الجمعة 02/مايو/2025

تمديد الاعتقال الإداري للشيخ شاكر حسن مصطفى عمارة/ بقلم الوزير الأسير وصفي قبلها

تمديد الاعتقال الإداري للشيخ شاكر حسن مصطفى عمارة/ بقلم الوزير الأسير وصفي قبلها

قبل يومين فقط من موعد الإفراج أقدمت سلطات الاحتلال على تمديد اعتقال القائد في “حماس” الشيخ شاكر عمارة من مخيم عقبة جبر في أريحا للمرة الثانية على التوالي، وفي سابقةٍ غريبةٍ تتناقض وقوانينَ الاعتقال الإداري؛ فقد جاء التمديد لسبعة أشهر بينما السقف الأعلى لكل تمديد ستة أشهر؛ الأمر الذي يوفر مادة وفرصة للمحامين والمؤسسات الحقوقية للطعن في القرار من أصله والمطالبة بالإفراج الفوري عن الشيخ أبي عبادة.

وكان من المقرَّر أن يتم الإفراج عن الشيخ شاكر يوم الخميس (17-9) حين تنتظره زوجته وأبناؤه الثلاثة وابنته الذين اكتوَوا بنيران الاحتلال الذي طرق باب بيتهم مرات عديدة للتفتيش أو الاعتقال مروِّعًا من في البيت وقالبًا الأمور فيه رأسًا على عقب.

إن مسيرة أبي عبادة مع معاناة الاعتقال وألم القيد ووطأة السجن وعذابات التحقيق وآلامه طويلة جدًّا وصعبة وغاية في القسوة والشدة؛ فقد وصلت عدد مرات اعتقاله إلى عشر؛ إحداها كانت الإبعاد إلى مرج الزهور في جنوب لبنان في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) 1992م بعد أربعة أيام من اعتقاله السادس، وقد أبعدت سلطات الاحتلال يومها 415 مجاهدًا من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني وقادته إلى جنوب لبنان في أكبر عملية إبعاد اهتزَّت لها كل المؤسَّسات الحقوقية والأحرار في العالم؛ مما دفع “الأمم المتحدة” -وتحت الضغط الشعبي العالمي والمؤسسات- إلى اتخاذ قرار بضمان عودتهم.

ويذكر أن أبا عبادة من الأوائل المؤسِّسين للعمل الإسلامي والدعوي في محافظة أريحا؛ حيث يَنظر إليه المجاهدون وقادة الحركة على أنه راحلة أريحا الذي تحمل الكثير منذ أن التحق بركب الدعوة والعمل الإسلامي في مطلع العام 1978 بينما لم يكن سنه يتجاوز الثامنة عشرة؛ حين كان ارتباطه في المسجد والتزامه الفطري وحرصه على الصلاة في جماعة المقدمة التي مهَّدت له للبحث والالتحاق بركب “الإخوان المسلمين”؛ حينها شهدت أريحا نقلة نوعية في كافة جوانب العمل الدعوي والإسلامي؛ فكانت النشاطات المختلفة والفعاليات الدعوية والرياضية والاجتماعية والخيرية التي لاقت استحسان الظامئين إلى الإسلام والمجد التليد؛ حيث استطاع الشيخ شاكر -ومن خلال أسلوبه الدعوي الرائع وروح النكتة وحلاوة اللسان وسلامة الصدر- أن يستقطب المخلصين من الشباب والمحبين لإسلامهم، ولا شك أن شخصية أبي عبادة المحورية تقف وراءها جاذبية لا شبيه لها و”كاريزما” تأسر قلوب من يخاطبهم أبو عبادة ويتحدث إليهم ونفوسهم، وخاصة مع الابتسامة الرائعة والساحرة التي لا تفارق مُحيَّاه، ونفسه الصافية وثقته بمن حوله؛ كل تلك المزايا ساعدت على أن يكون أبو عبادة “دينامو” العمل الإسلامي ومحوره.

أبو عبادة الذي كان يتوقد حيوية وحركة وهو الشاب الذي يستشعر أمانة الدعوة وثقلها وهمومها وفي هذه السن المبكرة؛ قد دفع إلى اقتحام الصعب وإيجاد موطئ قدم للحركة الإسلامية في كل جوانب الحياة في محافظة أريحا؛ فكان دوره إما محفظًا أو منسقًا أو مساندًا لضمان نجاح العمل والفعاليات؛ فمن عقد الحلقات والدروس والمحاضرات والندوات، والقيام برحلات إلى المحافظات الأخرى، وتشكيل الفرق الرياضية في المساجد، وعقد المباريات بينها، والخروج من أريحا في رحلات جماعية ودعوية وثقافية ورياضية للمشاركة في دوري مساجد الضفة والقطاع، هذا بالإضافة إلى كل أشكال العمل الخيري والاجتماعي الذي حرص عليه أبو عبادة؛ حيث سد الثغرة في العديد من جوانب العمل الإسلامي والدعوي في الوقت الذي كانت فيه قلة قليلة من الشباب تلتزم وتلتحق بركب الحركة الإسلامية، ولكن لم تكن لديها الهمة العالية والدافعية والحيوية و”الكاريزما” التي كان يتمتع بها الشيخ شاكر التي كان لها الدور في إبداعات الشيخ في كافة مجالات نشر الدعوة في أريحا، حتى أصبح يشار إليه بالبنان.

أبو عبادة الذي يطرق أبواب الخمسين من عمره ولد في مخيم عقبة جبر بتاريخ (11-10-1960) وتوفي والده عام 1974؛ الأمر الذي ألقى على كاهله مسؤوليات كبيرة، فعركته الحياة.

لقد خضع أبو عبادة لتحقيقات قاسية جدًّا، نفسية وجسدية في زنازين رام الله في عامي 1987 و1991، وفي مراكز تحقيق عسقلان “بيتح تكفا” والمسكوبية عام 1997؛ حيث كانت توجَّه إليه تهمة المسؤولية في “حماس” في أريحا، وكان صمود أبي عبادة مميزًا؛ فلم يعترف بالتهم الموجَّهة إليه، ولم يستطع الاحتلال انتزاع أية معلومة تدينه أمام المحاكم العسكرية، ولم ينبس ببنت شفة؛ الأمر الذي كان يغيظ المحققين فيحيلونه إلى الاعتقال الإداري، وكان اعتقاله التاسع بتاريخ (17-9-2007) وقد أمضى 15 شهرًا، أما اعتقاله الأخير -وفي “الإداري” أيضًا- فقد جاء ضمن حملة طالت العديد من كوادر الحركة الإسلامية وقياداتها يوم (19-3-2009)، وكان يومها لم يمض عليه ثلاثة أشهر في الحرية من الاعتقال التاسع.

ومن الجدير ذكره أن الشيخ شاكر قد شق طريقه إمامًا وخطيبًا في “مسجد عقبة جبر”، وقد حصل على البكالوريوس في التربية الإسلامية من جامعة القدس المفتوحة.

ولا شك أن شبكة علاقات الشيخ شاكر واسعة جدًّا؛ فقد استطاع التأسيس لها وتقويتها مع كافة أطياف العمل السياسي الفلسطيني والأجهزة الأمنية والمؤسسات؛ فوطنيته ووحدويته المميزة يلمسها الجميع، وتسمو به على كل ما يعكر أجواء الوحدة والعلاقات الأخوية، وهو على الدوام يسعى إلى حل كل المشاكل بالحوار، ويحرص على أن تكون هناك جسورًا من الثقة بين الأجهزة وكوادر الحركة الإسلامية، ولا شك أن علاقاته المميزة بقيادات الحركة الإسلامية التي تعرَّف على معظمها خلال رحلة الإبعاد ونشاطاته الدعوية قد منحته الثقة واستطاع أيضًا إدارة علاقات قوية ومتوازنة مع الأجهزة الأمنية ومؤسسات السلطة، فتمكن من كسر الحواجز والجليد بين قادة الأجهزة الأمنية وكوادر الحركة في كثير من المرات، وكان له دور مميز في نزع فتيل بعض المشاكل وتطويقها في مواقعها؛ مما أكسبه احترام الجميع وثقتهم، وما كان ذلك ليكون لولا شخصيته الوحدوية التي تؤمن بالحوار كلغة واحدة ووحيدة، وثقة إخوانه به.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش، اليوم الخميس، أن 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"...