السبت 03/مايو/2025

الأسير زاهر جبارين صاحب السبق والصدق وحكاية الدم من شرايين القسام

فؤاد الخفش

خلف كل رجل عظيم عظماء وخلف كل حكاية وقصة راوي ومبدع ووراء كل ملحمة وأسطورة حكاية وحدث ، هذه المعاني وهذه الكلمات هي ما تنطبق على صاحب سطوري هذه “زاهر جبارين” قد يكون الاسم جديدا على جيل هذا اليوم قد يسألون من زاهر ومتى اعتقل أو ماذا فعل فالأسماء كثيرة والأحداث جسام  ، أما بالنسبة للجيل القديم فإنهم سيشعرون بالغصة والضيق لمجرد تذكيري باسمه ليس لأن أحدا يكرهه بل لأنه البدر والقمر الذي افتقد في مثل هذه الليالي الظلماء .
 
إنه زاهر جبارين أبو إسلام ومن لا يعرف زاهر لا يعرف الرجال الأوائل أهل السبق والصدق صدقوا الله فصدقهم الله ، زاهر جبارين أستاذ يحيى عياش الأول ومن نظمه لصفوف الكتائب فكان يحيى عياش أسطورة الجهاد ورجل المرحلة ، وكل المراحل.
 
زاهر جبارين اسم له وقع خاص وأثر مميز ، صاحب شخصيه خلابة ونفس عظيمة ، في كل مرحلة كان زاهر الأكثر تميزاً فهو من أسس كتائب القسام في الضفة الغربية ،فجاب البلاد بطولها وعرضها ونظم الرجال في صفوف الكتائب وتداين المال من أمه وأخته وكل من يعرف ليشتري السلاح ، ويحفظ أمن الرجال الذين قدموا من غزة فكان بيت زاهر ومنزل أم زاهر رحمها الله المأوى والملجأ لرجالات القسام الأوائل.
 
مؤسس كتائب الشهيد عز الدين القسام بالضفة الغربية زاهر جبارين قال عنه “روني شكي” الصحفي الإسرائيلي المعروف (إن من اخطر المجموعات التي شكلتها حماس على طول تاريخها كان زاهر جبارين يقف خلف تأسيسها) ، كيف لا وهو من شهد بعينه تفجير أول عبوه صنعها يحيى عياش هناك في جبال وكهوف قراوة بني حسان حيث قال لنا البطل كيف اجتمع بيحيى عياش الطالب في جامعة بيرزيت يوم أن قال له المهندس وهو يحتسي معه كأساً من الشاي أنا استطيع تصنيع عبوات ناسفة وأحزمة متفجرة ، استمع له البطل زاهر باهتمام وقال له أريد أن أرى ما يمكنك فعله.
 
وكان اللقاء الأول في قراوة بني حسان مهد الكتائب وصانعة الرجال ، وتم تجهيز العبوة الأولى وابتعد الرجال ليسمعوا هول الانفجار ، ولم يحدث الانفجار فبكى زاهر وقال له لقد تبخر الحلم يا يحيى وأسند رأسه إلى فخذيه ومن دون وعي هرول يحيى نحو العبوة وصاح عليه زاهر عد أدراجك إياك أن تنفجر بك العبوة وتحسس عياش عبوته الأولى وصحح الخطأ وأعاد شبك الأسلاك وعاد لزاهر يقول له ستسمع الآن ما لم تسمعه بحياتك أقوى انفجار في التاريخ وما هي إلا دقائق حتى فجرت العبوة المغارة التي وضعت بداخلها واهتزت على وقعها بلدة قراوة بني حسان وتعانق زاهر ويحيى وذرفوا الدموع دموع الفرح ونظروا هناك باتجاه تل الربيع وقالوا سيكون لنا موعد مع من اغتصبوا الأرض .
زاهر جبارين المحكوم بمدى الحياة خاض أطول وأقسى فترة تحقيق خاضها فلسطيني فهو أمضى ما يزيد عن عام كامل بالتحقيق في زنزانة واحده ومورس ضده أقسى أنواع العذاب وأشد أنواع الضرب فصبر واحتسب .
لم تثنه القضبان والأسلاك الشائكة من مواصلة الجهاد والنضال فقام ومن داخل سجنه بتنظيم مجموعات عسكرية خرجت من السجون ومارست أعمال ضد دولة الاحتلال وتم إعادة زاهر للتحقيق مرة أخرى وبعد هذه المرة ومرة ثالثة ورابعة ووضع في العزل الانفرادي أعوام وأعوام وبقيت همته عالية ونفسه متوقدة .
 
في أحد المرات ساقتني الأقدار إلى زنزانة في سجن بيتح تكفا عام 1999 كان قد سبقني لها زاهر جبارين وقد نقش على جدار زنزانته مقوله (احتسب ابتسامة عدوك بوجهك عند الله) كم تأثرت من هذه الكلمات وكم كنت أتذكرها في كل جولة تحقيق كنت أخوضها مع المحققين.
 
زاهر جبارين أبو إسلام اسم له وقع خاص فهو الناطق باسم الأسرى على مدار سنوات طويلة وهو من أتقن اللغة العبرية وترجم العديد من الكتب من العبرية للعربية مثل(عهد حماس) ومثل كتاب (حماس من الإيمان بالله لطريق الإرهاب) كما قام بتأليف كتابه الشهير حكاية الدم من شرايين القسام الذي وثق فيه تجربة الرجال الأوائل وتاريخ القسام بالضفة الغربية.
 
زاهر جبارين الآن يقبع في سجن هداريم شمال فلسطين المحتلة في زنزانة بصحبته شخص واحد فقط يقضي يومه بين القراءة والمطالعة ينتظر ساعة الفرج والإفراج والتحرر من سجون الاحتلال، وبقلبه غصة وألم لأنه سيخرج وأمه مضت إلى ربها وهو أسير، زاهر اليوم يبتسم لأنه سيخرج من السجن الذي أراده له الاحتلال قبر وقبو سيخرج بعد أن انتصر الكف الذي يمثله زاهر على المخرز الذي يحمله المحتل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات