدة نسبية للمجلس الوطني الفلسطيني تضمن تمثيل جميع القوى والفصائل والأحزاب الوطنية والإسلامية وجميع الأوساط والاتحادات داخل مناطق السلطة وخارجها.
أن تدافع أجهزة الأمن عن الوطن أو مناطق السلطة وعن السكان وان تحترم حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.
أن يعتبر نقل معلومات إلى العدو تضر بالوطن وبالسكان أو بالمقاومة خيانة شديدة يلزم القانون اتخاذ عقوبة عليها.
ثم أشار إلى أنه وفي مقابل ذلك، طلبت قيادة حماس توضيحات في عدد من الموضوعات الواردة في وثيقة المصالحة، وهي تشتمل على الموضوعات الآتية:
إعادة أفراد أجهزة الأمن السابقة والبالغ عددهم نحو 3 آلاف شخص إلى القطاع، وهو أجراء يضمن وجودا أمنيا للسلطة في القطاع، لكنه لا يضمن وجودا مماثلا لحماس في الضفة الغربية.
حظر إقامة تشكيلات عسكرية خارج أجهزة الأمن المتفق عليها وهي خطوة تلمح إلى طلب حل أجهزة أمن «حماس» وفي ضمنها أفراد ما يعرف بالقوة التنفيذية والبالغ عددهم نحو من 11 ألف شخص.
والتعاون بين أجهزة امن السلطة ودول صديقة، تفسره «حماس» على أنه منح الشرعية للتعاون الأمني مع إسرائيل.
التناقض الذي يبدو من أن إحدى المواد في الوثيقة تعترف بالحق في المقاومة، أما مادة أخرى فتحظر وجود عناصر المقاومة.
الرؤية الكويتية، 28/5/2010

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات