منصور: مخابرات الاحتلال تساوم الأسرى المرضى على العلاج وإدارة السجون تدرِّب أطبا

أكد الأسير المحرَّر محمد منصور (من محافظة طولكرم) الذي أفرج عنه مؤخرًا من سجون الاحتلال، أن الأسرى في السجون الصهيونية يعيشون حياة قاسية وبالغة الصعوبة، وأنهم يتعرَّضون للإذلال اليومي والإهانة من قِبل إدارات السجون، مشيرًا إلى الواقع المعيشي والطبي المرير الذي يعيشه الأسرى في السجون، مبينًا أن كثيرًا من الأسرى المرضى محرومون من إجراءات عمليات جراحية بسبب انتهاج الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمَّد بحقهم.

* بداية.. نهنئكم باسم “المركز الفلسطيني للإعلام” بسلامة الإفراج عنكم من سجون الاحتلال.

** بارك الله فيكم وشكرًا لكم.

* هل لكم أن تصفوا لنا واقع الأسرى في سجون الاحتلال؟

** الواقع الذي يعيشه الأسرى في سجون الاحتلال واقعٌ مريرٌ وصعبٌ؛ نظرًا لأن سلطات الاحتلال وإدارات السجون لا تراعي أحوالهم وأوضاعهم المعيشية والطبية بشكلٍ لائقٍ؛ فالاحتلال يتعمَّد إخضاع الأسرى للإذلال والإهانة المستمرَّة بشكلٍ متعمدٍ.

وبخصوص الواقع المعيشي فإن الأسرى يشعرون بالحنق الشديد تجاه إدارات السجون؛ لأن الإدارة أصبحت تحضِّر طعامًا للأسرى مقزِّزًا غير صحي ولا آدمي ؛ ما دفعهم إلى الاعتماد على “الكانتين”؛ الأمر الذي يسبِّب إرهاقًا اقتصاديًّا للأسير؛ نظرًا لغلاء أسعار “الكانتين” بشكلٍ مبالغٍ فيه ومتعمَّد.

وبالنسبة لأوضاع الأسرى من الناحية الطبية فهذا موضوعٌ أساسيٌّ يعاني منه الأسرى في السجون؛ حيث إن إدارات السجون تتعمَّد ممارسة سياسة الإهمال الطبي داخل السجون بحق الأسرى المرضى أو الذين يتعرَّضون لأمراضٍ؛ فمثلاً هناك كثيرٌ من الأسرى مصابون بأمراضٍ مزمنةٍ ويحتاجون إلى عملياتٍ جراحيةٍ، ولكنهم محرومون من إجراء هذه العمليات الجراحية، وحتى إذا سمح لأسيرٍ بعد عشرات المطالب بإجراء عمليةٍ جراحيةٍ فإن إدارة السجن تأتي بأطباء متدرِّبين لكي يقوموا بالتدرُّب بأجساد الأسرى، وهذا الأمر تؤكده عشرات العمليات الجراحية التي أجريت لعددٍ من الأسرى المرضى التي كانت نتيجتها الفشل بنسبة 100%.

ودعني أشير إلى قضية مهمَّةٍ جدًّا، وهي أن الأسرى المرضى في السجون معرَّضون للضغط من الناحية الأمنية؛ فمثلاً أنا أعرف أسيرًا مصابًا بالحصوة، ودائمًا كان يطالب إدارة السجن بضرورة إجراء عمليةٍ لإخراجه من الجحيم والألم الذي يعيشه، فكانت المخابرات تقول له: “نحن مستعدون أن نعالجك في أوروبا، ولكن بشرط أن تتعاون معنا وتعمل لصالحنا كعميلٍ”، وأنا أؤكد أن الأسرى لا يمكن مساومتهم ودائمًا يقابلون ذلك بالرفض المطلق.

* ما أبرز السياسات والانتهاكات بحق الأسرى التي لا تزال سلطات الاحتلال وإدارات السجون تمارسها بحق الأسرى؟

** كل الأساليب التي يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى أساليبُ قمعيةٌ واستفزازيةٌ، وأبرز أسلوب تستخدمه إدارات السجون أسلوب ممارسة سياسة التفتيش العاري؛ حيث تجبر الأسير على خلع ملابسه بزعم التفتيش عن مخدرات  أو ممنوعات.

وأنا أؤكد أنها تمارس هذه السياسة بهدف إذلال الأسير والضغط عليه نفسيًّا وتحطيم روحه المعنوية، ومن ثم الضغط عليه حتى ينهار.

ونحن نستغرب السكوت العالمي عن واقع الأسرى المرير في سجون الاحتلال، ونطالب الجميع بالتحرُّك لإنقاذ الأسرى من ممارساته.

