نوايا حسنة من أجل غزة

صحيفة الوطن العمانية
كان خطاب الرئيس أوباما في الرابع من يونيو إلى العالم الإسلامي إشارة على نية حسنة مرحب بها نحو إصلاح العلاقات؛ وكذلك اعترافه بالأزمة الإنسانية للفلسطينيين في غزة. أوباما لم يكن بدعاً في ذلك، إذ سبقه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عندما عبر عن قلقه خلال زيارته إلى غزة في الشهر نفسه.
إلى الآن لا يزال أطفال غزة بحاجة إلى أفعال أكثر من الأقوال التي تعبر عن النوايا الحسنة.
في آخر زيارة لي لقطاع غزة في مايو الماضي رأيت الأحوال هناك تتدهور بشكل كبير، ويشير مسئولو وزارة الصحة إلى وجود علامات سوء تغذية بين شباب غزة، الذين يشكلون أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، حيث بلغت نسبة الأنيميا 50% بين النساء الحوامل، و30% بين الأطفال دون الثالثة. كما يشير مسئولو الصحة أيضاً إلى وجود دلائل على حالات تأخر في النمو وتسرب مدرسي، فيما لا يجد نحو خمس أطفال غزة حذاء يرتدونه إذ أن معظمهم فقد أحذيته في حطام منازلهم المدمرة.
إن العديد من الأطفال لا يزالون مذعورين من هول التفجيرات الأمر الذي يزيد من قلق آبائهم وأمهاتهم المضغوطين بالفعل. ويحقق علماء النفس في برنامج المؤسسة الأميركية للشرق الأدنى لمساعدة اللاجئين (انيرا) نتائج ايجابية بين 10000 طفل وبالغ نتواصل معهم. لكن هناك أموراً أكبر بحاجة لعملها من أجل آلاف آخرين لا يستطيعون الوصول إلى خدماتنا.
وبعد مرور نحو ستة أشهر على الحرب على غزة لا تزال أسر عديدة مشردة عن بيوتها بدون سقف قوي يظلهم، فقد نزح أكثر من 150000 من بيوتهم بعد تدمير منازلهم في ديسمبر ويناير الماضيين، ولا يزال معظمهم يعيشون في خيام مكتظة بساكنيها وملاذات مؤقتة.
إن الغزويين يهزون رؤوسهم فحسب في ذعر متذكرين آخر مرة أنشئت فيها مدن الخيام قبل 41 عاماً مضت عندما أجبروا على مغادرة ديارهم الواقعة في “إسرائيل” اليوم.
لقد اشتد الحصار على غزة في عامه الثالث بعد العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي المسماة الرصاص المصبوب في يناير الماضي. منذ ذلك الحين لا يدخل إلى القطاع سوى الغذاء والدواء وبعض الإمدادات الإغاثية الطارئة. ولا تزال القيود المشددة على الحدود تمنع دخول الاسمنت والمواسير وغيرها من أدوات البناء وكذلك البذور وقطع الغيار للآبار مما يجعل إصلاح البنية التحتية أمر صعب المنال للخروج من إطار الإغاثة إلى الانتعاش.
لقد اضطرت بعض الأسر في ظل انعدام مواد البناء إلى اللجوء إلى الطرق القديمة مستخدمين الطين والطاسات والأباريق لإعادة بناء ديارهم، وآخرون لاذوا بالمقابر بحثاً عن مأوى.
أما المحظوظون كفاية الذين لا يزال لديهم بيت فإنهم يقضون حتى خمس ساعات في اليوم بدون كهرباء. ومع اشتداد حرارة الصيف في غزة تجري مياه الصرف الصحي في الشوارع بسبب نقص المواد اللازمة لإصلاح خطوط المياه وأنابيب الصرف. ونحن نرى بوادر أزمة صحية وكارثة بيئية تلوح في الأفق، وقد تنتشر إلى ما وراء حدود غزة المغلقة بإحكام.
من جانب آخر يقول مسئولو الأمم المتحدة إن مراكز الرعاية الصحية المدمرة لا تزال في حالة يرثى لها حتى إن هناك ندرة في الورق الأمر الذي يجعل من الصعب الاحتفاظ بالسجلات الطبية وغيرها من الوثائق.
إن المنظمات الإنسانية ليست وحدها التي تطالب بفتح الحدود، فزعماء العالم وبضمنهم بابا الفاتيكان طالبوا بحرية وصول أكبر إلى غزة للعمل على إعادة المنازل وإشعال جذوة الأمل في مستقبل أفضل للعيش في ظروف توصل إلى سلام ورخاء دائمين.
إن الرخاء حلم صعب التحقق في غزة هذه الأيام إذ إن 4 من كل 10 غزاويين لا يجدون عملاً، و8 من كل 10 أسر يعيشون تحت خط الفقر، فيما وصلت أسعار الغذاء والوقود إلى عنان السماء.
الحقيقة أن الغزويين أكثر من مجرد وجوه تراها في الأخبار. إن منهم مهندسين وأطباء ومدرسين وميكانيكيين وأمهات وآباء وأبناء عم وخالات وأعمام يكافحون من أجل النجاة من براثن وضع وصفه الرئيس الأميركي نفسه بغير المحتمل. فإذا كان كل ما يريدونه هو إعالة عائلاتهم والعيش بكرامة فإنه يتعين على الغزويين الاعتماد على الإعانات الخارجية للحصول على احتياجاتهم الأساسية.
الكلام عن النوايا الحسنة ليس بكاف. فالمساعدات الإنسانية تعتمد على التحرك الايجابي للعمل على إعادة بناء الحياة والأمل في مستقبل أفضل.
ولقد أصاب الرئيس أوباما عندما قال في خطابه بالقاهرة إن التقدم في الحياة اليومية للشعب الفلسطيني يجب أن يكون جزءاً حاسماً من الطريق إلى السلام، ولقد آن الأوان كي تترجم هذه الأقوال إلى واقع.
إن الفلسطينيين لا يريدون أن يتحولوا إلى متسولين يتلقون إعانات لا نهاية لها؛ إن لديهم طاقات وإبداعات لإعادة بناء حياتهم إذا نحن استطعنا أن نمدهم بالمواد الأساسية للانتقال من مرحلة الإغاثة الطارئة إلى الانتعاش الكامل والمستدام.
* رئيس المؤسسة الأميركية للشرق الأدنى لمساعدة اللاجئين (انيرا) ـ خدمة أم سي تي خاص بـ(الوطن).
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال هدم 600 منزلاً في جنين ويوسع عمليات تجريف المخيم
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 106 أيام عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مع توسيع عمليات التجريف والتدمير داخل...

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...