عوض: كثير من الدول لا تحتمل ما تعرضنا له

قال الدكتور محمد عوض الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني إن الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية تمكَّنت من تحقيق الكثير من الإنجازات الملموسة على أرض الواقع في ظل العقبات والتحديات التي واجهتها على مدار أربعة أعوام متتالية، خاصة بعد نجاح حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006م، وشكَّلت نتيجتها الحكومة العاشرة.
وأشار الدكتور عوض خلال حوارٍ صحفيٍّ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” بمناسبة مرور أربعة أعوام على تشكيل حركة “حماس” الحكومةَ الفلسطينية؛ إلى أن الحكومة الفلسطينية برئاسة هنية تعرَّضت لتحدياتٍ جسيمةٍ لو تعرَّضت لها أية دولة في العالم لما صمدت أمام تلك التحديات، ولكن الحكومة الفلسطينية تمكَّنت من الصمود في وجه هذه الصعاب والعقبات والتحديات.
ونفى الدكتور عوض أن تكون الحكومة الفلسطينية قد مارست أي نوع من قمع الحريات، مشيرًا إلى أن سياسة الحكومة مع حرية الشعب الفلسطيني وحرية الصحافة والتعبير، ومع حرية العمل السياسي والمؤسساتي، شريطة ألا يفسر مفهوم الحرية بالإخلال بالأمن أو الاعتداء على حقوق الآخرين.
وفيما يلي نص الحوار:
* مع مرور أربع سنوات على نجاح حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية وتسلمها الحكومة.. كيف تصف إدارتكم للحكومة؟ وهل نجحتم؟
** على الرغم من كل المعوقات الكثيرة التي وضعت أمام الحكومة الفلسطينية، تمكنت من تحقيق إنجازات مهمة جدًّا، خاصة في مجال الأمن، وإنهاء ظاهرة الفتان الأمني، وإعادة هيبة القضاء والقانون، وتحقيق أشياء ملموسة على صعيد قطاعات التعليم والصحة والأشغال وغيرها، ولكني أشير إلى أن ما تم إنجازه ليس بمستوى الطموح الذي سعينا إلى تحقيقه؛ فنحن -ولا شك- نطمح إلى أن نحقق أكثر وأفضل مما قدمناه، ولكن نظرًا للظروف القاسية والصعبة التي تعرضت لها الحكومة الفلسطينية فإن ما قدمته شيء جميل وكبير نظرًا لتعرُّضنا لحصار جائر بكل مستوياته، وأنا أؤكد أن كثيرًا من الدول لو تعرضت لما تعرضت له حكومتنا لما وجدتها قائمة إلى الآن، ولكننا لا نزال قائمين على الحكم، وهناك احتضان بشكل أو بآخر من قِبَل الشعب الفلسطيني.
ومنذ اللحظة الأولى لقدومنا إلى الحكم واجهتنا مشاكل جمة وعقبات كبيرة، ويمكن القول إن أهم عقبة واجهتنا هي عدم تقبُّل نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006م على الأصعدة: المحلي، والإقليمي، والدولي، وهو ما انعكس على صلاحيات الحكومة، ثم جاء الحصار وتداعياته المأساوية على قطاع غزة، ثم جاءت الحرب على قطاع غزة؛ فكل هذه الأجواء تؤكد أن الحكومة تعمل تحت ضغط أزمات متواصل وما يطلق عليه في الإدارة بالأزمات أو الإدارة تحت الضغط كما يطلق عليها خبراء الإدارة؛ حيث إن هناك عملاً دؤوبًا على مدار الساعة، وعملاً متواصلاً يتابع الأحداث والمشاكل الناجمة عن هذه المعوقات والعقبات وحلها؛ حيث ظهرت الكثير من الأزمات، خاصة أزمة الغاز والبنزين والسولار والقرطاسية وغيرها، ولكن بعد وقت قصير تمكنت الحكومة من توفير كافة الاحتياجات وبأسعار زهيدة، بالإضافة إلى أن إبداعات الشعب الفلسطيني ساعدت على إنهاء هذه الأزمات وتجاوزها.
وأيضًا الحصار منع تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، ومن أهم أشكال الحصار عدم توفير مواد الإعمار والبناء؛ فلدينا خطة لإعادة البناء بعد الحرب، كما كانت هناك خطط تنموية، كإنشاء المدارس والمستشفيات والمؤسسات الخدماتية، ولكن نتيجة للحصار لم نتمكن من تنفيذ هذه المشاريع، ولكن في العام الماضي تحديدًا استطعنا كسر الحصار في بعض المشاريع التطويرية، خاصة المتعلقة بالطرق، وهذا دليلٌ على عدم يأسنا وعجزنا، وهو رسالة مفادها أننا لم نيأس ولن نقدم تنازلاً مقابل لقمة العيش.
* هناك تهديدات صهيونية متواصلة لكم في الحكومة، وهناك أيضًا دعوات من قادة في الكيان الصهيوني إلى استهداف الحكومة ومؤسساتها.. هل أنتم على جاهزية للتصدي لأي من تلك التهديدات؟
** في ظل التهديد الصهيوني بتصعيد العدوان على غزة أقول لكم إن الوجود الفلسطيني مهدد دائمًا بالعدوان من قِبَل الكيان الصهيوني، ونحن نسعى إلى أن نكون على جاهزية كاملة لصد أي عدوان ممكن بحق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمة الجاهزية دعم المواطن في أرضه وبيته بحيث يشعر بأن الحكومة في نفس المعاناة والمواجهة مع العدوان، وهو ما ثبت في الحرب الأخيرة، من خلال تلبية كافة متطلبات الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني؛ بدءًا من صرف الرواتب وحتى توفير الأمن في الشارع الفلسطيني.
ونحن لا نتمنَّى أن يكون هناك عدوان، ولكن مهمتنا وضع خطط لمواجهة العدوان إذا تم، ولدينا خطط جاهزة ومعدة بكل المستويات لمواجهة أي عدوان قد نتعرض له، وقد استفدنا من التجربة السابقة؛ حيث تجاوزنا كل أخطاء المرحلة السابقة.
* كيف تصف علاقة الحكومة الفلسطينية بالمجلس التشريعي الفلسطيني؟
** نحن نسعى دائما إلى أن تكون العلاقة مع المجلس التشريعي تكاملية لا علاقة شد ونفور؛ لكيلا تؤثر في عملنا في الحكومة وفي الخدمة التي نقدمها إلى المواطن، وهناك حياة برلمانية كاملة على مدار السنوات الماضية؛ حيث يمكن القول إن كل الوزارات مثُلت أمام المجلس التشريعي، وقام بمساءلة هذه الوزارات على الكثير من النقاط والأعمال والملاحظات، وقد حدث نقاش شديد وقوي خلال طرح الموازنة لعام 2010م، وكان هناك تباين كبير في المواقف بين المجلس التشريعي والحكومة، وهو دليل على الجو الصحي.
* هل لكم أن توضحوا لنا كيف تتم آلية اتخاذ القرار في الحكومة الفلسطينية؟
** آلية اتخاذ القرار في الحكومة تتم من خلال دراسة أي مشروع قرار يقدم إلى مجلس الوزراء الفلسطيني عبر ورقتين؛ إحداهما تسمى تفسيرية، والأخرى مشروع قرار، ويصل هذا إلى الأمانة العامة التي تقوم بدورها بمراجعة ذلك القرار في الإطارين القانوني والفني، وبعد تدقيقه يتم عرضه على مجلس الوزراء للنقاش، وفي حالة الموافقة يتم توزيعه على الجهات المعنية للتنفيذ ومن ثم ينشر في الصحيفة الرسمية للتعرف عليه.
وأضاف أنه بعد ذلك تتم متابعته من قبل الأمانة العامة، وهل تم تنفيذ القرار أم لا، أو إذا كان هناك متابعة لتصديره إلى المجلس التشريعي للتصديق عليه والتوقيع عليه بحسب نوعية القرار.
* ماذا عن واقع الحريات في قطاع غزة؟ البعض يتهمكم بقمع الحريات.. كيف تردون على ذلك؟ وكيف تردون على اتهامات يوجهها البعض بحقكم بأنكم توظفون أبناء حركة “حماس” دون غيرهم؟
** سياسة الحكومة الفلسطينية مع حرية الشعب الفلسطيني ومع حرية الصحافة والتعبير ومع حرية العمل السياسي والمؤسساتي، ولكن يجب ألا يفسر مفهوم الحرية بالإخلال بالأمن أو الاعتداء على حقوق الآخرين، ونؤكد أن الصحافة تعمل بحرية مطلقة، ومنها من يهاجم الحكومة “صراحة” ويتكلم بأشياء كثيرة دون منعه أو الاعتداء عليه، والأمثلة كثيرة وبإمكانكم رصد ذلك بوضوح.
ولا شك أن هناك بعض التصرفات من قِبَل بعض المستويات ويتم تجاوزها بسرعة، ولا يوجد لدينا في الحكومة الفلسطينية أي نهج للعمل ضد الصحافة والصحفيين، أو حجْر حق الرأي والتعبير لأي إنسان كان، وكل الوفود التي تأتي تشهد أن الشعب الفلسطيني أكثر حرية من باقي الشعوب.
أما بخصوص توظيف أبناء حركة “حماس” أو أنصارها فنحن ننفي ذلك مطلقًا؛ فالوظائف تتم عبر إعلانات وامتحانات وقوائم الأسماء تنشر على مواقع الإنترنت، وأنا أدعو أي مواطن إذا تعرض لأية مشكلة إلى أن يتوجَّه إلينا بمظلمته ونحن نكفل له حلها، والحديث بشكل عام يسيء ولا يحل هذه القضايا.
إذا كان هناك خطأ قمنا بتصحيحيه، وهو بنسبة ضئيلة جدًّا، وبرؤية عامة لم يحدث تجاوز ولم يحدث أي اختيار على أساس فصائلي بالوظائف المدنية.
وبالنسبة للشق العسكري في وزارة الداخلية تم توظيف أشخاص من قبل الفصائل الراغبة في العمل؛ بما فيها حركة “حماس”، ولكن نحن طورنا العمل وأعلنا عن وظائف عسكرية في الشق العسكري لكل المجتمع الفلسطيني للمرة الأولى في تاريخ السلطة الفلسطينية، وهذا لم يحدث في كل أنحاء العالم، أما الوظائف السياسية ففي كل الدول يتم تعيينها من قبل الحزب السياسي الحاكم، وتكون في المستويات العليا فقط.
* ماذا عن خطة مستقبلية للحكومة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالأمن؟ ماذا عن ديوان المظالم الذي سمعنا عنه مؤخرًا؟
** خطة الحكومة المستقبلية تتكون من محورين أساسيين؛ هما: خطة التنمية الشاملة، وتتراوح من 2 – 5 سنوات، والخطة التشغيلية السنوية للوزارات التي تعتمد في جزء منها على خطة التنمية الشاملة، وهذه الخطط موجودة ومُقرَّة لعام 2010، ولكن بالنسبة لتطبيق هذه الخطة أو عدمه مرتبط بالواقع الفلسطيني من حيث الممكن والمتوقع تطبيقه.
وبشأن السلوك الأمني للحكومة فقد كان لدينا خطة طموحة من أجل تطوير قدرات ضباط الأمن وصقل قدراتهم، ولكن الحصار منع الدول من استقبال الضباط؛ ما انعكس سلبا على أداء العمل الشرطي؛ ولذلك قمنا بفتح كلية الشرطة لتطوير قدرات رجال الأمن وصقل قدراتهم وتعزيز مهاراتهم من خلال التدريب والتأهيل خاصة فيما يتعلق بالمعاملة الأمنية مع الجمهور.
أما ديوان المظالم الذي شُكِّل مؤخرًا فمهامه هو رفع الظلم عن المواطنين واستقبال شكواهم أيًّا كانت، خاصة إذا كانت تخص الحكومة ومرافقها، وكان هناك إصرار من رئيس الوزراء إسماعيل هنية على أن يتبع ديوان الظالم له شخصيًّا بحيث يستطيع أن يتابع كل القضايا وأن يأخذ القرار بقوة ضد أي إنسان يعتدي على حقوق المواطن.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...