* ما أهم السجون التي زرتموها خلال فترة محكوميتكم البالغة أكثر من 25 عامًا؟ وكيف وجدت الحياة فيها السجون؟

** بالنسبة لي فقد أجبرتني سلطات الاحتلال على العيش في أكثر من 20 سجنًا، وأستطيع أن أقول إنني عشت في كافة السجون سوى سجنَي “عوفر” و”جلبوع”، أما عن الحياة فيها فحدِّث ولا حرج.. فعلاً إنها حياة ومعيشة قاسية، والأسرى فيها محرومون من أبسط الحقوق التي كفلتها لهم المواثيق الدولية.

* ما أهم الرسائل التي يبعث بها الأسرى في سجون الاحتلال إلى الشعب الفلسطيني؟

** الأسرى في السجون ينظرون إلى أن قضيتهم قضية بالغة الحساسية، وهي قضيةٌ إنسانيةٌ بالدرجة الأولى، وأهم رسالة يرسلونها هي أن يتحرَّك الجميع من أجل إنقاذهم وإخراجهم من السجون والضغط على الاحتلال بكل الوسائل من أجل تحريرهم؛ لأن حياتهم بالغة الصعوبة وقاسية نتيجة ممارسة إدارات السجون؛ فهناك أسرى يعيشون منذ أكثر من 20 عامًا في السجون، ومنهم من قضى أكثر من ذلك.

ونحن من هنا نتمنَّى أن تتم صفقة التبادل المرتقبة من أجل تحرير عددٍ كبيرٍ من الأسرى؛ نتمنَّى أن تتم بصورةٍ مشرفةٍ ترفع رأس الشعب الفلسطيني عاليًا.

* ما أكثر شيء يؤلم الأسرى ويؤثر في حياتهم داخل سجون الاحتلال؟

** لا شك أن حالة الانقسام التي يعيشها الشارع الفلسطيني تؤثر بشكل سلبي في الأسرى وحياتهم في السجون، ولكن الأسرى يحاولون الخروج من هذه الحالة وأن يتجاوزوا كل الخلافات من أجل التوحُّد في وجه الاحتلال، وما يؤكد ذلك حالة الصمود الكبيرة التي يبديها الأسرى وتصدِّيهم لكافة ممارسات الاحتلال، وهم ينتظرون على أحر من الجمر اللحظة التي يتم الإعلان فيها عن إنهاء حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني، ونتمنى ذلك عاجلاً.

* هل كنتم تتواصلون بعضكم مع البعض في سجون الاحتلال؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف؟

** الاحتلال يحرم الأسرى من التواصل مع العالم الخارجي ومن الاتصالات والزيارات، والأسرى في السجون محرومون أيضًا من زيارة بعضهم بعضًا؛ فالاحتلال يتعمَّد عدم السماح للأسرى بالتواصل فيما بينهم، ولكن ربما يحدث نوعٌ من التواصل غير المباشر وغير المقصود بينهم مثل أن يلتقي بعضهم بعضًا خلال البوسطة وزيارات الأهالي، وفي المرحلة الحاليَّة هناك تضييقٌ شديدٌ جدًّا على الأسرى، والاحتلال يحاول التنغيص عليهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم.

* كيف تصف لنا وضع الأسيرات ومأساتهن في سجون الاحتلال وكذلك المرضى منهم؟

** نحن غير مطلعين على واقع الأسيرات بشكلٍ مباشرٍ، ولكن أقول إن هناك أخبارًا تتوارد إلينا أن أكثر من 60 أسيرة في سجون الاحتلال يعانين معاناة كبيرة وقاسية، وهن الأخريات محروماتٌ من أبسط الحقوق التي كفلتها القوانين الدولية.

وأكثر ما يؤلمنا أن تضع الأسيرات مواليدهن داخل السجون؛ حيث إن هذه الحادثة تكرَّرت، والآن تعيش أسيرة وضعت مولودها في السجن هي الأسيرة فاطمة الزق من غزة مع ابنها يوسف أصغر أسير في العالم.

أما الأسرى المرضى فهم الآخرون يعيشون حياة صعبة ومعاناة مركبة؛ معاناة مع المرض ومعاناة مع الاحتلال؛ فهناك أسرى مرضى موزعون على مستشفيات السجون يعانون معاناة كبيرة، وكما أسلفت فإن هؤلاء محرمون من أبسط حقوقهم؛ محرومون من العلاج ومن إجراء العمليات، وهناك جرائم ترتكب في السجون بحق الأسرى المرضى، ونأمل أن يصلح الله أحوالهم.

* وأنتم معتقلون في السجون هل كنتم تشعرون بالتقصير تجاه قضيتكم؟

** نحن نعتقد أن هناك لا مبالاة تجاه قضية الأسرى في سجون الاحتلال؛ فالقضية مُغيَّبة عن المحافل الدولية والعربية للأسف الشديد، ونحن نرى أن هناك بعض الجهود المتفرِّقة.. يجب أن يكون اهتمامٌ مركزيٌّ بقضية الأسرى، ونحن وكافة الأسرى نطالب بضرورة الاهتمام بملفهم، ونطالب كافة الفصائل الفلسطينية بأن تكون فاعلة الاهتمام بهذه القضية المركزية التي تمس كل عائلة فلسطينية.