الثلاثاء 13/مايو/2025

قناعة إستراتيجية صهيونية ببقاء حماس مسيطرة على قطاع غزة

قناعة إستراتيجية صهيونية ببقاء حماس مسيطرة على قطاع غزة

في سياق دورته العاشرة، برزت عدة عناوين هامة أطلقها المشاركون في مؤتمر “هرتسيليا” الصهيوني الذي انتهت أعماله الأسبوع الماضي. ومن بين تلك العناوين، جاء الموضوع الفلسطيني الذي اتخذ الحيز الأكبر من نقاشات الإستراتيجيين والأمنيين “الإسرائيليين”، ومعهم دهاقنة القرار في “إسرائيل”.

فالمجتمعون في المؤتمر، الذين أشار معظمهم إلى أن الكثير من التغيير في الموقف “الإسرائيلي” بات أمراً لا مفر منه، لتقبل مبدأ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، معتبرين أن الأمر أصبح لدى الحكومة الحالية بقيادة الليكود التزاماً واضحاً بمبدأ الدولتين، ومن أجل التوصل إلى حل دائم، وضمن حل القضايا الجوهرية.

وبالتالي العودة لمائدة المفاوضات، بالتوازي مع العمل لتحسين الجانب الاقتصادي المشترك مع الجانب الفلسطيني، وبناء الاقتصاد الفلسطيني وتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، والمساهمة في الجهود الفلسطينية في هذا المضمار.

وعدم القيام بخطوات قد تمنح حركة حماس والفئات الأكثر تطرفاً دافعاً لتوسيع نفوذها في الشارع الفلسطيني، باعتبار ذلك مدخلاً مهماً لا بد منه «لإشعار قطاعات عموم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بفوائد السلام»، وفق التعبيرات التي قيلت داخل قاعات المؤتمر وداخل أعمال لجانه المختلفة.

ولكنهم في الوقت نفسه يعتقدون أنه من غير المتوقع، حصول تقدم حقيقي في المسيرة السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. والمقصود المفاوضات مع الطرف الفلسطيني الرسمي، لسببين رئيسيين:

أولهما إهمال الإدارة الأمريكية لهذا المسار في أعقاب المشكلات المتعددة التي تكدست أمامها، وخاصة المشكلة الاقتصادية التي ما زالت المشكلة الأساسية على جدول أعمال الإدارة الأمريكية، وسط الأزمة العالمية الاقتصادية التي ما زالت جاثمة على الاقتصاد الأمريكي.

ثانيهما: بسبب من ما أسموه قوة «تيار التطرف الإسلامي»، وعجز السلطة الفلسطينية عن تفكيك «بنية العمل المسلح التي يمثلها هذا التيار»، منطلقين من أن “إسرائيل” منذ نشأتها وحتى الآن تعيش حرباً مفتوحة مع محيطها العربي، إلا أنه لم يسبق لها أن اضطرت لخوض نقاش معمق في قضايا الحرب والسلام كما هي عليه الحال اليوم.

ويعود ذلك أساساً إلى تعقد المعطيات وانقلاب المفاهيم محليا وإقليمياً ودوليا، بحيث غدت المخاطر التي تواجهها الدولة العبرية اليوم مختلفة جوهرياً عن تلك التي كانت تواجهها في العقدين أو العقود الثلاثة الأولى.ويحاول العديد من جهات البحث الإسرائيلية.
 
التركيز هذه الأيام على ما يسمى «خطر كيانات ليست دولة»، وخطر «الأسلحة المنحنية المسار»، وهي الأسلحة الصاروخية المضاف إليها الكثير من التطور لدى الدول والتنظيمات المحيطة بإسرائيل، وهو ما يشكل من وجهة نظرهم تحدياً كبيراً للقدرات العسكرية والتكنولوجية الإسرائيلية، مما يوجب على إسرائيل العمل لتطوير قدراتها بشكل يبقي فجوة لصالح إسرائيل.

مع الاهتمام بشكل أوسع بالقدرات الإلكترونية، والقدرات في مجال الحواسيب لدى أعداء إسرائيل، وستستخدم في المستقبل لمهاجمة مراكز الاتصالات المدنية والعسكرية الإسرائيلية ومراكز الحوسبة، ومعتبرين أن الرد الأمني في الماضي اعتمد على ثلاثة مبادئ أساسية هي: الردع، الإنذار، والحسم.

ولكن هذه المبادئ أعدت للحرب التقليدية التي انتهى زمنها بخروج مصر من دائرة الصراع العسكري والقضاء على قوة العراق العسكرية.

فيما برز في المقابل خطران في استنزاف إسرائيل، وهما «العمليات الاستشهادية» و«سلاح الصواريخ»، مرجحين أن تعتمد إسرائيل في مواجهة هذين الخطرين على تطوير مبدأ الإنذار القائم على الفعل الاستخباري، وتكييف الجيش الإسرائيلي لمواجهة تحديات المستقبل.

ولكنهم يتوقعون في ذات الوقت أن مسيرة التفاوض ستستمر، إذ أنها تخدم مصالح حيوية للطرفين المتفاوضين، وفق ما جاء في النقاشات التي دارت في المؤتمر استناداً إلى تقرير مركز البحوث السياسية المشار إليه.

وأشارت التقديرات لقناعة تامة ببقاء حماس مسيطرة على قطاع غزة، رغم المصاعب التي ولدتها الحرب، وفي ظل الحصار الإسرائيلي وسياسة الاغتيالات والاجتياحات العسكرية الموضعية من حين لأخر.

وتوقع المؤتمرون أن تواصل حماس والفصائل المسلحة، كحركة الجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تحشيد قواها استعداداً لمواجهة محتملة قد تعود مع الجيش الإسرائيلي.

كما يتوقع منظرو ندوات وفعاليات المؤتمر استمرار ما أسموه «النشاطات الفلسطينية» انطلاقاً من قطاع غزة، بما فيها إطلاق الصواريخ على البلدات والمستعمرات “الإسرائيلية” من حين لآخر، بالرغم من تقديرات أمنية تشير لوجود استقرار نسبي على جبهة قطاع غزة.
 
ومن جانب آخر، شغلت مسألة التوازن الديمغرافي بين الفلسطينيين والإسرائيليين على كامل أرض فلسطين التاريخية بشكل عام، وداخل حدود مناطق العام 1948 بشكل خاص، أولويات المؤتمر.

فمنهم من أطلق شرارات التحذير خوفاً من الانقلاب الديمغرافي الآتي في نهاية المطاف، داعياً لدراسة الوضع من زاويته الديمغرافية، ومقترحاً تسريع عمليات الاستيطان وجلب المزيد من يهود العالم إلى فلسطين المحتلة.

ويلحظ في هذا السياق، أن تواصل عمليات الاستيطان الصهيوني التهويدي فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان استجابة صريحة وواضحة من قبل مراكز القرار الصهيونية لمقترحات مؤتمرات هرتسليا، المتعلقة بالتوازن الديمغرافي على مدى السنين الماضية.

أما الصهيوني المتطرف أفيغدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، فقد أثار من على منصة المؤتمر موضوع المواطنين العرب الذين بقوا داخل وطنهم عام النكبة، معتبراً إياهم مشكلة كبيرة بالنسبة لمستقبل الدولة الصهيونية و«أمنها القومي».

فألقى خطاباً في المؤتمر مكرراً شعاراته وفقاً لترتيبها:«إسرائيل تتعرض لهجمة من الداخل ومن الخارج والهجمات من الداخل أكثر خطورة، بإمكان الشخص أن يكون مواطناً فقط إن خدم في الجيش وأقسم بالولاء لرموز الدولة..ولا يمكن أن يكون هناك وضع غير ذلك».

البيان الإماراتية، 22/2/2010

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات