علاقة البرنامج الصهيوني لتدريب قوات أمن الخليج باغتيال المبحوح

قبل ثلاث سنوات، أعطى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الضوء الأخضر لنشر وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي في الخليج العربي لتدريب الآلاف من قوات الأمن والعسكريين وعناصر المخابرات وفق تكتيكات لحماية أنظمتهم والمنشآت النفطية في دول الخليج العربية، وكذلك حماية الموانئ البحرية والجوية وغيرها من المنشآت الإستراتيجية.
وتم الكشف عن هذا البرنامج، لأول مرة من قبل “ديبكا”، حيث تم التوصل إليه بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزيري الدفاع، روبرت غيتس، وإيهود باراك.
وكان التفكير في واشنطن في ذلك الوقت هو أنه بما أن الولايات المتحدة كانت تعاني من ضغوط شديدة على ثلاث جبهات في العراق وأفغانستان والإرهاب، وليس بالإمكان تجنب القوة العسكرية لبناء القوة الدفاعية لدول الخليج الفارسي، فإن الجيش الإسرائيلي كان مؤهلا تأهيلا جيدا لتدريب جيوش دول الخليج، وذلك باستخدام تقنيات قتالية مبتكرة، تم تطويرها في ميادين المعارك في لبنان.
هذه العملية أراحت أذهان حكام الخليج من التفكير في ضعفهم مقابل عين إيران الجوالة. وقد رأى الإستراتيجيون الأميركيون أربع فوائد في البرنامج:
1. أنها بواسطة الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن والمخابرات، التي تمرست حديثا خلال الحرب في لبنان، وبعد وقف إطلاق النار، ستكون القوات متوفرة بأعداد كافية للقيام بمهمة واسعة النطاق من دون توتر.
2. بإدخال أفراد الأمن الإسرائيلي إلى الخليج الفارسي كمدربين لوحدات النخبة المحلية، فإن إدارة بوش ستكسب المجد لتحقيقها اكبر انفراجة دبلوماسية في العالم العربي للدولة اليهودية. صحيح أنها كانت فقط لتكون عملية سرية، ولكن إقامة علاقات عسكرية استخبارية بين إسرائيل وإمارات الخليج، من شأنه أن يولد علاقات الثقة ويمهد الطريق إلى حل الصراع في الشرق الأوسط عن طريق دبلوماسية السلام.
3. دور إسرائيل العسكري في الخليج أعفا الرئيس الأمريكي جورج بوش من التوسل إلى حكومات أوروبا الغربية، والذي كان على علاقة سيئة معها، من أجل إرسال قوة عسكرية احتياطية. وبأي حال، بوش لا يثق في قدراتها العسكرية والاستخبارية أو مصداقيتها، على عكس إسرائيل.
4. هذا المشروع من شأنه وضع مئات من قوات النخبة الإسرائيلية، وقدامى المحاربين في مجال الاستخبارات على مسافة قصيرة من الشواطئ الإيرانية، وهو الوجود الذي يتحول إلى موقع متقدم ضد إيران بسهولة. وهذا من شأنه أن يعوض جزئيا فشل إسرائيل في الانتصار على وكيل إيران في لبنان. وبعبارة أخرى، كان الرئيس الأمريكي جورج بوش مستعد لان يقدم لإسرائيل الهامش الاستخباري – الاستراتيجي الذي استعصى عليها في حرب لبنان.
وقالت مصادر عسكرية واستخباراتية أن الفرق الإسرائيلية بدأت بالانتقال إلى وظائفهم الجديدة في أيار/ مايو 2007، بعد حصول واشنطن على موافقة من السعودية ومصر والإمارات. وتم وضع قواعد عمل خاصة في أبو ظبي ودبي. وتضمنت التعليمات فرقة كوماندوز من قدامى المحاربين من وحدة “شالدغ” الإسرائيلية (المقابلة لقوة دلتا في الولايات المتحدة)، الأسطول رقم 13، وحدات العمليات الخاصة في جهاز الاستخبارات العامة وقوات النخبة من الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود.
وبوصولهم إلى الخليج (ولكن ليس إلى السعودية) ومتنكرين كأوروبيين، توجه المدربون الإسرائيليون إلى أعمالهم وقدموا دورات مدتها ثلاثة أشهر لأفراد الجيش والأمن والاستخبارات المحليين بعدد 300 رجل في كل دورة. وخلال بقائها لمدة 30 شهر في الخليج، درب الخبراء الإسرائيليون 10 دورات، وأفرزوا ما مجموعه 3000 رجلا من الخريجين الذين شكلوا قوات العمليات الخاصة في دولة الإمارات والمعروفة الآن في واشنطن بـ” قوة حماية الخليج”.
ووفقا لمصادرنا، فإن السعوديين وافقوا على هذه العملية من حيث المبدأ، إلا أنهم رفضوا إرسال قوات تابعة لهم للتدريب مع الإسرائيليين وذلك لسببين: الأول، كان – ولا يزال- لا يمكن التصور بالنسبة لهم وضع هؤلاء الرجال في أيدي مدربين إسرائيليين، والثاني، إرسالهم إلى دولة الإمارات العربية للتدريب إهانة لكرامتهم، وتقويض مكانتها كقوة إقليمية. أما أبو ظبي وعُمان والكويت وقطر والبحرين ليس لديهم مثل هذه الموانع، ورحبوا بالمساعدة العسكرية الإسرائيلية.
وبحلول النصف الثاني من عام 2008، شهدت الرياض النتائج الأولى لبرامج التدريب الإسرائيلية واعترفت بأنها معجبة بها. وطلبت السعودية من بوش ونائبه ديك تشيني إرسال مدربين عسكريين إلى المملكة لتعليم نفس تقنيات الإسرائيليين القتالية التي نقلت إلى جيوش إمارة أبو ظبي ودبي.
واشنطن كان منبهرة من هذا الطلب. فقبل خمس سنوات، اضطر العاهل السعودي إلى إخراج كل جندي أمريكي من السعودية. أما الآن فهم يطلبون عدد صغير، لا يزيد على بضع عشرات، من خبراء حرب العصابات من الولايات المتحدة.
وتقول مصادر من واشنطن أن فتح الرئيس بوش الخليج الفارسي، وهو موقع استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة كقوة عظمى العالم، أمام الوجود العسكري والاستخباري الإسرائيلي، كان يعارضه أكثر من خصم في أمريكا. واحد منهم كان سكرتير بوش الخاص ووزير الدفاع، روبرت غيتس.
لكن الرئيس كان قادرا على إقناع رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأدميرال مايك مولين، وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بتريوس بالمصالح الاستخبارية والعسكرية، ببرنامج الخليج العربي الإسرائيلي وأنهم وقعوا عليه.
تولى بنيامين نتنياهو منصبه كرئيس للوزراء في آذار 2009، بعد شهرين من أداء أوباما اليمين الدستورية كرئيس للبلاد. حينها أطلق الرئيس الجديد حملته على إسرائيل لتتخلى عن برامجها لتدريب جيوش الخليج. وأثير الطلب في أول لقاء بين قادة البلدين وأعيد طرحه في أول لقاء وجه لوجه بينهما.
لكن نتنياهو، الذي يقدر القيمة الاستخباراتية الهائلة من وجود إسرائيل في الخليج في وجه إيران، أصر على أن البرنامج جزء لا يتجزأ من التفاهمات مع الولايات المتحدة على بذل جهود مشتركة لإنهاء برنامج إيران للأسلحة النووية. وجادل بأنه من أجل الاستمرار في الثقة في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران وغيرها من المسائل، يجب أن تتمسك إدارة أوباما بالتزامات إدارة بوش الإستراتيجية تجاه إسرائيل.
ابتداء من النصف الثاني من يوليو إلى مطلع أيلول/سبتمبر 2009، توقفت واشنطن عن مضايقة تل أبيب حول هذا الموضوع. ولم تطرح المسألة عندما التقى أوباما ونتنياهو في واشنطن يوم 9 نوفمبر. في اليوم التالي، أطلقت الولايات المتحدة وإسرائيل مناورات “كوبرا العرعر 10″، في أكبر تدريبات عسكرية مشتركة، من أجل تدريب دفاعاتهما ضد الهجمات المتزامنة لصواريخ إيران وحلفائها الثلاثة.
يخمن خبراء الاستخبارات في واشنطن بأن عملية اغتيال المبحوح في دبي جرت لقطع خط إمدادات الأسلحة لحماس مع إيران. وربما كان يقصد من ذلك إظهار أن المدربين الإسرائيليين لم يضيعوا الوقت لمدة عامين في دبي، وأنه حتى بعد أن طردوا، يمكن أن يجدوا طريقا للعودة إلى هذه الأرض إذا دعت الحاجة.
موقع تيك ديبكا، 23/3/2010
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...