المولدات الكهربائية بغزة.. شر لا بد منه

حل الأزمة بأزمة أخرى أقل ضررًا ضرورة أصبحت واقعًا في حياة أهالي غزة المحاصرين، والذين كتب عليهم أن يواجهوا الأزمات المفتعلة من قِبَل العدو الصهيوني الواحدة تلو الأخرى؛ فما إن تنتهي أزمة الوقود حتى تبدأ أزمة غاز الطهي ثم أزمة الكهرباء وهكذا دواليك.
الحل المؤقت الذي يلجأ إليه الأهالي يخلف أضرارًا كبيرة، ولكنه يعتبر الأخف نسبيًّا؛ فلا بديل لديهم ولا خيار.
أزمة الكهرباء التي اشتدت مأساتها هذه المرة ألجأت الأهالي إلى حل بديل هو المولدات الكهربائية المصنوعة في دولة الصين، والتي تأتي إليهم من خلال الأنفاق الممتدة على طول الحدود بين غزة ومصر.. صحيح أنها سيئة الصنع وغالية الثمن، إلا أنها انتشرت كثيرًا في معظم بيوت قطاع غزة بكل أنواعها؛ وذلك لما تفرضه ظروف الواقع المر الذي سببه لهم الاحتلال الصهيوني.
هذه المولدات التي حلّت جزءًا من مشكلة انقطاع التيار الكهربي لفترات طويلة سببت مشاكل أخرى لدى المواطنين الغزييين، وخاصة فئة الطلبة ومرضى الجهاز التنفسي؛ وذلك بسبب الضوضاء والصوت المزعج الذي تسببه حين يتم تشغيل عدة مولدات في شارع واحد، فتقلق الجميع بمن فيهم كبار السن والطلبة وحتى الأطفال ناهيك، عما تسببه عوادمها من اختناقات ونقص في الأكسجين لدى الجميع.
الحاج أبو العبد (72 عامًا) من حي النصر بمدينة غزة يشتكي من الصوت المزعج الذي يحرمه من النوم كل ليلة، والذي تبعثه مولدات الجيران، خاصة أنه يسكن في عمارة سكنية تحتوي على عدة شقق في الطابق الواحد، وكل شقة تقوم بتشغيل مولد كهربي؛ ما يعني انبعاث صوت عالٍ جدًّا في الطابق يمنعه من سماع صوت المذياع الذي بجانب سريره، هذا عدا ضيق التنفس الذي ينجم عن رائحة العوادم التي تبعثها المولدات في المنطقة الفاصلة بين الشقق، والتي تغدو كسحابة دخان تكتم الأنفاس؛ ما أدى بأولاده إلى أن ينقلوه إلى المستشفى قبل شهرين بسبب شعوره بالاختناق.
يقول الحاج أبو العبد: “قبل شهرين اشترى أولادي مولدًا كهربيًّا صغيرًا ليستطيعوا إنارة الشقة في فترة الليل، خاصة أننا على أبواب الامتحانات النهائية، ولكن حين تم تشغيله أصابني اختناق بعد ساعة فقط، ونقلوني إلى المستشفى بسبب الأزمة التي أعاني منها في صدري، باعوه وتحمَّلوا ضوء الشموع؛ حتى لا يصيبني اختناق آخر، إلا أن رائحة الدخان المزعجة تملأ الحي كله بسبب أن كل شقة وكل بيت تقريبًا في غزة يشغل مولدًا كهربيًّا؛ ما يعني انبعاث ضوضاء غير معقولة في كل أرجاء المدينة بسبب المولدات الكهربائية”.
هبة عبد المعين موظفة تقطن في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة تأتي لعملها في مدينة غزة كل صباح وهي تقاوم النعاس الشديد بسبب عدم مقدرتها على النوم في الليل؛ فمولد الجيران ملاصق لنافذة غرفتها وينبعث صوته المزعج طوال الليل.
تقول هبة: “رغم انزعاجي الشديد من صوت المولد أقدِّر ظروف جارتي التي ولدت طفلاً جاء مشوهًا بسبب الحرب الأخيرة على غزة قبل عام؛ ولذا يحتاج الطفل للتنفس الصناعي عن طريق الكهرباء بصورة مستمرة، وإلا سيموت، وفي فترة انقطاع التيار الكهربي اليومي تضطر إلى تشغيل المولد طيلة الليل؛ حتى توفر الهواء اللازم لابنها المريض!”.
حال طلاب الجامعات والمرحلة الثانوية ليس بالأفضل من سابقيهم؛ إذ إن الأصوات المزعجة التي تنبعث من المولدات الكهربية كل يوم في سماء غزة تفقدهم التركيز في دراستهم، ورغم حاجتهم الشديدة إلى هذه المولدات بسبب انقطاع التيار الكهربي في فترة المساء يشعرون بالضيق الشديد بسبب الضوضاء والروائح المنبعثة من جرَّاء احتراق البنزين والسولار اللازمَيْن لتشغيل المولد.
آية وليد (18 عامًا) طالبة في الثانوية العامة، حاول والدها توفير مولد جيد لها ولإخوتها حتى لا تضيع أوقاتها سدى بسبب انقطاع التيار في منطقتهم كثيرًا، ولكنها تجلس حزينة صامتة لا تستطيع التركيز في دراستها، وتظل تقلب صفحات الكتاب بلا جدوى رغم حرصها الشديد على الدراسة بسبب اقتراب موعد الامتحانات.
ورغم محاولات شركة الكهرباء وسلطة الطاقة والموارد الطبيعية في حكومة غزة تنظيم فترات الانقطاع اليومية بين الصباح والمساء فإن مشكلة توليد الكهرباء ودخول السولار الصناعي غزة بالكمية المطلوبة مرهون بإرادة العدو الصهيوني ومن يمالئه من حكومات، والذين يحاولون جميعًا تركيع أهالي غزة وإخضاعهم من خلال اختلاق أزمات مفتعلة تجعلهم يعيشون في معاناة دائمة وأزمات مستمرة؛ علَّهم بذلك يثورون على حكومة “حماس” ويسقطونها بأيديهم كما يخطط الاحتلال الصهيوني.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...

362 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال إبريل
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامتواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال شهر إبريل/نيسان...

المجاعة تتفشى بمستويات كارثية والأورومتوسطي يوثق ارتفاعًا حادًا في معدلات الوفاة الطبيعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان قطاع غزة، إلى...

مستشفى الكويت برفح: المخزون الطبي لدينا يكفي لأسبوع واحد فقط
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر مستشفى الكويت التخصصي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، اليوم السبت، من توقف عملياته معلنا أن المخزون الطبي لديه "يكفي...

77 شهيدا و275 جريحا في غزة خلال 48 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 77 شهيدا، و275 جريحا وذلك خلال 48 الساعة الماضية...

ألبانيزي: تجويع الفلسطينيين عار على الضمير العالمي
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام استنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي مواصلة الاحتلال...

معظمهم أطفال.. 57 شهيداً ضحايا الجوع في غزة منذ بدء الإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد المكتب الإعلام الحكومي في غزة، بارتفاع عدد الوفيات في القطاع بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً، مرجحا ارتفاع عدد...