هل تتوحد الأمة الإسلامية من أجل تحرير القدس؟

عندما حررت الأمة الإسلامية القدس من الاحتلال الروماني كانت موحدة تحت قيادة الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب.
ولكي تحرر الأمة القدس من الاحتلال الصليبي توحدت تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي.
وهذا يشير إلى أن وحدة الأمة من أهم شروط تحرير القدس، ومقدمة ضرورية لتحقيق هذا الهدف العظيم.
ولكن هل يمكن أن تتوحد الأمة الإسلامية مرة أخرى لتحرير القدس؟. قراءة الواقع تؤكد استحالة تحقيق هذه الوحدة، وأنها بمقاييس العصر ضرب من خيال جامح، أو من أحلام يقظة.
إننا يجب أن نعترف أن كل ما في هذا الواقع يشكل تحدياً لهذا الهدف يمنع تحقيقه، والحكام المستبدون يكرهون كل من يفكر في توحيد الأمة ويضطهدونه، ووسائل الإعلام تسخر من كل من يحلم بوحدة الأمة، والعالم كله يتحالف لمنع تحقيق هذه الوحدة، والأمة كلها تختلف وتتصارع وتتنافس، وتصل الأمور إلى حد التهديد بالحرب من أجل مباراة كرة قدم.
الواقع بالفعل أكثر بؤساً وظلاماً من كل وصف، وحياتنا أصبحت أسوأ من كل ما يتخيله إنسان، والملايين في أرضنا
يعيشون ويموتون، ولا يعرفون لماذا وكيف؟! فإذا أردت أن تعرف حقيقة الفقر والقهر والظلم فانظر في كل أنحاء الوطن تجد منه صنوفاً وألواناً لم يعرفها التاريخ. هل في ظل هذا الواقع الكئيب يمكن أن يفكر عاقل في توحيد الأمة وتحرير القدس؟!
الأحرار لا يخضعون للواقع
الدجاجة هي التي تنظر تحت أقدامها ونحن بالرغم من كل الهم والغم الذي نعانيه لا يمكن أن نكون دجاجاً ولا نعاجاً. نحن رجال أراد الله لنا أن نكون مسلمين، ولا نركع إلا لله، ولذلك يجب ألا نخضع لهذا الواقع مهما كانت قسوته.
نحن رجال ولابد أن نتحدى هذا الواقع، ونعمل على تغييره.
والله سبحانه وتعالى أنعم علينا بقلوب مؤمنة فإننا لابد أن نشحن تلك القلوب بالشوق للحرية والوحدة والتحرير فإذا ما شحنا قلوبنا بتلك الأشواق فإن عقولنا ستنطلق بحثاً عن الوسائل التي تحقق الغايات، وعن الطريق الذي يبلغنا الهدف.
هل جربتم أن تعيشوا بقلوب مشحونة بالشوق للأقصى؟! من لم يجرب عليه أن يزكي نفسه وأن يحرر قلبه من العبودية للدنيا، فذلك الشوق لا يدخل إلا النفوس الزكية والقلوب الحرة.
والقدس مدينة حرة لا تشتاق إلا للمشتاقين لها والحالمين بتحريرها، والذين حرروا قلوبهم وزكوا أنفسهم وشحذوا بصيرتهم وأطلقوا العنان لخيالهم من أجل حريتها.
والأحرار لابد أن يغيروا الواقع، فإن كان الواقع يدفع للإحباط واليأس، فالإيمان يمنحنا الأمل والثقة في نصر الله.
حسناً يقولون إن أمريكا سوف تمنع بالقوة أية محاولة للوحدة وأنها تستخدم الحكام العرب لزيادة الخلافات والفرقة والتشرد والخلاف والقبلية والقُطرية، وخلق هويات بديلة تثير العصبية الجاهلية، وأنها لا يمكن أن ترضى عن أية محاولة لتحقيق الوحدة حتى داخل أية دولة عربية.
ولكن من قال إننا نريد إرضاء أمريكا.. إننا لا نريد سوى غضبها، بل إن غضب أمريكا دليل على أننا أحرار… فلتغضب أمريكا، وكلما زاد ذلك الغضب زادت الرعونة والحماقة، وأسرعت الخطى نحو الانهيار.
لذلك فإن أحرار الأمة يجب أن يتحدوا تلك الخرافات التي يروجها عبيد الواقع، فأمريكا تعيش واقعاً أسوأ بكثير مما نتخيل، وهي تتعرض لهزيمة في العراق وأفغانستان، وهي تمر بأزمة اقتصادية ستؤدي إلى تدهور اقتصاديات العالم كله.
الذين ينتظرون الإذن من أمريكا هم عبيد أمريكا، وأما نحن فإننا عباد الله، وهدفنا هو تحرير أمتنا من سيطرة أجنبية وتحقيق استقلالها الشامل.
الوحدة من أجل القدس
ولكي نحقق الوحدة لابد أن نتفق على مجموعة من الثوابت والأهداف الكبرى، ولا نسمح لأحد بأن يضيع جهودنا في خلافات عميقة على جزئيات وفروع.
هناك الكثير في أمتنا اندفعوا بحسن نية للتركيز على خلافات حول قضايا فرعية، وغيبوا وعي الأمة.
لذلك فإن تحرير القدس يشكل الهدف الرئيسي الذي يجب أن نركز عليه وأن نتوحد حوله… والذي لا يريد تحرير القدس هو الذي يمكن أن يضيع وقت الأمة وجهدها في خلافات قليلة الأهمية.
من يُرد أن يحرر القدس عليه أن يوحد الأمة على هذا الهدف، وهو بالتأكيد يستحق أن نتوحد لتحقيقه.
أما الثوابت فأهمها أننا أمة تعبد الله وحده، وتؤمن أن الله هو الذي خلق الكون ويدبر أمره. هذه الأمة هي الأمينة على رسالة الله الخاتمة للبشرية وهي الأمينة على قصص الأنبياء الذين أرسلهم الله جميعاً برسالة التوحيد.
وهذه الأمة التي تملك الكتاب السماوي الوحيد الذي حفظه الله، فلم يستطع أحد أن يغير فيه حرفاً بالزيادة أو النقصان، فهو كلام الله وهو مصدر قوتنا وحياتنا.
وهذه الأمة وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها خير أمة أخرجت للناس.
وهي الأمة الوحيدة التي تعرف سيرة رسولها بشكل مفصل وصحيح، وتستطيع أن تعرف من هذه السيرة أسس بناء الدولة والحضارة، وان تعيد بناء حضارتها على هذه الأسس، وأن تتوحد لتحقيق وظيفة الحضارة الإسلامية وأهدافها.
فلماذا لا نتوحد؟!.
كل مسلم يدرك كل ذلك… فلماذا لا نتوحد؟ وماذا لو توحدنا… أيها السادة تخيلوا معي أن هذه الأمة تمتلك 35 مليون كم مربع وعلى هذه الأرض ثروات تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي عندما نحسن استخدامها في تحقيق التنمية والتقدم.
ولقد أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون مصادر الطاقة مثل البترول على أرضنا، لذلك فإننا يمكن أن نتحكم في حركة الاقتصاد العالمي.
وهذه الأمة يصل عددها الآن أكثر من مليار ونصف… تخيلوا معي ملياراً ونصف المليار من البشر يتوحدون على هدف واحد، ويتمسكون بمجموعة من الثوابت التي تشكل حياتهم وعلاقاتهم.
هل يمكن أن تحلموا معي بأن هذه الأمة قد انتفضت وتوحدت… وكل عقل فيها يفكر ويبدع ويتعلم ويعلم، ويحصل على المعرفة وينقلها للبشر، وكل إنسان فيها يعمل ويبني ويزرع ويقاتل من أجل الحرية، ومن أجل تحرير فلسطين.
صدقوني عندما تتوحد الأمة سيفر الصهاينة من فلسطين إلى البلاد التي جاؤوا منها. لأنهم يعرفون أنه لا مكان لهم في أرض فلسطين.
“إسرائيل” تعيش الآن وتعاملنا بكل هذا الصلف والغرور والاستكبار لأن حكامنا هم الذين يقومون بحمايتها.. لكن عندما تتوحد الأمة فسيعود اليهود إلى تلك الأعمال القذرة التي مارسوها طوال التاريخ مثل الربا.
ولكن لكي نتوحد لابد أن نحرر أنفسنا من العبودية للواقع لنكون عبيداً لله وحده، ولابد أن نملأ قلوبنا حباً وشوقاً لقدسنا وأملاً في تحريرها وثقة في نصر الله.
صحيفة الشرق القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...