عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

لهذه الأسباب لم يخدعنا خطاب أوباما الناعم

لهذه الأسباب لم يخدعنا خطاب أوباما الناعم

صحيفة الدستور الأردنية

إذا كان التفريق بين لغته ولغة سلفه بوش هو الذي سيحدد كيفية التعاطي مع سياسات أوباما، فتلك مصيبة من دون شك، لأن الأصل في السياسة هو التعاطي مع الأفعال وليس الأقوال، مع العلم أن أوباما لم يغير طريقة الكلام معنا وحدنا، بل فعل ذلك مع سائر دول العالم (مع الصين وروسيا وأوروبا ودول أمريكا اللاتينية)، فهل تغيرت سياسة أمريكا برمتها، وسنكون إزاء دولة عظمى من دون روح إمبريالية وأحلام إمبراطورية، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟، هذا هو السؤال الأهم الذي ينبغي على العقلاء مواجهته، لا سيما قوى المقاومة والممانعة في الأمة، وقد تابعنا أناساً أسرتهم كلمات أوباما عن الإسلام والمسلمين، من دون أن يسألوا أنفسهم هل نتج التغير عن سطوته الشخصية على مؤسسات الحكم في بلاده، أم تم ذلك بتوافق بين سائر المؤسسات التي ترى في التغيير ضرورة لمصالح الولايات المتحدة؟ إن قراءة تغير الإستراتيجية فقط من خلال تغير شخصية الرئيس هو قصور في النظر، وفي اعتقادي أنه لو فاز جون ماكين بالرئاسة لما كان بوسعه تكرار إستراتيجية بوش، بدليل أن نقل الجنرال بتريوس إلى أفغانستان قد تم قبل الانتخابات، بينما أبقى أوباما وزير الدفاع الجمهوري في منصبه.

ما يفعله أوباما اليوم هو نتاج التوافق على طريقة إخراج الولايات المتحدة من الحفر التي أوقعها فيها بوش: من الأزمة المالية الخانقة إلى العراق وأفغانستان وباكستان، من دون الكف عن التعاطي مع ملفات الشرق الأوسط مثل العراق وفلسطين ولبنان على نحو يخدم أجندة الدولة العبرية، وبالطبع لأنها الوحيدة التي يحظى دعمها بما يشبه الإجماع داخل الكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي.

لا خلاف على أن وضع أمريكا بعد ولايتي بوش صار صعباً، وحتى تستعيد نفوذها وقوتها وتفردها بالمشهد الدولي، لا بد من مقاربة جديدة. مقاربة تقوم على التعامل مع القوى الكبرى بمنطق الشراكة، وإن بروحية الأخ الأكبر، فضلاً عن التعامل بود مع الدول العربية والإسلامية كي تساعدها في وقف نزيف البشر والمال في العراق وأفغانستان. والخلاصة أن من يطالب الناس بمساعدته كي يستعيد عافيته لا يمكن أن يتعامل معهم بمنطق السادة والعبيد، وإن بقي في وعيهم الكبير الذي تُخشى غضبته.

هنا ينشأ سؤال بالغ الأهمية يقول: هل من مصلحتنا نحن العرب والمسلمين أن تخرج أمريكا معافاة من أزماتها الحالية، وتستعيد تفردها بالوضع الدولي؟ الجواب لا، والسبب أننا كنا الأكثر تضرراً من ذلك التفرد، ومن مصلحتنا أن يتواصل التراجع وصولاً إلى تعددية قطبية تسمح لنا بحرية التحرك لتحقيق مشروعنا كأمة، لا مجرد شراذم لا تلوي على شيء.

ما يزيد في أهمية هذه الرؤية هو أن أوباما لم ولن يقدم لنا كشعوب ما يدفع إلى التعاون معه، بينما سيمنح الأنظمة حرية التعامل مع معارضتها الشعبية التي تتسع باطراد بالطريقة التي تريحها، ولذلك ينبغي أن يكون رد قوى المقاومة والممانعة على تلك السياسات مختلفاً عن الأنظمة.

في فلسطين ينبغي التعامل مع حل الدولتين الذي يروج له أوباما على حقيقته كمؤامرة لتصفية القضية (دولة كانتونات ناقصة السيادة بدون عودة اللاجئين). في العراق ليس من العقل ركون قوى المقاومة إلى وعود الانسحاب الكامل، لأن ذلك قد يتغير في أي لحظة، في حين نرى سفارة تبنى هي الأكبر في العالم، وهي ليست بلا دلالة، فضلاً عن أن المعادلة التي صاغها الاحتلال لا يمكن أن تكون مقبولة بحال. في أفغانستان وباكستان، لا مناص من مواجهة استهداف البلدين معاً: باستمرار المقاومة في الأولى ومواجهة وجود الثانية كقوة نووية متماسكة. وتبقى إيران التي ينبغي أن يرفض العقلاء مبدأ جعل مواجهتها نقطة اتفاق بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وتقديمها على مواجهة خطر المشروع الصهيوني الأمريكي.

هذا هو الرد الذي ينبغي التوافق عليه بين القوى الحية في الأمة، لا أن تفقد بوصلتها بسبب عبارات ناعمة قيلت لاستدراجنا وليس مقدمة لإعادة ما سلب ما من حقوقنا وكرامتنا.

بقي القول إن على القوى الإسلامية أن تحذر من تكرار تجربة الحرب الباردة حين وقفت مع بعض الأنظمة إلى جانب الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي، فكانت النتيجة أن صارت هي العدو بعد نهاية تلك الحرب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...