الأربعاء 14/مايو/2025

ماذا عن أسرار صواريخ إيلات الغامضة؟

ماذا عن أسرار صواريخ إيلات الغامضة؟

أعلن جيش الاحتلال يوم 22 أبريل عن إطلاق صاروخين من طراز كاتيوشا باتجاه مدينة إيلات في أقصى جنوب الكيان الصهيوني الغاصب، وقد قال المتحدث الإعلامي باسم الجيش أن الصاروخين ربما يكونا قد أطلقا من الأردن أو شبه جزيرة سيناء، ولم يسفرا عن وقوع أي خسائر في الممتلكات أو الأرواح.

أولاً: الأهداف الإستراتيجية

إسرائيل تهدف من وراء عملية صواريخ إيلات الأخيرة تحقيق سبق استراتيجي على مصر يضعها في خانة المدافع عن نفسه من تهمة وجود تنظيم القاعدة في عمقه الاستراتيجي في سيناء، ونسيان الجريمة الإسرائيلية الكبيرة والضربة الشديدة التي حققتها الخارجية الإسرائيلية للحكومة المصرية.

ذلك أن الأيام الماضية قد كشفت عن أن الأزمة المائية المشتعلة حول الحصص المائية وتقسيم المياه، بين مصر والسودان وهما دولتي مصب نهر النيل، مع الدول السبعة الإفريقية وعلى رأسهم أثيوبيا، وهم دول المنبع، كان الصهاينة يقفون ورائها، وهم المحرض الرئيسي لدول المنبع، وأثبتت الحقائق والوقائع الملموسة صحة الدور الصهيوني في خنق مصر مائياً، حتى أصبحت نذر الحرب تلوح بقوة بين مصر وأثيوبيا، بسبب التحريض الإسرائيلي السافر لدول المنبع، والدعم الفني والمالى الكبير المقدم من الصهاينة لتنفيذ مشروعات من شأنها حصار مصر وتعطيشها.

وكانت مصر قبل الإعلان عن حادثة الصواريخ الغامضة قد أعدت ملفاً بخصوص التدخلات الإسرائيلية في عمق مصر الإفريقي، وكانت بصدد تصعيده دولياً وأمريكياً، وقد وجهت تحذيرات ضمنية على لسان متحدثها الإعلامي منذ يومين للدول التي تقف خلف الأزمة المائية الأخيرة، من غير أن تسمي إسرائيل، وبالقطع بعد الاتهامات الإسرائيلية الأخيرة لن تستطيع مصر أن ترفع ملفها المذكور أو أن تشتكي إسرائيل لا دولياً ولا حتى إقليمياً.

أيضا إسرائيل تهدف استراتيجياً من هذه العملية الاستعراضية التي لم تسفر حتى عن إثارة غبار الطريق، لتهيئة المنطقة لعملية عسكرية يجرى التحضير لها منذ فترة ضد حركة حماس في غزة بعد الفشل الذريع والمذل للآلة العسكرية الصهيونية في حرب 2008، تمهد بها الطريق أمام عملائها في فتح مثل دحلان وعباس وفياض وغيرهم للسيطرة على الداخل الفلسطيني والقبول بحل الدولتين وفقاُ للمفهوم الصهيوني والأمريكي.

الصهاينة يهدفون استراتيجيا من وراء هذه العملية لشغل الرأي العام الدولي والإقليمي عن إجراءات تهويد المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، وهي الخطوات والإجراءات التي وصلت لمرحلة شبه نهائية حتى أصبحنا كل يوم نخشى أن نستيقظ على خبر هدم المسجد الأقصى، وشروع الصهاينة في بناء الهيكل.

وكما يهدف الصهاينة أيضا لإظهار أنفسهم بمظهر الضحية التي تتعرض للتهديدات المتكررة والأعمال العدوانية المستمرة، حتى من جانب الدول الصديقة يقصدون بالطبع مصر مما يدفع العالم المنحاز أصلاً للصهاينة لمزيد من الانحياز والدعم الكامل للأهداف والمشاريع الصهيونية، ومزيد من المحاربة والتضييق على الجانب العربي والفلسطيني.

ثانياً: الأهداف الأمنية

الصهاينة متخوفون منذ فترة من تزايد نسبة السياح الإسرائيليين الذين يحجون إلى سيناء باعتبارها من البقاع الدينية عندهم، فلقد ارتفعت نسبة السياحة الإسرائيلية لسيناء في الفترة الأخيرة بقرابة 40 %، بسبب التواجد الأمني المصري الكثيف بالمنطقة، والتي أمنت المنطقة جيداً بسبب السياحة أولاً، وبسبب كون شرم الشيخ المقر شبه الدائم للرئيس المصري.

وهذه الطمأنينة الأمنية دفعت بعشرات الألوف من الإسرائيليين لزيارة سيناء، وهذا الارتفاع كان من شأنه أن يسعد الصهاينة لمنافعه الجمة عليهم من تحقيق اختراقات وتجنيد جواسيس ونشر مفاسد ومنكرات إلى آخر قائمة المفسدات الإسرائيلية، ولكن مع تنامي التهديدات الفلسطينية من قبل حركات المقاومة بخطف السياح الإسرائيليين من سيناء ونقلهم إلى غزة عبر الأنفاق، للمفاوضة عليهم والضغط على حكومة نتياهو بهم، وهذا الأمر لو وقع لسبب مشكلة أمنية خطيرة بإسرائيل، فأرادوا منع حدوث أمثال هذه العمليات فأطلقوا تحذيرات أمنية عديدة.

فلما لم يكن حجم التجاوب معها على المستوي المطلوب، أطلقوا شائعة خطف أحد السياح الإسرائيليين الأسبوع الماضي، وما استتبع ذلك من توجيه إنذار شديد اللهجة من رئيس المخابرات المصرية (عمر سليمان) لحركة حماس بعمل في غاية الحسم والقوة، إن ثبت ضلوع حماس في هذا الخطف، ثم تبين أنها مجرد شائعة، مما أدي لحنق المسئول المصري والذي تترجم في رفضه للقاء السفير الإسرائيلي بمصر، وإلغائه لعشاء عمل معه كان مقرراً من قبل، فردت إسرائيل بمثل هذه العملية لتحقيق عدة أهداف أمنية مشتركة من ورائها، ولتثبت للجانب المصري أن تحذيراتها لم تكن كاذبة، وبالتإلى تدفع الجانب المصري لمزيد من التضييق على حركة حماس، فيرتاح خاطر الصهاينة من فكرة خطف المزيد من الإسرائيليين.

ثالثاً: الأهداف السياسية

إسرائيل ترقب منذ فترة الوضع الداخلي المصري والحراك السياسي المتنامي في أروقتها الثقافية والاجتماعية مع تعإلى الأصوات المنادية بمزيد من الحريات وتداول السلطة وضرورة التغيير، بعد أن كسر المصريون حاجز الخوف من الحديث عن هذه الملفات الشائكة والمحذورات السياسية، هذا الحراك دفع الصهاينة للإدلاء بدلوهم في مزيد من تأجيج الوضع الداخلي وإثارة البلبلة بأمثال هذه العمليات الأمنية، التي تطال ملف أمني وسياسي ملتهب في مصر و هو ملف البدو.

فإسرائيل عندما تتهم تنظيم القاعدة أو غيره من فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق صواريخ من سيناء، فهي تعلم علم اليقين أن الحكومة المصرية سترد على هذا الاتهام بالنفي القاطع، ولكنها أيضا تعلم أن حملة أمنية كبيرة ومكثفة ستشنها الأجهزة الأمنية على دروب وأودية وجبال سيناء الكثيرة والمتشعبة، وهي ما سيؤدي حتماً ولابد من صدام قوي ومباشر مع قبائل البدو المصرية التي تتواجد هناك، ولها مشاكل كبيرة وعميقة مع الحكومة المصرية، وتنتقد على الدوام التعامل الأمني العنيف معها.

ولقد وقعت في الأعوام الأخيرة عدة اضطرابات عنيفة بين قبائل البدو من جهة والأمن المصري من جهة أخرى وصل لحد قيام عدة قبائل من البدو من التهديد بالهجرة إلى إسرائيل، وقد تزايدت هذه المشاكل مؤخراً بعد بناء السور الفولاذي والضرر الأمني والاقتصادي الواسع الذي أصاب قبائل البدو نتيجة بنائه، مما أدى لتفاقم المشكلة حتى عاد الملف البدوي أشد خطورة من الملف القبطي، لحساسية وضع البدو ووجودهم على الحد الفاصل مع الكيان الصهيوني الغاصب، وهو ما لا تحتاجه الحكومة المصرية في هذه الآونة مطلقاً.

مفكرة الإسلام، 25/5/2010

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...