الإفراج عن الأسيرات.. إنجاز إستراتيجي للمقاومة وبوابة لإنجاز الصفقة الشاملة

اعتبر مراقبون للشأن الفلسطيني أن قيام سلطات الاحتلال اليوم الجمعة (2-10) ببدء إطلاق سراح 20 أسيرة فلسطينية مقابل الحصول على معلومات عن حالة جنديها الأسير غلعاد شاليط انتصارٌ للمقاومة الفلسطينية التي قامت باحتجازه منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام.
وأبرز باحثون ومختصون بشؤون الأسرى من خلال تصريحاتهم وتحليلاتهم أوجه هذه الإنجاز المتميز من زوايا مختلفة على المستويين التكتيكي والإستراتيجي، خصوصًا أن صفقات تبادل الأسرى مع الكيان الصهيوني التي كانت الفصائل الفلسطينية طرفًا فيها، مضى على آخرها قرابة ربع قرن (أنجزت من قِبَل “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” في أيار (مايو) عام 1985).
توقعات صهيونية
فعلى المستوى الإستراتيجي اعتبر الإفراج -وإن كان رمزيَّ الدلالة من حيث العدد- علامة رئيسية على التقدم في الجهود الرامية إلى إبرام صفقة شاملة بين الكيان الصهيوني وحركة “حماس” من خلال الوسطاء للإفراج عن ألف أسير فلسطيني تطالب بهم الحركة مقابل إطلاق سراح شاليط.
وفي هذا الصدد قال الباحث الفلسطيني المختص بشؤون الأسرى فؤاد الخفش إن “الصفقة الجزئية بإطلاق سراح 20 أسيرة مقابل معلومات عن شاليط تعتبر خطوة مهمة، ولعلها تكون بداية لإنجاز الصفقة الشاملة”.
وفي الجانب الصهيوني توقعت مصادر عبرية مقربة من عملية التفاوض بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة “حماس”، إنجاز الصفقة في غضون الشهرين المقبلين.
وقالت صحيفة “هاآرتس” في عددها الصادر يوم (1-10): “إن هذه التوقعات جاءت في أعقاب إتمام صفقة أوَّلية يتم بموجبها الإفراج عن عشرين أسيرة فلسطينية مقابل معلومات عن حياة الجندي “الإسرائيلي” الأسير غلعاد شاليط”.
ونقلت الصحيفة عن المصادر قولها: “إننا نأمل أن يتسنى أنجاز الصفقة لإعادة الجندي غلعاد شاليط إلى ذويه في غضون شهرين”.
إنجاز متراكم للمقاومة
وعلى نحو متصل أشار الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة إلى أن هذه الصفقة، رغم محدوديتها، انتصارٌ فلسطينيٌّ وإنجازٌ يُحسب للفصائل الفلسطينية، وهي تضاف إلى عشرات صفقات التبادل التي أجرتها منذ العام 1949 حكومات عربية وفصائل مقاومة فلسطينية وعربية، وترتفع مجمل تلك الصفقات وفقًا لدراسة سبق نشرها إلى 37 عملية تبادل.
وحسب مراقبين فإن الصفقة بمثابة “اختراق” هو الأول من نوعه؛ اضطر المجلس الوزاري الصهيوني المصغر للشؤون الأمنية والسياسية بموجبه إلى المصادقة على إطلاق سراح 20 أسيرة فلسطينية مقابل دليلٍ ماديٍّ يثبت أن الجندي الأسير غلعاد شاليط على قيد الحياة، كما أنها المرة الأولى التي ترغم فيها حكومة الاحتلال على الدخول في اتفاقٍ عمليٍّ مع حركة “حماس” بشأن شاليط من خلال الوسطاء المصريين والألمان.
أوراق ضغط
وتبعًا لهذا المعنى فإن تيار المقاومة، كما يرى هؤلاء المراقبون، استطاع أن يؤكد جدوى دوره النضالي في انتزاع الحقوق الفلسطينية من خلال العمليات العسكرية التي يشنها ضد قوات الاحتلال، وتحقيق اختراقات في مسار التفاوض؛ باعتباره يملك أوراقًا ضاغطة تجبر الكيان الصهيوني على الاستجابة لمطالبه المشروعة، والمتمثلة هنا في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
وتظهر الصفقة في المقابل بؤس خيار التسوية الذي يتبناه تيار “أوسلو” في رام الله؛ باعتباره لا يملك أوراقًا يضغط بها على الاحتلال في المفاوضات التي مضى عليها أكثر من 15 عامًا، بعد أن تنكب لخيار المقاومة المسلحة التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية للشعوب المحتلة، واضطر إلى الانصياع للأجندات الدولية، دون أن يجنيَ سوى سراب الوعود الكاذبة إثر كل جولة من جولات التفاوض.
ونتيجة لذلك فإنهم يشددون على أن من لا يملك أوراقًا يفاوض بها فلا جدوى من المفاوضات التي يجريها.
وتظهر موافقة الاحتلال على إطلاق سراح السجينات الفلسطينيات صبر تيار المقاومة وصلابة مواقفه التفاوضية؛ إذ لم يقدم تنازلاً إلى الاحتلال ولم يعطِ شيئًا بالمجان له، رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات على أسر “شاليط.
وقد رأى الباحث عبد الناصر فروانة أن صفقة الإفراج عن السجينات الفلسطينيات من سجون الاحتلال تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الاحتلال قد “أقرَّ ضمنيًّا بفشله وسقوط رهانه على استعادة شاليط بدون ثمن، وعجزت أجهزته الأمنية المختلفة وتكنولوجيتها متعددة الوسائط في الحصول على معلومات مجانية عن حالته ومكان احتجازه دون مقابل”.
مع الاحتلال.. لا شيء بالمجان
وعلى نحوٍ متصلٍ أشار القيادي البارز في حركة “حماس” الدكتور محمود الزهار في تصريحاتٍ لفضائية “الأقصى” إلى أن “(حماس) أرادت إيصال رسالة إلى “إسرائيل” من خلال تسليمها شريطًا مصورًا قصيرًا مقابل الإفراج عن 20 أسيرة فلسطينية أنه لا شيء مجانًا”.
وبالمقارنة بين أولى ثمار هذا الصبر التي بدأت تلوح من خلال هذه الصفقة، تظهر عدم قدرة رئيس السلطة رام الله المنتهية ولايته وفريقه حتى على تجميد التفاوض مع الاحتلال ولو فترة محدودة، رغم تحدِّي الاحتلال إياهم، كما حدث عند إصرار رئيس حكومة الكيان الصهيوني على عدم تجميد الاغتصاب الصهيوني للأراضي المحتلة حتى لمدة عام فقط.
وقد ظهر كيف تنكر عباس لتعهُّداته التي قطعها على نفسه أمام وسائل الإعلام بعدم التقاء نتنياهو طالما أنه لم يجمِّد “الاستيطان”، وتراجعه عن ذلك بسبب ضغوطات أمريكية مورست عليه قبل اللقاء الذي جمعه به بحضور الرئيس أوباما في نيويورك نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
مكاسب تكتيكية
أما على المستوى التكتيكي فإن صفقة الأسيرات -رغم محدودية عددهن- ستحقق عددًا من المكاسب، كما يرى مراقبون؛ منها:
– عرض شريط الفيديو على شاشات التلفزة والفضائيات العبرية غالبًا ما سيؤدي إلى تعاظم تعاطف الشارع الصهيوني مع عائلة الجندي شاليط، ومن ثم ممارسته مزيدًا من الضغوط على حكومة الاحتلال لإنفاذ الصفقة الشاملة لإطلاق سراحه؛ بما في ذلك محاولة الاستجابة لشروط الفصائل المقاومة الآسرة لشاليط أو التعاطي معها، وتتضمن إفراجًا عن معتقلي الأراضي المحتلة عام 1948 والقدس والأسرى العرب وأصحاب المحكوميات الطويلة والمؤبدة، وهي ما تعتبر من أبرز عقد التفاوض مع سلطات الاحتلال لإبرام مثل هذه الصفقة حتى الآن.
اختراق إعلامي
– اختراق إعلامي وإن كان شكليًّا، ويتمثل في ظهور راية حركة “حماس” على التلفزة والفضائيات العبرية بوضوح؛ لأن الجندي غلعاد شاليط سيظهر في شريط الفيديو الذي سلِّم إلى الكيان الصهيوني عبر الوسطاء وهو يرتدي زيًّا مدنيًّا ومن خلفه راية حركة “حماس” وشعارها، حسب ما ذكرته وكالات أنباء دولية ووسائل إعلام صهيونية.
– “لكونها شملت أسيرات من كل الفصائل وتيارات العمل الوطني والإسلامي، واشتملت على التوزيع الجغرافي الفلسطيني فهي “صفقة وطنية بامتياز”، كما قال الباحث فؤاد الخفش، بخلاف صفقات أخرى قدَّمها الاحتلال “هدية” لرئيس السلطة في رام الله لتقوية شعبيته وشعبية تيار التسوية، وخلت من أسرى ينتمون إلى حركة “حماس”، دون أن يحرِّك عباس وفريقه ساكنًا، أو يُبدوا نوعًا من الرفض أو الاحتجاج إزاء السلوك الصهيوني الذي يصب في خانة خلق الفتنة بين أبناء الوطن الواحد من خلال التفرقة بينهم، حتى وهو يعانون من نفس المأساة (سجون الاحتلال).
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...