تقرير الاتحاد الأوربي بشأن القدس زوبعة في فنجان

يعمل الاحتلال الإسرائيلي على قضية القدس بخطين متوازيين ، بهدف طمس معالم المدينة التي يسعى إلى تهويدها ليل نهار.
ففي الخط الأول: يقوم الاحتلال بإجراءات عملية على الأرض منذ الأيام الأولى لاحتلاله القسم الشرقي من مدينة القدس عام 1967 بهدف فرض أمر واقع ، وقد تنوعت إجراءاته ما بين تكثيف بناء الأحياء الاستيطانية وسياسة هدم المنازل للمواطنين المقدسين والامتناع عن إصدار تراخيص البناء ، والتضييق على المقدسين بكافة الطرق والوسائل من أجل تهجيرهم ، ثم محاولة إحداث خلل بالتوازن الديموغرافي من خلال سياسة سحب الهويات لسكان القدس ، وقد توج الاحتلال إجراءاته بحق المدينة وأهلها ببناء سور الفصل العنصري الهادف لعزل المدينة وأهلها عن امتدادها الطبيعي مع بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الأمر الذي يؤدي فعليا إلى استحالة التوصل إلى أي حل سياسي ما بين طرفي الصراع بخصوص قضية القدس مستقبلاً.
وقد نجح الاحتلال وللأسف إلى حد كبير من خلال هذه السياسات لتثبيت أمر واقع دون وجود ردة فعل حقيقية جادة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي الإقليمي والدولي من أجل إفشال هذه السياسات.
أما على الخط الآخر: تسعى إسرائيل إلى شرعنة هذه الإجراءات وتجنيد موقف دولي داعم خاصة من قبل الدول الكبرى.
وقد نجحت بذلك مؤخراً على الأقل مع الإدارة الأمريكية عندما رحبت ووافقت وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون ، والمبعوث الأمريكي ” ميتشل” بما طرحه رئيس وزراء دولة الاحتلال “نتنياهو” من مبادرة لوقف شكلي للاستيطان لمدة عشرة شهور ، مستثنياً من ذلك مدينة القدس وذلك من أجل العودة لاستئناف المفاوضات من جديد مع الجانب الفلسطيني.
مما يعني اعترافا أمريكياً صريحاً وواضحاً بأن القدس الشرقية هي جزء من عاصمة دولة الاحتلال الصهيوني. وأنها لن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية كما نصت عليها قرارات الشرعية الدولية باعتبارها أرضا محتلة منذ عام 1967.
أما بخصوص الموقف الأوروبي من تقرير الاتحاد الأوروبي “الذي على أساسه جاءت المبادرة السويدية بكل ما يخص التمييز ضد الفلسطينيين المقدسين والتضييق عليهم في البناء وطردهم من المدينة وسحب هوياتهم وانتهاك حرمة المقدسات وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني والعمل بشكل ممنهج إلى تغير الميزان الديموغرافي في المدنية” ، قد يشكل صوتاً مزعجاً لدولة الاحتلال ليس إلاَّ ، وأن التجربة أثبتت (للأسف الشديد) وعلى مدار سنوات طويلة وعبر محطات عدة أن الموقف الأوروبي كان دائماً متذبذب ومتردد وغير حاسم بكل ما يتعلق في الكيان المحتل.
وفي كل المواقف كنا نشهد تراجعاً للموقف الأوروبي أمام الإصرار والعنجهية الإسرائيلية وبدل من أن أوروبا هي التي تشكل ضاغطاً على إسرائيل نجد أن إسرائيل هي التي تضغط على الاتحاد الأوروبي بل وتهدده في منعه من لعب دور في الوساطة بين طرفي النزاع (العربي والإسرائيلي) بحل النزاع بالمنطقة كما جاء في أول رد فعل من وزارة الخارجية الإسرائيلية على المقترح السويدي “أن المقترح يمس بقدرة الاتحاد الأوروبي وأنه يأخذ دور فاعل ويشكل طرف رئيسي وذو ثقل في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين.
ناهيك عن أن الكيان الإسرائيلي يستفيد من الدور الهام الذي تلعبه أمريكا لصالحها للضغط على أوروبا لثنيها عن كثير من مواقفها ، هناك جماعات الضغط اليهودية الصهيونية المتنفذة داخل أوروبا التي تقوم بدور فعال ومؤثر وحيوي برسم وبلورة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي اتجاه دولة الكيان.
هذا كله يأتي متزامناً مع الموقف الأوروبي الداعم “لإسرائيل” بفعل الارتباط المصلحي العضوي بين الطرفين. الأمر الذي شاهدناه بشكل واضح وجلي عشرات المرات في محافل دولية مختلفة كما رأينا ذلك مؤخرا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أثناء التصويت على تقرير جولدستون. هذا بالإضافة إلى التعاطف الأوروبي مع دولة الكيان بفعل عقدة الذنب التي تعيشها أوروبا اتجاه الكيان الإسرائيلي على غرار المحرقة.
لذلك لا اعتقد أن هذا التقرير وما تبعه من مشروع قرار سويدي “يهدف إلى تبني الاتحاد الأوروبي لقرار يعلن فيه أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية” من الممكن أن يتطور ويرقى إلى درجة وقوف أوروبا بوحه إسرائيل بشكل فعلي ، وإنما سيقتل في مهده.ولن يتعدى كونه زوبعة في فنجان.
والدليل على ذلك ما تبع التقرير ومشروع القرار من ردود أفعال أوروبية وإسرائيلية تشير بشكل واضح ان مشروع القرار السويدي تعارضه دول أوروبا الكبرى، فقد جاء رد فعل فرنسا على مشروع القرار من ممثلية فرنسا في بروكسل حيث قدمت خمسين تحفظا على صيغة المقترح واعتبرته غير متوازنا وفيه تجني على دولة الاحتلال.
كما ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن خبراء بوزارة الخارجية الإسرائيلية يقدرون انه بالإضافة إلى الفرنسيين من المتوقع أن يعمل كل من بريطانيا وألمانيا وايطاليا على وضع العراقيل والصعوبات بهدف إحداث تغير كبير في نص الاقتراح.
خلاصة القول أن هذا التقرير وما تبعة من مشروع قرار يهدف إلى تبني الاتحاد الأوربي لقرار يعترف بالقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين لا يعبر مطلقا عن تحول حقيقي وجوهري في سياسة أوروبا اتجاه القضية الفلسطينية والنزاع العربي الإسرائيلي وان هذا القرار سوف يفشل وأننا لن نشهد موقفا أوروبياً صلبا وحاسما مناصرا للحقوق العربية الفلسطينية كما سارع البعض بالتحليل والاستنتاج
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...

شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لتل أبيب عقب قصف مطار بن غوريون
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركات طيران دولية، صباح اليوم الأحد، إلغاء رحلاتها إلى "تل أبيب"، عقب قصف مطار بن غوريون الدولي. وبحسب...

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...

جماعة أنصار الله: واشنطن تجاهلت تحذيراتنا لأنها لا تأبه بحياة الصهاينة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قالت جماعة أنصار الله اليمنية، الأحد، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تأبه بحياة الإسرائيليين رغم توجيه تحذير لها...

مدير المستشفيات الميدانية بغزة: المجاعة قادمة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة، مروان الهمص، إن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون تجويعاً ينفذه...

إصابة 43 فلسطينيًا باقتحام قوات الاحتلال البلدة القديمة في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 3 فلسطينيين بينهم طفل، برصاص قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي و40 آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، إثر اقتحام...