الإثنين 05/مايو/2025

نتنياهو وحل الدولتين

نتنياهو وحل الدولتين

صحيفة الخليج الإماراتية

وافق نتنياهو على مبدأ الدولة الفلسطينية من دون أن يعني ذلك بالفعل. تلفظ بهذه الموافقة إرضاء للرئيس أوباما فقط، الذي كان قد التقاه في البيت الأبيض قبل نيف وأسبوع حيث بدا واضحاً مدى الاختلاف في وجهات النظر بين الرجلين حيال الأولويات وسبل نزع فتيل الانفجار في منطقة الشرق الأوسط. والمفارقة أن نتنياهو نجح عبر كلمات معدودة في إسكات حلفائه الغربيين ولو مؤقتاً. فالرئيس أوباما كما معظم قادة الاتحاد الأوروبي رأوا إلى خطابه “خطوة في الاتجاه الصحيح” وذلك لمجرد موافقته على “مبدأ” الدولة الفلسطينية. لقد تناسوا أن هذا المبدأ أضحى من البديهيات منذ وقت طويل ربما يعود إلى إعلان البندقية الأوروبي في العام 1980، وأن الرئيس بوش نفسه، والذي كان أكثر “إسرائيلية” من غلاة اليمين “الإسرائيلي” كان يفاخر بأنه أول رئيس أمريكي يقول بحل الدولتين، وبأنه كان يود أن ترى الدولة الفلسطينية النور قبل رحيله عن البيت الأبيض.

لقد قاد نتنياهو حملته الانتخابية على أساس رفض مثل هذا الحل، وتشكلت حكومته من وزراء على شاكلته وآخرين مثل ليبرمان يودون رؤية من يسمونهم “عرب إسرائيل” خارجها. وكان وصوله إلى رئاسة هذه الحكومة اليمينية المتطرفة أول عقبة كأداء في طريق الرئيس الأمريكي، الذي قطع الوعد بإنهاء الصراع العربي- “الإسرائيلي”، وعين جورج ميتشل مبعوثاً له خصيصاً لهذه المهمة. ولكن بمجرد أن تراجع نتنياهو، لفظياً، عن رفضه لمبدأ قيام الدولة الفلسطينية اعتبر ذلك تقدماً في الاتجاه الصحيح. نتنياهو لم يتقدم خطوة واحدة في أي اتجاه، بل كرر كل مواقفه السابقة، ولم يوافق على الدولة الفلسطينية إلا بعد أن أفرغها من كل ما يمكن أن يجعلها مقبولة من الطرف الآخر، والغربيون هم الذين تراجعوا خطوات إلى الوراء كونهم باركوا محاولته اغتيال الدولة الفلسطينية قبل ولادتها.

يعتبر نتنياهو أن لا شأن للقانون الدولي في الصراع مع الفلسطينيين، وأن ما سوف “يمنحهم” إياه في “يهودا والسامرة” إنما هو جزء من “ارض- إسرائيل” وليس حقاً من حقوقهم، وبالتالي عليهم الاستفادة من هذا الكرم إذا كانوا يريدون السلام بالفعل. وبالطبع فهذه ال “يهودا والسامرة” لن تعود إلى الفلسطينيين إلا بعد اقتطاع مساحات واسعة منها إلى الغرب من وادي الأردن بذريعة أنها “منطقة أمنية”، ناهيك عن المستعمرات التي ستبقى، بل وتتوسع فتجعل من الدولة الفلسطينية بانتوستانات تحت رحمة النزوات “الإسرائيلية”. كذلك فلا مجال لتبادل الأراضي، ذلك أن الممر بين الضفة وغزة، والذي سيبقى تحت سيطرة “الإسرائيليين”، يعادل من حيث القيمة (وليس المساحة بالضرورة) ما سيقتطعه “الإسرائيليون” من الضفة. كذلك الجدار العازل الذي نددت به المحكمة الدولية في لاهاي فهو باق رغم اعتدائه على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، ومساهمته الصارخة في تقطيع أوصال قرى فلسطينية عدة.

لقد عوّل العرب كثيراً على الرئيس أوباما، الذي يتلفظ بالفعل بخطاب متميز يقطع مع المحافظين الجدد ويتوجه صوب المسلمين والعرب بأيد ممدودة ووعود براقة. لكن تحويل الكلمات إلى أفعال يتطلب ضغوطاً جدية على حليفه “الإسرائيلي”، وما حصل إلى الآن لا ينبئ بقدرته على ممارسة مثل هذه الضغوط، بل إن العكس ربما هو ما يجري أمامنا. فقد نجح نتنياهو في تحديد ما يشبه الجدول الزمني لعملية الحوار المفترضة ما بين واشنطن وطهران، وفرض على الإدارة الأمريكية العودة إلى التلويح باستخدام العقوبات الجماعية وحتى القوة ضد إيران في حال فشل الحوار معها ضمن المهلة التي حددها أوباما، والذي استعار عبارات جورج بوش حول “الخيارات الموضوعة على الطاولة” لحمل طهران على وقف برنامجها النووي. أكثر من ذلك راحت الإدارة الأمريكية تحث العرب على البدء بتطبيع علاقاتهم ب “إسرائيل” لمجرد إزالة موقع استيطاني عشوائي ومن دون صدور أي قرار “إسرائيلي” بتجميد الاستيطان، والذي يجمع القاصي والداني في العالم كله على اعتباره عقبة أساسية في وجه السلام. وبربطه الملف الإيراني بملف صراعه مع الفلسطينيين نجح نتنياهو في رمي الكرة في ملعب الإدارة الأمريكية التي سارعت إلى قذفها في الملعب العربي الذي يخلو من لاعبين أقوياء.

سوف تسعى الحكومة “الإسرائيلية” إلى كسب المزيد من الوقت على أمل أن يفرض الأمر الواقع نهاية عملية لحل الدولتين، فيغدو مشروع “الحكم الذاتي الفلسطيني” الذي أعلنه مناحيم بيغن في العام 1982 وحمله نتنياهو إلى أوباما هو الأكثر معقولية، ولا بأس من تسميته عندئذ “دولة فلسطينية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....