الأحد 04/مايو/2025

تمهيداً لابتزاز جديد

تمهيداً لابتزاز جديد
ربما من المهم وليس الأهم، إدراك دوافع العدو “الإسرائيلي” وأسبابه التي وقفت خلف القراءة الأولى لقانون يوجب على أي حكومة “إسرائيلية” استفتاء رأي المستوطنين في أي انسحاب من أي أرض محتلة، إلا أن الأهم فهم المناخ السياسي العام في العالم وفي المنطقة، والذي دفع إلى تعبيرات لغوية من دول أوروبية عدة توحي بمطالبات للحكومة “الإسرائيلية” لتليين مواقفها وتعديل سلوكها، وهنا في الواقع بيت القصيد.

فقراءة المناخ السياسي في المنطقة يجب أن تنطلق من فهم مكامن القوة والضعف ومَن القوي ومَن الأكثر قوة ومَن الضعيف ومَن الأكثر ضعفاً، كما أنه لا يجوز مناقشة الموقف “الإسرائيلي” هذا من زاوية ردات الفعل فقط، فمشروع القانون سابق للكثير من التحولات الأخيرة، بمعنى أنه مطروح للنقاش الداخلي في الكيان الصهيوني المحتل منذ أمد، لكن التعجيل فيه ينطوي على محاولة “إسرائيلية” لتمتين وتعزيز مواقف داخلية من جهة وتوجيه رسائل في اتجاهات شتى إقليمية ودولية من جهة أخرى.

ورغم أن الحكومة “الإسرائيلية” أرادت أن توحي عبر ذلك بجملة من الإيحاءات منها مدى قوة هذه الحكومة، ومدى طبيعة «الديمقراطية» لما يسمى (المجتمع الإسرائيلي)، ومنها ما يتعلق بتوفير مناخ مسبق لابتزاز الغرب أكثر فأكثر في حال ذهبت “إسرائيل” باتجاه توقيع اتفاقيات سلام لقبض ثمن من ذلك الغرب الذي اعتاد أن يدفع لـ”إسرائيل” أثماناً مقابل سلع وهمية، وكذلك للإيحاء بأن الحكومة “الإسرائيلية” أكثر مرونة من الشارع الذي وقف خلفها، وما ستقدمه من خطاب كاذب ومخادع عن السلام هو الحد الأقصى لما تستطيع أن تفعله وتقدمه من تنازلات…
 
بشكل عام يمكن القول: إن هذه الحكومة عقلها مغلق وأفعالها مريعة تنتهي دائماً من حيث تبدأ وإن العالم من حولها يدرك جيداً وبوعي تام وفهم كلي أنها الطرف الذي يتهرب من استحقاقات السلام، حيناً بالهروب إلى الأمام عبر خوض حروب لا تلبث أن تتحول إلى هزيمة نكراء لها، وحيناً عبر لعب انتخابية وتبديل الحكومات وإسقاطها وما إلى ذلك وتارة أخرى عبر التلويح بقوانين كهذا الذي قرأه الكنيست قراءة أولية وبوضوح كامل، أي مراقب لهذا الملف يجد ذاته أمام معادلة أكثر بساطة من أي مسلمة أو بدهية في تاريخ المعرفة والعلوم.

إن الحكومة “الإسرائيلية” أضعف وأجبن من أن تذهب باتجاه اتفاقية السلام وهي مفلسة إلى حد البحث في الدفاتر القديمة عن طوق نجاة من استحقاق تعتبره مهانة ايديولوجية وسياسية لكيان قام ونشأ تاريخياً على منطق القوة والجبروت والعدوان… ‏


وفي كل حال ورغم أن الرهان على دور أوروبي أو أميركي لا يبدو منتجاً لمفاعيله وفق الرأي العام العربي فإن إرادة السلام المتوافرة عند الأطراف العربية تعبّر عن رؤية أخلاقية وحضارية ومشروع جدي، وقبل ذلك تعبر عن موقف شعبي يلزم كل القيادات العربية بالذهاب باتجاه السلام بشرط ان يعيد الحقوق لأصحابها وفي مقدمتها التراب الوطني المقدس… ‏

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات