القدس والموقف الأوروبي

على الصعيد الدولي في وقت دقيق ، بدت فيه القدس محور العراك الدبلوماسي بين «اسرائيل» والسلطة الفلسطينية، خاصة بعد إقرار حكومة نتنياهو استثناء المدينة المقدسة من قرار تفعيل عمليات الاستيطان لمدة عشرة أشهر، ما يعني إخراجها من كونها أرضاً محتلة عام 1967و التي تشكل حدود الدولة الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية.
وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية بدأ التحرك “الاسرائيلي” . الضغط على الدول الأوروبية لمواجهة هذا الاقتراح الأمر الذي أحدث شبه انقسام لدى مواقف الدول الأوروبية حيث تقدم بعضها بتعديلات على المشروع السويدي. وبعضها تحفظ على الاقتراح مثل فرنسا.
حيث صدر أخيراً بالدعوة لاعتبار القدس عاصمة للدولتين وقد سبق لحكومة نتنياهو أن نجحت في إحباط توجه أوباما بتحريك عملية التسوية، القائمة على المطالبة بوقف الاستيطان.
وبرغم التطور الذي طرأ على بعض المواقف في دول الاتحاد الأوروبي إزاء حقوق الشعب العربي الفلسطيني، ولاسيما الشعور العام بخصوص تهديد «اسرائيل» للسلم والأمن في الشرق الأوسط، ومسؤوليتها الأساسية في تدهور الأوضاع ووصولها إلى طريق مسدود خصوصاً باستمرار عدوانها المتكرر على البلدان العربية، الذي كان آخرها الحرب الهمجية على لبنان عام /2006/ وحصارها لغزة ومن ثم شن العدوان العنصري عليها لمدة /22يوماً/ أواخر العام /2008/ومطلع العام /2009/إلا إن البلدان الأوروبية ظلت بشكل عام تدور في فلك السياسة الأمريكية المنحازة علناً إلى “اسرائيل” وخاصة في اللجنة الرباعية وفي مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس الدولي لحقوق الإنسان.
وإذا كان الرأي العام الأوروبي يتعاطف مع حقوق الشعب العربي الفلسطيني ويلقي اللوم على «اسرائيل» ويحملها مسؤولية اندلاع الحرب والعنف في منطقة الشرق الأوسط ويدعم تنفيذ برامج إنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة للتخفيف من المأساة الفلسطينية المستمرة، إلا أن مواقف الحكومات فرادى أو مجتمعة في «الاتحاد الأوروبي» ظلت قاصرة وبعيدة عن الارتقاء إلى المعايير الإنسانية والأخلاقية التي يفترض بالعالم المتمدن الأخذ بها.
ولعل مواقف فرنسا وبريطانيا ومعهما الولايات المتحدة، الدول الثلاث الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ستلقى المزيد من ظلال الشك لو مارست «حقها » باستخدام «الفيتو» لمنع إقرار قرار «يدين اسرائيل» ويرتب عليها مسؤوليات قانونية ، تقتضي من مجلس الأمن اتخاذ التدابير اللازمة لتطبيقها ،طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، كما أن مواقف روسيا والصين ليست بعيدة عن مواقف القوى المتنفذة، الأمر الذي لا يستبعد امتناعها عن التصويت في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار يدين «اسرائيل».
وبهذا المعنى ستنجو «اسرائيل» من العقاب الذي كان يمكن لمجلس الأمن الدولي إصدار قرارات مسؤولة ضدها طبقاً للفصل السابع مثلما فعل مع العراق وليبيا وأفغانستان والسودان وغيرها.
ويرى الاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية الدولية البديل عن ملاحقة «اسرائيل» «المستبعدة» أصلاً هو اتباع خطة خارطة الطريق والسعي لتفعيلها عبر دعوة «اسرائيل» لوقف الاستيطان وأحياناً يشار إلى ذلك مؤقتاً لستة أشهر أو أكثر وإبداء حسن السلوك والبدء بالمفاوضات، مقابل وقف أعمال «الإرهاب» من جانب الفلسطينيين وقبول العودة إلى طاولة المفاوضات ، خصوصاً باستبعاد حماس وقطاع غزة.
وإذا كان مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن فرض عقوبات وإرغام «اسرائيل» على وقف بناء المستوطنات وملاحقة المرتكبين ، فإن ذلك سيعني بقاء الوضع كما هو عليه، وهذا ما تريده «اسرائيل» استمرار بناء المستوطنات ،إكمال الجدار، استمرار عملية ضم القدس وبقاء الحصار على غزة.
إن فشل الاتحاد الأوروبي في «تحميل اسرائيل» مسؤولية الانتهاكات والتجاوزات على القانون الدولي وحقوق الإنسان ، ولاسيما ممارسة سياسة الكيل بمكيالين وحماية العدو ومنع إدانته سيضعف إلى حدود كبيرة من صدقية أطروحاته بشأن حقوق الإنسان فضلاً عن أنه على المدى البعيد سيشجع على سياسة التطرف والتعصب والعنف والارهاب والقوى الكبرى ولاسيما الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي أن تعفي نفسها منه، بحكم مسؤوليتها بموجب الميثاق في حفظ السلام والأمن الدوليين ناهيكم عن انعكاساته السلبية على مجمل الوضع الدولي، فهل من وقفة جديدة للاتحاد الأوروبي إزاء «اسرائيل»؟
صحيفة الثورة السورية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...