السبت 10/مايو/2025

تحليل الموقف الصهيوني الرسمي من عدم ترشح عباس للرئاسة

تحليل الموقف الصهيوني الرسمي من عدم ترشح عباس للرئاسة

تعمّدت إسرائيل عدم التعقيب رسمياً على إعلان محمود عباس عدم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بداعي أنه “شأن فلسطيني داخلي ناجم عن اعتبارات داخلية”.

لكنها في الواقع تحاشت التعقيب لئلا تُتهم بأنها ساهمت في إحباط الرئيس الفلسطيني بمواقفها المتشددة من استئناف المفاوضات التي لقيت الدعم من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

وفيما شككت أوساط أمنية في جدية إعلان “أبو مازن”، أكدت أوساط سياسية رفيعة المستوى أن إسرائيل معنية بأن يبقى الأخير على كرسيه “باعتباره شريكاً للسلام ولأن خلفه أياً يكن سيكون أكثر تشدداً”.

وكرر داني أيالون  نائب وزير الخارجية، في حديث إلى الإذاعة العامة هذا الموقف، مضيفاً أن “من الواضح أن لإسرائيل والولايات المتحدة ودول الغرب والفلسطينيين ثمة مصلحة بوجود قيادة فلسطينية مسؤولة وبراغماتية ومعتدلة”.

واستبعد أن تفرج إسرائيل عن الأسير المعتقل مروان البرغوثي حتى في حال انتخابه رئيساً للسلطة.

ونقلت الإذاعة عن وزير الحرب إيهود باراك أنه أعرب عن أمله بأن لا يمس إعلان عباس بالجهود لاستئناف محادثات السلام، مضيفاً أنه يرى أهمية بالغة في “تمسك الجانبين بمبدأ المفاوضات للدفع نحو التسوية القائمة على حل الدولتين”.

وتابعت الإذاعة أن المستوى السياسي في إسرائيل يرى في القيادة الفلسطينية المعتدلة برئاسة “أبو مازن” شريكاً كاملاً في المفاوضات بلا شروط مسبقة وأن “المطلوب اليوم هو إبداء الرغبة والشجاعة للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وإنهاء الصراع”.

وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن مكتب رئيس الحكومة نتانياهو قرر عدم التعقيب رسمياً. وأفادت “يديعوت أحرونوت” أن أوساطاً رفيعة المستوى عزت هذا الموقف إلى أن المستوى السياسي يرى في خطوة عباس “مناورة تكتيكية موجهة للآذان الأميركية من جهة وللرأي العام الفلسطيني الداخلي من جهة أخرى”، وأن الهدف منها الضغط على الولايات المتحدة لتمارس نفوذها على إسرائيل لتجمد الاستيطان في شكل تام في مستوطنات القدس والضفة الغربية، فيما وصفت “معاريف” الإعلان بـ “التهديد الاستعراضي لأبو مازن”.

ونقلت صحيفة “معاريف” عن مصدر سياسي أن نتانياهو ليس معنياً برحيل عباس، رغم علمه أن “من مصلحة إسرائيل بقاءه في منصبه، لإدراكه أن أبو مازن هو الأقل سوءاً بين القياديين الفلسطينيين وأن خلفه سيكون أكثر تطرفاً”، لكن رئيس الحكومة “يتبع الحذر الشديد لتفادي عناق عباس عناق الدب”.

وذكرت صحيفة “هآرتس” أن شمعون بيريز اتصل بعباس هاتفياً قبل يوم من إعلانه قرار عدم ترشيح نفسه في محاولة لثنيه عن قراره.

وأضافت أن بيريز قال لعباس: “إذا غادرت منصبك فسيخسر الفلسطينيون فرصة الحصول على دولة مستقلة… وسيتدهور الوضع في المنطقة. ابقَ في منصبك من أجل الشعب الفلسطيني”.

من جهته، أكد مستشار سابق لعدد من رؤساء جهاز “الشاباك” الإسرائيلي ماتي شتايمبرغ أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أفلت مؤخراً من مأزق كاد يفقده شرعيته.

وقال شتايمبرغ خلال لقاء معه في إذاعة الجيش الإسرائيلي: “لو قبل أبو مازن الخطة الأمريكية الجديدة لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لكان فقد شرعيته ولما انتظر شهر يناير المقبل لإجراء انتخابات خاصةً بعد لعبة تقرير غولدستون”.

وأكد المستشار شتايمبرغ أن حماس لن تشارك في الانتخابات لو جرت، بل وستمنع إجرائها في القطاع، لافتاً إلى أن كل هذه الأمور تفضي لانهيار تدريجي لسلطة عباس.

واستدرك: “فسواء أجرى الانتخابات أو لم يجرها في شهر يناير، الأمور بدأت تفلت من زمامه و بدأ يفقد شعبيته في الضفة الغربية”.

وأوضح أن السلطة ستنهار وبعد سقوطها ستملأ حماس الفراغ الناجم ليس بشكل سلطة فلسطينية، ولكن بشكل فعّال ومحكم وليس من خلال انقلاب عسكري في يوم واحد ولكن نتيجة انهيار حكم عباس”.

مشيراً إلى “أن الحل الوحيد الذي يمكن أن تفعله إسرائيل لوقف هذا السيناريو هو أن تغير شيئاً ما في موقفها التي تصر عليها في المفاوضات و تعطي أمريكا ضمانات لأبي مازن بوقف الاستيطان”.

وقد حظي إعلان محمود عباس بعزوفه عن الترشح للرئاسة الفلسطينية في انتخابات كانون الثاني المقبل، باهتمام بارز لدى القيادة السياسية والمؤسسة الإعلامية الصهيونية، التي خلصت بداية إلى أن هذه الخطوة ما هي إلا مناورة سياسية تهدف إلى الضغط على الأمريكيين لانتزاع تنازلات سياسية، قبل أن ينسف وزير الحرب إيهود باراك هذه النظرية، قائلاً “لا أعتقد أن قرار عباس حيلة”.

ومن أبرز ما ورد من القادة والإعلام الصهيوني:

– رئيس الوزراء،نتنياهو: هذه الخطوة تكتيكية تستهدف أساساً الآذان الأمريكية، والداخل الفلسطيني. وأبو مازن أهون الشرور من بين القيادة الفلسطينية، فمن سيأتي بعده، سيكون أكثر تطرف.

– وزير الحرب، إيهود باراك: آمل ألّا يمس قرار عباس بالجهود للبدء بالمفاوضات والتوصل إلى اتفاق سلام ضروري لأمن إسرائيل ومستقبل المنطقة، ولا يعتقد أن قرار أبو مازن حيلة.

– الرئيس الصهيوني، شمعون بيريز: اتصل بعباس هاتفي قبل يوم من إعلانه قرار عدم ترشيح نفسه، في محاولة لإقناعه بالعدول عن ذلك، وقال له “إذا غادرت منصبك فإن الفلسطينيين سيخسرون فرصة الحصول على دولة مستقلة، الوضع في المنطقة سيتدهور”.

– نائب وزير الخارجية، داني أيالون: قرار عباس شأن داخلي فلسطيني، ومن الواضح أن إسرائيل وأمريكا يهمهما وجود قيادة فلسطينية مسؤولة وبراغماتية. والإدّعاء بأن عباس اتخذ قراره بعد إحراجه في موضوع تقرير غولدستون، بأنه حجة وليس سبب.

– المؤسسة الأمنية: هناك شكوك مشوبة بالقلق إزاء تصريحات عباس، ولا أهمية قراره. وأبو مازن أعلن عزوفه عن ترشيح نفسه في انتخابات لن تُجرى في كل الأحوال، وما جرى ليس سوى مناورة هدفها الأساسي دفع الإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل.

– صحيفة معاريف: القشة التي قصمت ظهر عباس كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، حين تبنت موقف نتنياهو من الاستيطان والمفاوضات مع الفلسطينيين.

– صحيفة يديعوت أحرونوت: تهديد عباس هو خطوة تكتيكية تستهدف أساساً الأمريكيين. وإسرائيل نجحت في الوصول إلى تفاهمات مع الإدارة الأمريكية، ويتعيّن الآن أن تجلس بصمت.

– صحيفة هآرتس: السبب المركزي لقرار عباس ليس إسرائيل، لأن توقعات أبو مازن من حكومة نتنياهو قليلة، لكنه أراد توجيه رسالة إلى الأمريكيين.

الإذاعة العسكرية، 7/11/2009

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات