«دولتنا ستقام خلال عامين»: أية دولة؟!

صحيفة الدستور الأردنية
في خطاب غير عادي سبقته حملة دعائية كبيرة، توجه رئيس الوزراء حكومة السلطة الفلسطينية سلام فياض إلى الشعب الإسرائيلي قائلاً: “يا جيراننا الإسرائيليين، لديكم تاريخ وهموم وآمال ومتطلبات، ولنا أيضاً تاريخ ولدينا الكثير من الهموم، ولكنْ لنا تطلع واحد للعيش بحرية وكرامة في وطن لنا. وإننا نتطلع لإقامة دولتنا إلى جانب دولتكم على أساس حسن الجوار، وعبر سلام ذي معنى. نحن لا نريد أن نقيم الجدران بل أن نمد الجسور، نريد أن نعيش وإياكم على قاعدة الاحترام والمنفعة في الاقتصاد والأمن والاستقرار، وفي سبيل ذلك فنحن على وشك ولوج المراحل الأخيرة لإنجاز الدولة الفلسطينية بما يساهم في تحقيق الأمن لشعبنا، ولا بد لنا من إنهاء قضايا الحل النهائي كافة”.
بعد ذلك دعا فياض الفلسطينيين إلى “التوحد والالتفاف حول مشروع إقامة الدولة، وبناء وترسيخ وتقوية مؤسساتها في إطار الحكم الرشيد والإدارة الفعالة لكي تصبح الدولة الفلسطينية بحلول نهاية العام القادم وكحد أقصى خلال عامين حقيقة قائمة وراسخة”.
من المفيد ابتداءً التوقف عند دلالة قيام رئيس حكومة تصريف أعمال، نعم هذا هو اسمها الأصلي، بإلقاء خطاب من هذا النوع يحدد أسس حراك الشعب الفلسطيني وعلاقته مع عدوه خلال المرحلة المقبلة، مع العلم أن المجموعة التي ينتمي إليها (قائمة الطريق الثالث) هي قائمة انتخابية وليست فصيلاً مناضلاً، حصتها عضوان في المجلس التشريعي (فياض وحنان عشراوي).
هي دلالة لا تخفى على العارفين: خلاصتها أن الرجل قد أصبح رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية بعدما سيطر عملياً على جهازي المال والأمن في السلطة (الثاني تحت سيطرة الجنرال دايتون دون تناقض مع فياض)، مع العلم أن مصدر المال واحد للجهازين في حكومة يشكل المال أكسير الحياة بالنسبة إليها.
ثمة مصدر آخر لقوة الرجل يتأتى من التفويض الذي يأتيه من الرئيس الذي لا يؤمن عملياً لا بالتنظيم ولا بالجماهير، وإن بقي في حاجة إليهما خلال المرحلة المقبلة، وفي حال تم المطلوب باستدراج حماس إلى انتخابات مبرمجة لهزيمتها بصرف النظر عن النسب، وعادت الشرعية إلى وضعها القديم لتحولت حركة فتح بشكل كامل ومعلن إلى حزب سلطة تحت ولاية الفريق الذي يتحكم بالمال والأمن، تماماً كما هو حال الجمهوريات العربية التي تعتمد نظام الحزب الحاكم.
في سياق الخطاب الذي ألقاه فياض، تبدت تلك اللغة الحميمية في الحديث إلى الإسرائيليين، ومحاولة استمالتهم بالحديث عن روايتهم للصراع مقابل الرواية الفلسطينية، فضلاً عن التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والمنافع، لكن الأهم هو مشروع المستقبل الفلسطيني ممثلاً في الدولة التي عليهم التوحد لبنائها، والتي ستقوم في العام القادم، أو خلال عامين في أبعد تقدير.
هنا نتذكر أمرين، الأول خطاب نتنياهو الذي رسم صورة متكاملة للدولة العتيدة صارت معروفة للجميع (حكم ذاتي على أجزاء من الضفة الغربية بمسمى دولة من دون القدس ولا عودة اللاجئين)، والثاني كلام الجنرال دايتون حول كتائب الأمن العشرة التي ستكون جاهزة خلال عامين لبسط الأمن في سائر مناطق الفلسطينيين في الضفة على قاعدة “الفلسطيني الجديد”.
هكذا يتبدى لنا أن الدولة التي ستقوم هي ذاتها القائمة حالياً، مع فارق أنها ستنفتح أكثر على الاستثمارات وتعمل على تحريك الاقتصاد، فيما سيكون الجنرال دايتون قد استكمل تدريب الكتائب السبعة المتبقية، والكافية لحفظ الأمن الفلسطيني والإسرائيلي في آن، وبما يسمح بخروج الجيش الإسرائيلي نهائياً من مناطق (أ) و(ب)، بحسب تصنيفات أوسلو، أي مناطق التجمعات السكانية الفلسطينية.
بذلك تكون أركان الدولة العتيدة قد اكتملت، فإذا تم التفاهم مع الإسرائيليين على قضايا ما يسمى الحل النهائي (وقع التفاهم على جزء مهم منها عملياً، بشطب اللاجئين والإبقاء على الكتل الاستيطانية تحت بند تبادل الأراضي)، إذا تم ذلك، فبها ونعمت، وإلا فهي قائمة على أية حال، لكنها تعيش نزاعاً حدودياً مع جارتها تترك تفاصيله لطاولة المفاوضات. أليس هذا هو السلام الاقتصادي الذي تحدث عنه نتنياهو؟!.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال هدم 600 منزلاً في جنين ويوسع عمليات تجريف المخيم
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 106 أيام عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مع توسيع عمليات التجريف والتدمير داخل...

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...