الأحد 20/أكتوبر/2024

مناقشة وتحليل لحادثة اغتيال المسئول العسكري في حماس محمود المبحوح

مناقشة وتحليل لحادثة اغتيال المسئول العسكري في حماس محمود المبحوح

عرضت شرطة دبي في 16 شباط شريط فيديو يُظهر 17 شخصاً (15 رجلاً وامرأتين) يُعتقد أنهم شاركوا في عملية اغتيال المسؤول العسكري في حماس محمود المبحوح في 19 كانون الثاني. وأفيد بأن المبحوح قدِم إلى دبي لحضور اجتماع لم يُعلَن عنه، بدون إجراءات أمنية لعدم القدرة على شراء تذاكر السفر لحرّاسه في الوقت المناسب.

وذكرت مصادر خاصة أن المبحوح وصل إلى دبي أثناء رحلته إلى طهران للإجتماع بمسؤولين إيرانيين للتباحث بشأن مبيعات أسلحة محتملة لحماس، وقد وُجد مقتولاً في غرفته في فندق البستان في دبي بتاريخ 20 كانون الثاني.

استطاعت الشرطة اقتفاء أثر 11 شخصاً من بين المشبوهين الخمسة عشر بواسطة شريط فيديو وسجلات دائرة الهجرة التي أشارت إلى أنهم وصلوا إلى مطار دبي الدولي قبل 19 ساعة من اغتيال المبحوح. وقد سافر هؤلاء الأشخاص الأحد عشرة إلى دبي بجوازات سفر إنكليزية وأيرلندية وفرنسية وألمانية، ووصلوا من أماكن مختلفة في أوروبا قبل 14 ساعة تقريباً من وصول المبحوح.

واستخدم المشبوهون عدة مواقع تزدحم بالمارّة في دبي كأماكن للإجتماع، ومراكز لوجستية ومواقع للتخطيط قبل تنفيذ العملية، منها ثلاثة فنادق على الأقل ومركز تسوّق. كما رصدت شرطة دبي عدة مكالمات هاتفية مشفَّرة أجراها المشبوهون مع أرقام في النمسا حيث تعتقد الشرطة أن مركز القيادة والسيطرة الخاص بالعملية كان فيها.

سعى جميع المشبوهين إلى تغيير مظهرهم البدني بدرجات متفاوتة، تراوحت بين اعتمار قبعات بسيطة ووضع شعور مستعارة ونظارات. كما أن سلوك أعضاء الفريق الظاهر على شريط الفيديو لم يحِد عن سلوك السياح أو راكبي الحافلات المعتاد، مما يشير إلى مستوى عالٍ من التدريب والحرفية.

واتضح من شريط الفيديو أن المشبوهين كانوا ملحَقين بواحدة من عدة فرق متخصصة وأنهم قاموا بأدوار محددة للغاية في العملية. وتم التعرّف على أربع فرق مراقبة على الأقل، حيث بدا ثلاث من هذه الفرق يعمل في أزواج، في حين بدا الفريق الرابع قائماً على شخص بمفرده.

وهناك شخص آخر، يبدو أنه المسؤول الأول عن العملية، حجز الغرفة المطلة على الردهة مقابل الغرفة التي نزل فيها المبحوح. وشارك الأفراد السبعة المتبقون مباشرة في الإغتيال الفعلي، حيث خدموا كمراقبين خارج غرفة المبحوح أو كقتلة فعلين.

تمركزت فرق المراقبة مسبقاً قبل وصول المبحوح في المطار وفي فندقين اعتاد المبحوح على النزول فيهما دائماً عندما كان يفد إلى دبي.

وبعد أن وصل المبحوح إلى فندق البستان، شوهد اثنان من المراقبين كانا في الردهة وهما يلاحقانه وصولاً إلى غرفته.

وبعد أن تم التأكد من رقم غرفة المبحوح، اتصل اثنان من فريق المراقبة بباقي أعضاء الفريق الذين ما لبثوا أن انتقلوا إلى فندق البستان، وحجز المسؤول عن العملية الغرفة المقابلة لغرفة المبحوح.

غادر المبحوح فندق البستان لحضور اجتماع لا يعرف مكانه، وفي هذه الأثناء، أظهر شريط الفيديو أحد أفراد فريق المراقبة وهو يعطي أوصاف المركبة التي استقلّها المبحوح. وعقب مغادرة المبحوح، تهيّأ رجلان وامرأة بشعور مستعارة ونظارات واثنان من فرق الإغتيال الثنائية في الغرفة المقابلة لغرفة المبحوح.

وشوهد المبحوح عقب عودته إلى الفندق وهو يمرّ بالقرب من الرجل والمرأة المتنكرَين اللذين اتخذا من قبل موقعي مراقبة بالقرب من المصعد وخارج غرفة المبحوح. وبعد ذلك، تم اعتراض المبحوح وقتله داخل غرفته على يد فرق الإغتيال الثنائية عند الساعة 8:30 صباحاً تقريباً حسب التوقيت المحلي. وبعد ذلك غادرت فرق المراقبة المكان ولحقت بفرق الإغتيال الثنائية (غادروا الفندق جميعاً في وقت واحد)، ثم لحق بهما الرجلان والمرأة المتنكران.

أقلع الأفراد الأحد عشر الذين تم التعرّف عليهم من مطار دبي الدولي ضمن فترة تراوحت بين ساعتين وعشر ساعات من وقوع عملية الإغتيال إلى أماكن عدة مختلفة في جنوب أفريقيا وهونغ كونغ وألمانيا وفرنسا وسويسرا، أي قبل وقت طويل من اكتشاف طاقم التنظيف في الفندق جثة المبحوح في 20 كانون الثاني عند الساعة 1:30 بعد الظهر حسب التوقيت المحلي.

ويشير وصول أعضاء الفريق قبل 19 ساعة تقريباً من وقت تنفيذ العملية وقبل 14 ساعة من وصول المبحوح إلى أن المجموعة كانت على علم بخطط سفر المبحوح سلفاً. وبالإضافة إلى ذلك، تتطلب الحركات المنسَّقة واللوجستيات في هذا النوع من العمليات في العادة فريقاً محترفاً يتمركز قبل وصول فريق الإغتيال. وظهر في الشريط أن بعض أعضاء الفريق، وبخاصة الذين نفّذوا عملية الإغتيال، كانوا متنبّهين إلى وجود كاميرات مراقبة ولذلك كانوا يتنقلون بطريقة يخفون بها وجوههم، في حين لم يكن الأعضاء الآخرون على هذا القدر من الحذر.

بدت تحركات الفريق طوال العملية منهجية ومحسوبة ودقيقة التنظيم، وكانت مؤشراً على عملية احترافية وهذا هو الأهم. وبالإضافة إلى ذلك، لم يحد السلوك الخارجي للجناة قبل العملية مباشرة وبعدها عن سلوك الأشخاص العاديين في دبي. وبدا واضحاً أن كل عضو في الفريق تلقّى تدريبات محترفة وأدى دوراً منسَّقاً ومحدداً في إكمال المهمة، والعثور على عملاء بمثل هذه المهارات ليس أمراً سهلاً.
كما أن التكتيكات واللوجستيات التي استُخدمت في العملية تجاوزت بكثير قدرات المنظمات الإرهابية المعروفة وكافة الأجهزة الاستخبارية الوطنية إلاّ قليلاً. وبرغم أن هذا الشريط المصوّر لا يوفر أية براهين تدين الجهة التي اغتالت المبحوح، لكنه يُظهر درجة عالية من الإحترافية قلة ضئيلة من الأشخاص يمتلكونها.

التحليل الأمني

يعتقد المحققون أن منفّذي عملية الإغتيال حاولوا إعادة برمجة القفل الإلكتروني لباب غرفة المبحوح لكي يلجوها. وتقول بعض التقارير الإخبارية أن الجناة دخلوا الغرفة فيما كان الضحية خارجها وترقّبوا عودته، في حين تشير تقارير أخرى إلى أن محاولتهم دخول الغرفة أُحبطت عندما خرج نزلاء من المصعد في الطابق الذي كان ينزل فيه المبحوح. ولذلك لجؤوا إلى خداع المبحوح لكي يفتح لهم الباب عقب عودته.

قال رئيس “الموساد” السابق، فيكتور أوسْتروفسكي، بأن عدد الأشخاص الضالعين في العملية يشير إلى أنه جرى التخطيط لها على عجل. وقال “كلما ضاق الوقت المتاح لديك للتخطيط للعملية ولتنفيذها، زاد عدد الأشخاص الذين تحتاج إليهم لإنجازها على الأرض. وكلما زاد الوقت المتاح لك للتخطيط، زاد عدد العناصر التي يمكنك الإستغناء عنها”.

وأضاف، إذا كنت تعرف أنك تستطيع حجز المصعد في الطابق السفلي على سبيل المثال، لن تكون في حاجة إلى أشخاص يراقبون ردهة المصعد في الطابق الذي ينزل فيه الضحية للتأكد من عدم خروج أحد منه. وأضاف بأنه يرجَّح أن المسؤول الثاني في الموساد نزل في الفندق أو في المنطقة التي وقعت فيها حادثة الاغتيال وأن سلطات دبي لم تكتشف أمره.

وقال أوسْتروفسكي بأنه على الرغم من أن العملاء تشتتوا في أجزاء متنوعة من العالم بعد إنجاز العملية، فقد عادوا جميعاً إلى إسرائيل الآن.

وقال بأن الدول الأخرى تمحّص أشرطة المراقبة في مطاراتها الآن على الأرجح لمعرفة الوجهة الأخيرة لأعضاء الفريق. وأضاف بأن “الموساد” فوجئ على الأرجح بتمكن سلطات دبي من لملمة كافة الجزئيات بطريقة متقنة للغاية ومن نشرها شريط الفيديو وصور جوازات السفر التي استعملها المشتبه فيهم.

وأضاف أوسْتروفسكي بأنه على الرغم من نجاح عملية دبي، فهي بدت غير متقنة في بعض مراحلها. أشار إلى التنكر السيئ الذي لجأ إليه الجناة، مثل الشعور المستعارة والنظارات والشوارب، وإلى حقيقة أن الجناة بدّلوا أدواتهم التنكرية في المكان نفسه.
 
وأشار أيضاً إلى أن اثنين من المشبوهين الذين لاحقوا الضحية داخل الفندق كانا يرتديان ثياب لاعبي كرة المضرب ولا يبدو أنها كانا يعرفان ماذا يفعلان. وظهر الاثنان وهما يتشاوران بسرعة أثناء خروج الضحية من المصعد كما لو كانا يريدان تحديد من سيقتفي أثر الضحية حتى وصولها إلى الغرفة.

حتى إن موظفاً في الفندق كان يرافق الضحية التفت إلى الوراء ورمق الاثنين كما لو أنه لاحظ ارتباكهما. وقال أخيراً، “هناك الكثير من الأشخاص الميدانيين الذين يرتكبون تلك الأخطاء ولا يتم اكتشافهم أو تصويرهم”.

ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات