نتنياهو يُلاعب أوباما.. والفلسطينيون يدفعون الثمن

صحيفة الوطن العمانية
لا جديد في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يخص السلام في الشرق الأوسط. فالخطاب ترجمة لنفس الرؤية والأفكار التي طرحها نتنياهو خلال حملته الانتخابية ولم يتزحزح عنها شبراً واحداً، والتي تتسم بالعنصرية والاشمئزاز من العرب والفلسطينيين بوجه عام، وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
المفارقة كانت في ردود الأفعال الأوروبية والأميركية التي رحبت بخطاب نتنياهو واعتبرته تغيراً إيجابياً باتجاه السلام، وكأن كلمة “دولة فلسطينية” التي نطق بها نتنياهو مرة واحدة في خطابه هي الحل السحري لمشكلة الشرق الأوسط.
خطاب نتنياهو لم يكن موجهاً للعرب أو الفلسطينيين، وإنما بالأساس للغرب وإدارة باراك أوباما تحديداً، وهي محاولة من نتنياهو لامتصاص الاحتقان المتزايد في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية والتي كانت على وشك الانفجار خلال الأسابيع القليلة الماضية.
نتنياهو حاول إرضاء أوباما على حساب الفلسطينيين، فكان أن تحدث عن دولة فلسطينية هي أقرب للمسخ. فهي دولة منزوعة السيادة وليس السلاح فقط، ولا تملك سوى علم ونشيد وطني. دولة تقف حدودها عند آخر مستوطنة إسرائيلية، وليس لها عاصمة معروفة.
نتنياهو أطاح بقضايا الوضع النهائي مرة واحدة، فهو اشترط أولاً اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، ما يعني عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى طرد عرب 48 من ديارهم. كما أنه أنهي فكرة حدود 1967 تماماً وانتقل إلى حدود مدريد وأوسلو التي أطلقت يد “إسرائيل” في بناء المزيد من المستوطنات. في حين جدد التزامه باعتبار القدس عاصمة موحدة وأبدية ل”إسرائيلً.
نتنياهو أرضى اليمين المتطرف في “إسرائيل” الذي جاء به إلى الحكم ورفض تماماً تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية التي يعتبرها اليهود أرض “يهودا والسامرة” التي تحمل دلالات دينية وهوياتية لديهم مما يصعب التخلي عنها تحت أي مفاوضات مع الفلسطينيين.
نتنياهو حاول أن يضحك على الجميع بذكره كلمة “دولة فلسطينية”، وقد نجح في ذلك فقد اعتبرها باراك أوباما “أول الغيث”. الآن يتحدث البعض عن مآثر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت الذي عرض على الفلسطينيين خلال أيامه الأخيرة 97% من أرض الضفة الغربية، وكان أكثر ليونة في باقي الملفات.
إذا ليعترف العرب والفلسطينيون أنه لا أمل ينتظر من نتنياهو وحكومته، وأنه لا يوجد مخرج حقيقي من الحلقة التي وضعها نتنياهو حول الجميع. فالسلطة الفلسطينية باتت في وضع لا تحسد عليه بعدما أطاح نتنياهو ببريق الأمل الذي زرعه أوباما خلال الأسابيع القليلة الماضية خاصة بعد لقائه الرئيس محمود عباس في واشنطن.
الأميركيون يراهنون على أن خطاب نتنياهو هو مجرد “ركلة البداية” في مارثون طويل من الضغوط والشد والجذب المتوقعة بين الطرفين. بيد أن السؤال هو: هل سيستمر أوباما في الضغط على نتنياهو؟
أغلب الظن أن أوباما يفطن جيداً لتحايلات نتنياهو، وأنه يدرك أن “بيبي” لن يلتزم بما قاله عن الدولة الفلسطينية الموعودة رغم شروطها المستحيلة، لذا فهو لن يرفض ما قاله نتنياهو بل سيجاريه في لعبته الخبيثة. وهو هنا يقارن موقف نتنياهو الحالي بما كان عليه في السابق فيما يخص الاعتراف بوجود دولة فلسطينية، والذي كان يرفضه مطلقاً، ولكنه اضطر لذلك بفعل الضغط الأميركي عليه.
الكُرة الآن في ملعب أوباما وهو لن يغامر بالتراجع عما تعهد به للفلسطينيين والعرب خلال خطاب القاهرة من ضرورة وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية. وستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في مصير المنطقة، فمن جهة أولى من المتوقع أن يعلن الرئيس أوباما عن خطته الشاملة للسلام خلال النصف الأول من شهر يوليو المقبل، ما يعني ضرورة تركيزه على الأدوات التي يمكن من خلالها دفع جميع الأطراف للتفاوض خلال الشهور القليلة المقبلة. ومن جهة ثانية، يبدو الملف الإيراني أحد عوامل الضغط على الرئيس الأميركي ليس فقط بسبب فوز أحمدي نجاد، وإنما بسبب رغبة أوباما في التوصل إلى رد سريع بشأن إنهاء القطيعة مع طهران وتطبيع العلاقات. ومن جهة ثالثة من المتوقع أن تزداد سخونة العلاقات بين فتح وحماس، وليس واضحاً إذا ما كان الطرفان سوف يوقعان على اتفاق القاهرة في السابع من يوليو المقبل أم لا؟
نتنياهو أعاد الجميع إلى نقطة البداية، وإذا كان من درس على الفلسطينيين والعرب أن يتعلموه من مراوغات اليمين الإسرائيلي فليكن هو عدم انتظار المساعدة من اللاعب الأميركي الذي قد يتراجع بفعل ضغوط اليهود الأميركيين من جهة، وتقاعس الضغط العربي من جهة أخرى.
كاتب مصري
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ألبانيز: الجميع مسؤول أمام القانون الدولي لصمته على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين
تونس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، إن...

أبو سلمية: نفاضل بين الجرحى والمرضى والمنظومة الصحية شبه منهارة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، إن الأطباء في المستشفى يفاضلون بين المرضى والجرحى. وأضاف أبو...

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...