عطون: القدس ليست مدينة في وطن اسمه فلسطين بل فلسطين وطنٌ لمدينة اسمها القدس

أكد النائب المقدسي عن الحركة الإسلامية أحمد عطون، والذي خرج قبل أسابيع معدودة من سجون الاحتلال؛ أن مدينة القدس تتعرَّض لهجمةٍ صهيونيةٍ شرسةٍ لسلخها عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، مشيرًا إلى أن الاحتلال كرَّس جهوده لطمس الهوية الحضارية للمدينة المقدسة عبر مخططات التهويد التي لم يشهد مثلها التاريخ.
ودعا النائب عطون في حوارٍ خاصٍّ مع “المركز الفلسطيني للإعلام” اليوم الثلاثاء (24-11) إلى تضافر الجهود للنهوض بالمدينة المقدسة وحمايتها وتثبيت الوجود العربي والتاريخي لها، مؤكدًا أن الفعاليات المبذولة لإحيائها قاصرة جدًّا ولم تصل إلى سلم العمل المطلوب الذي يتناسب وقدسية المدينة ومكانتها.
ودعا عطون إلى وحدة فلسطينية وعربية لحماية المسجد الأقصى، وقال: ‘إن الأصل في مدينة القدس أن تجمع ولا تفرِّق، وتوحِّد ولا تشتِّت، في سبيلها نقاتل، ولا نتقاتل”، كما دعا إلى خطابٍ إعلاميٍّ موحدٍ لفضح الممارسات الصهيونية بحق المدينة المقدسة، وطالب بأن يرقى العمل الجماهيري إلى مستوى الأحداث المتسارعة في هذه المدينة.
كلمة الخيرة ختم بها النائب عطون حوارنا معه؛ أكد فيها أن “القدس ليست مدينة في وطنٍ اسمه فلسطين، بل فلسطين وطنٌ لمدينةٍ اسمها القدس؛ فهي ليست مدينة كالمدن، ولا عاصمة كالعواصم، بل قلب الصراع ولبُّه، وآيةٌ في كتاب ربنا، وجزءٌ من عقيدتنا، والتفريط في جزءٍ منها تفريطٌ في عقيدتنا، ولا نبالغ إن قلنا إن من مَلك القدس مَلك فلسطين، وكاد أن يملك العالم بأسره.. القدس هي الماضي والحاضر والمستقبل.. هي التاريخ والحضارة، والتراث والعقيدة، ولن نقول “لا” للقدس وللمسجد الأقصى، بل نقول: لقاؤنا فيه قريب بعون الله”.
وإلى تفاصيل الحوار:
* هلا تكرَّمت وأعطيتنا نبذة عن حياتك الاجتماعية الاعتقالية؟
** اسمي أحمد محمد أحمد عطون “أبو مجاهد”، عضو في “المجلس التشريعي الفلسطيني” عن محافظة القدس، مواليد عام 1968م، من سكان مدينة القدس – قرية صور باهر، متزوج ووالد لأربعة أولاد، أنهيت الدراسة الثانوية بمدارس الأقصى بالقدس، وأكملت البكالوريوس تخصُّص دعوة وأصول دين جامعة القدس.
حاصل على شهادة الماجستير بالدراسات الإسلامية المعاصرة من جامعة القدس، بالإضافة إلى دبلومٍ عالٍ في إدارة المؤسسات من الجامعة العبرية، والعديد من الدورات في تطوير المهارات الإدارية والمالية والعلاقات العامة.
عملت إمامًا وخطيبًا في “مسجد المرابطين” و”مسجد العمري” في قرية صور باهر، ورئيسًا لـ”المنتدى الثقافي” في صور باهر، ومشرفًا إداريًّا لـ”مركز زيد لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم” في صور باهر، ومشاركًا في العديد من اللجان والمؤسسات في القدس.
اعتقلت أربع مرات؛ كانت أولاها في بداية الانتفاضة الأولى عام 1988م – 1992م لمدة أربع سنوات، واعتقلت للمرة الثانية من العام 1994 – 1997 ثلاث سنوات، واعتقلت إداريًّا من العام 1998 – 1999، والاعتقال الأخير بعد اختطاف النواب بـ”المجلس التشريعي الفلسطيني” عام 2006م، وأمضيت بالسجن ثلاث سنوات ونصفًا ليصبح مجموع سنوات الاعتقال في سجون الاحتلال 11 عامًا.
* حسب معلوماتنا فإن هناك إجراءات صارمة اتخذتها سلطات الاحتلال بحقكم شخصيًّا.. هل أوجزت لنا بعضها؟
** قامت حكومة الاحتلال “الإسرائيلية” عن طريق وزير الداخلية بسحب بطاقات الهوية المقدسية الزرقاء من النواب المقدسيين، والتهديد بطردهم والمزايدة على حق إقامتهم في مدينة القدس وإبعادهم عنها، بالإضافة إلى سحب كافة الامتيازات المتعلقة بحقهم، وفرض غرامات مالية باهظة عليهم بسبب الدعاية الانتخابية التي جرت بالقدس وضواحيها.
والآن تطالبني محكمة “إسرائيلية” بعد الإفراج عني بدفع غرامة فورية قيمتها 40 ألف شيقل (حوالي عشرة آلاف دولار أمريكي)، وبسبب تأخير دفع الغرامة المفروضة أقرَّت المحكمة باعتقالي لمدة ثلاثة أشهر، ولا تزال الإجراءات القانونية حتى هذه اللحظة قائمة بين المحكمة والمحامين، إضافة إلى غرامات مالية أخرى تطالب بها السلطات “الإسرائيلية”، مثل مؤسسة التأمين الوطني “الإسرائيلي”، و”الأرنونا” وغيرها.
* مدينة القدس تواجه اليوم حملة اجتثاث.. حبذا لو حدثتنا عن بعض ما يجري داخل أسوارها؟
** إن ما يجري في مدينة القدس اليوم من تهويدٍ وطمسٍ لمعالمها الحضارية والدينية والتاريخية التي لم يسلم منها البشر ولا الحجر ولا الشجر ولا الأموات في قبورهم، وما يجري في “مقبرة مأمن الله”.. لهو شاهد على حملة الاجتثاث تلك؛ فالمدينة تعيش حالة انقراض شبه يومية؛ وذلك من خلال مصادرة الأراضي وهدم البيوت وبناء الجدار وفرض الغرامات الباهظة على المواطنين المقدسيين وسحب هوياتهم وإخراجهم من بيوتهم بالعنف من قِبَل قوات الاحتلال وقطعان المغتصبين والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وغير ذلك الكثير من الاعتداءات على هذه المدينة المقدسة من أجل تغيير واقعها الديموغرافي والجغرافي، وسلخها عن عمقها الفلسطيني والعربي والإسلامي، وعزلها عن بقية المناطق الفلسطينية.
* هل تُواجَه الحملة الصهيونية في مدينة القدس بحملةٍ عربيةٍ إسلاميةٍ؟ وهل هذه الحملة موازية لحجم الحدث القائم في مدينة المقدسة؟
وعلى الصعيد الشعبي المتواضع الذي لا يرتقي حتى الآن إلى تطلعات الأمة ومستوى الحدث، فإن القدس بحاجةٍ إلى جهدٍ شعبيٍّ ومؤسساتيٍّ رسميٍّ ودوليٍّ كذلك من أجل نصرتها.
** نأمل أن تتضافر كافة الجهود لنصرة القدس والمسجد الأقصى، ولكن بصراحة حتى الآن لا توجد خطة واضحة المعالم من قِبَل “المجلس التشريعي الفلسطيني” ونوابه؛ وذلك بسبب حالة الانقسام الموجودة اليوم، وتعطيل دور المجلس واعتقال النواب المقدسيين بشكلٍ خاصٍّ، بالإضافة إلى إجراءات الاحتلال التي تطاردنا وتلاحقنا وتمنعنا من ممارسة أي نشاطات داخل أسوار القدس وخارجها.
** لا يوجد اهتمام على المستوى المطلوب لمدينة القدس والمواطن المقدسي، والعبء الأكبر في صمود المقدسيين والدفاع عن قضاياهم ومواجهة الاحتلال يقع على عاتق السلطة بشكلٍ مباشرٍ، وهناك تقصير من قِبَلها تجاه مدينة القدس وقضايا المواطنين فيها، ولم يلمس المواطن المقدسي الوعود التي يسمعونها من قبل المسؤولين الفلسطينيين التي لم تترجم على أرض الواقع.
** بسبب العملية التفاوضية وعلاقات سلطة رام الله بالكيان المحتل التي لا تريد -حسب ادعائها- توتير الأجواء أكثر مما يجب، ولأنها لا ترفع قضية القدس على سلم أولوياتها في العملية التفاوضية؛ حيث أدرجت قضية القدس في المراتب المتأخرة؛ فبعد أكثر من 18 عامًا من التفاوض وصل أصحاب هذا الخيار إلى قناعة أن العملية التفاوضية والسلمية غير مجدية، وهذا يؤكد ما قلناه: إن القضايا الكبرى والثوابت الفلسطينية -وعلى رأسها قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك- لا يمكن الحفاظ عليها إلا من خلال المقاومة وتأكيد حقوقنا بدون التفريط ولا التنازل عنها.
* الحكومة الصهيونية قررت بناء 15 ألف وحدة سكنية على الحدود الشرقية لمدينة القدس.. ما توقعاتكم لما سيجري لها خلال العامين القادمين؟
** زادت وتيرة التصعيد الاحتلالي ضد مدينة القدس، وتكثف “الاستيطان” بشكلٍ ملموسٍ في الأوان الأخير بفرض واقع جديد على هذه المدينة واستبعاد أي حلول مستقبلية يكون فيها للفلسطينيين حق المطالبة بها.
من أجل ذلك رأينا تسارعًا “استيطانيًّا” غير مسبوق في مصادرة الأراضي وتوسيع “المستوطنات” في قلب المدينة المقدسة وحولها، وهدم بيوت المقدسيين وغير ذلك؛ لتأكيد تهويد هذه المدينة.
فالمدينة تعيش حالة انقراض شبه يومية وعزلة كذلك، وإن بقيت حالة القدس على هذه الحال -خاصة ما تعيشه من حالةٍ ضبابيةٍ وعدم وضوحٍ للرؤية عربيًّا وإسلاميًّا، وعدم وجود خطةٍ وإستراتيجيةٍ واضحةِ المعالم للمحافظة على القدس والمقدسات أرضًا وشعبًا- فسينجح الاحتلال في فرض تصوراته وأحلامه في تهويد المدينة.
والقدس بحاجةٍ إلى تضافر كافة الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية وتفعيل القرارات ذات الصلة من أجل الضغط على الاحتلال وكبح جماحه وغطرسته، ولا أستغرب -في ظل هذا الموقف العرب والإسلامي المخجل- أن تتحوَّل مدينة القدس خلال الأعوام القليلة القادمة إلى “مستوطنة” صهيونية مترامية الأطراف تصيب الوجود العربي بالشلل التام!.
* ما رسالتكم إلى الذين يعقدون اللقاءات التفاوضية السرية ويدعون إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، والقدسُ تُهوَّد أمام أعينهم؟
** نقول لأصحاب خيار التسوية السلمية ومن رفعوا شعار المفاوضات والمفاوضات فقط: إن هذا الخيار قد ثبت فشله، ولم يُعِد لأهل الحق حقهم، ولم يردع غاصبًا ولا محتلاًّ، ولم يَعُد على مدينة القدس إلا بالدمار ومزيدٍ من “الاستيطان” ومصادرة الأراضي وبناء الجدار وهدم البيوت وحصار الاقتصاد وتفريغ هذه المدينة من أهلها والاعتداء على مقدساتها وغير ذلك من جرائم الاحتلال التي مورست تحت مظلة خيار التسوية والصفقات السياسية.
وعلى المفاوض الفلسطيني أن يراجع حساباته ويعود إلى قاعدته الشعبية التي سيكون لها القرار الأول والأخير في كيفية الحفاظ على القضية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...

“الجهاد الإسلامي” تنعى القائد بسرايا القدس الشهيد نور البيطاوي
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد نور عبد الكريم البيطاوي، القائد في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس،...

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...