الثلاثاء 13/مايو/2025

الكيان الصهيوني وحلف الناتو… بين العضوية والشراكة

الكيان الصهيوني وحلف الناتو… بين العضوية والشراكة

أصبحت “إسرائيل” أخيراً الدولة الأولى التي تتمم الاتفاق بشأن برنامج تعاوني فردي مع “الناتو”، الذي تستطيع من خلاله أن تدير حواراًَ استراتيجياً معه يتصل بنطاق واسع من المجالات: “الإرهاب”- وتبادل المعلومات الإستخباراتية- والإنتشار النووي.

كانت فكرة دمج “إسرائيل” في منظمة حلف شمال الأطلنطي “الناتو” تُطرَح على نحو متكرر كطعم لتشجيع الدولة اليهودية على تقديم التنازلات الضرورية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية بين العرب و”إسرائيل”.

الواقع أن بعض قادة “إسرائيل”- وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على سبيل المثال- مقتنعٌ بأن الانضمام إلى الحلف من شأنه أن يشكل رادعاً قوياً ضد إيران.

إلا أنه من المستبعد إلى حد كبير أن يكون الإندماج الكامل “لإسرائيل” في “الناتو” أمراً ممكناً وعملياً من وجهة نظر الحلف، ذلك أنه لن يكون سعيداً بتطبيق المادة الخامسة من ميثاق الحلف، التي تلزم أعضاءه بالقتال دفاعاً عن “إسرائيل” إذا تعرضت لهجوم من قِبَل أيٍ من أعدائها المحتملين الكثيرين في هذه المنطقة التي استوطنها الخطر.

وليس من الواضح فضلاً عن ذلك أن العضوية ستكون في مصلحة “إسرائيل”، تلك الدولة التي كانت عقيدتها الدفاعية تقوم دوماً على الاعتماد على الذات وحرية المناورة فيما يتصل بالمسائل الأمنية. والواقع أن التحالف الإسرائيلي غير المكتوب مع الولايات المتحدة يشكل بديلاً أكثر ملاءمة.

أما التعاون، بل حتى الشراكة مع «الناتو»- وهي مرحلة انتقالية من المحتمل أن تؤدي إلى العضوية- فهو أمر آخر.

وعلى الرغم من عملية السلام المتوقفة والأثر السلبي الذي يخلفه صراع “إسرائيل” مع الفلسطينيين على موقفها الدولي، فقد عمل “الناتو” وإسرائيل بالتدريج على تعزيز التعاون بينهما في السنوات الأخيرة. وهذا من شأنه أن يخدم مصالح الطرفين.

فبالنسبة للإسرائيليين يشكل التعاون مع «الناتو» أحد المكونات الرئيسة للشرعية في علاقاتها المضطربة في كثير من الأحيان مع الغرب؛ وبالنسبة للحلف فإن التعاون يخدم قدرته على العمل في مسارح عمليات جديدة والاستجابة للهيئة المتغيرة للتهديدات التي تواجهه.

وكذلك الأمر فيما يتصل باهتمام «الناتو» بإسرائيل، حتى أن باتريك أردوين، وهو مسؤول رفيع المستوى في قسم الشؤون السياسية والسياسات الأمنية في الحلف، أعرب عن ذلك بوضوح في عام 2006 حين قال: “إن تقلبات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا ينبغي لها أن تحد من إمكانات التعاون بين إسرائيل وحلف شمال الأطلنطي”.

الواقع أن الصراع العربي الإسرائيلي يشكل عقبة سياسية، ولكنه ليس العقبة الوحيدة بأي حال من الأحوال.
 
فضلاً عن ذلك فإن دولاً مثل المغرب والجزائر وليبيا لا تشارك في مثل هذا التعاون الإقليمي، وهذه أيضاً حال أغلب البلدان العربية في الشرق الأوسط.

ليس من المستغرب إذن أن تكون إسرائيل من بين بلدان المنطقة كافة صاحبة العلاقات الأوثق بـ«الناتو». وهذا يعكس الفوائد التي يعتقد الحلف أنه قادر على استخلاصها من الخبرة العسكرية الفريدة التي تتمتع بها إسرائيل.
 
لقد أصبحت إسرائيل أخيراً الدولة الأولى التي تتمم الاتفاق بشأن برنامج تعاوني فردي مع «الناتو»، الذي تستطيع من خلاله أن تدير الحوار الاستراتيجي مع الحلف فيما يتصل بنطاق واسع من المجالات، بما في ذلك الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والانتشار النووي، والتجنيد وتدبير الخدمات اللوجستية، وعمليات الإنقاذ.
 
كما انضمت إسرائيل إلى نظام المراقبة البحرية التابع لـ«الناتو» في البحر الأبيض المتوسط، وتساهم في عملية المسعى النشط عن طريق الانضمام إلى قوات الحلف في تسيير الدوريات في البحر الأبيض المتوسط.
 
من الواضح أن الطرفين حريصان على توسيع نطاق الشراكة بينهما، وذلك بهدف التوصل إلى مستوى عالٍ من التوافق في العمل.

وأخيراً، في ظل توقع مواجهات مفترضة مع إيران، تم تنفيذ مناورة عسكرية كبرى بهدف اختبار اندماج إسرائيل في الدفاعات الأمريكية المضادة للصواريخ الباليستية. ولقد وصفت المصادر الأمريكية هذه المناورة بأنها «منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الأكثر اكتمالاً التي قمنا بتنفيذها في أي مكان من العالم».

وأضافت نفس المصادر إن هذه المناورة كانت بمنزلة إسهام كبير في تطوير الدرع الصاروخية التي يعتزم «الناتو» إقامتها لحماية أوروبا.

إن خيارات المزيد من التعاون كثيرة، وتتراوح ما بين جمع المعلومات الاستخباراتية والتجنيد إلى صياغة عقيدة مستحدثة في مكافحة الإرهاب (بما في ذلك عن طريق شبكة الإنترنت)، وهو المجال الذي يُعَد «الناتو» وافداً جديداً عليه.
 
إن حلم بن غوريون في التحاق إسرائيل بعضوية «الناتو» قد لا يتحقق، ولكن الشراكات الناشئة تعكس اعتراف الحلف الواضح بأن إسرائيل تشاركه في التصدي للتحديات التي تواجه الغرب وأنها تُعَد شريكاً بالغ الأهمية في تطوير الاستجابات لهذه التحديات.

معاريف، 10/1/2010

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات