الخميس 08/مايو/2025

هي قادرة لو صدقت وأرادت

هي قادرة لو صدقت وأرادت

صحيفة الوطن القطرية

يبدو واضحاً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما جاد في موضوع التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأن الرجل الذي وضع آليات محددة لوضع وعوده لناخبيه بالتغيير باتجاه وضع مكانة الولايات المتحدة في مكانة غير مكروهة على الأقل من خلال تحقيق مصالح بلاده أولاً وقبل كل شيء ما يتطلب منه مواجهة العقبات التي تقف أمام مشروعه والتصدي لحلها بحزم ووضوح.

المطالب الأميركية من رئيس حكومة “إسرائيل” نتنياهو مطالب واضحة المطلوب منه تنفيذها في موعد محدد ونهائي لا يحتمل التأجيل أو المماطلة وذلك من خلال طلب أوباما من نتنياهو الرد على سؤالين واضحين وثابتين وأساسيين هما: تجميد الاستيطان وقبول مبدأ حل الدولتين لدرجة أن مؤشرات عديدة واضحة أكدت أن بداية شهر يوليو المقبل هو الموعد المحدد للإجابة على هذين السؤالين.

الأميركيون يعتزمون تنفيذ خطتهم الأكبر في هذا الإطار في الصيف الحالي وذلك وفق جدول زمني مكتظ ومزدحم يهدف في المحصلة إلى تحقيق مصالح أميركية مباشرة يشعر من خلالها الأميركيون بتغيير إيجابي يعود عليهم بالمنفعة الناجمة عن وعود رئيسهم لهم بالتغيير الإيجابي التي تطرأ على كل المسارات الخارجية والداخلية.

في غضون ذلك تأتي تصريحات الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي المسؤول عن نشاط وسلامة الجنود الأميركيين في نحو أكثر من عشرين دولة في منطقة الشرق الأوسط معظمها دول إسلامية عندما قال لإحدى الصحف العربية مؤخراً.. إن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيسهل على قيادته إلى حد كبير جداً من أمن جنود الولايات المتحدة في هذه المنطقة من العالم.

ومن هنا فإن عزم أوباما على دفع موضوع التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الأمام وإيلائه الأهمية القصوى ليس مجرد رغبة فقط في دفع التسوية السياسية في المنطقة وصولاً إلى حل الدولتين بل لأن نجاحه في ذلك يحقق مصلحة أميركية مباشرة تصب إيجابياً في وعوده التي قطعها لناخبيه الأميركان وأولوه ثقة غير مسبوقة على هذا الأساس.

الإسرائيليون الذين حاولوا تلافي التفكير في إمكانية حصول أي صدام بينهم وبين إدارة الرئيس أوباما اكتشفوا ولو في وقت متأخر أن الصدام وقع فعلاً وهو مجرد مقدمة حتى الآن لما هو متوقع في السياق وذلك وسط إثارة الاهتمام في بعض الأوساط الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي اختار يوم الرابع من يونيو خاصة تاريخاً يلقي فيه خطبته في القاهرة.

أوري سابير رئيس الوفد الإسرائيلي في اتفاقات أوسلو علق على ذلك قائلاً: يصعب أن نصدق أن هذا التاريخ جاء بالصدفة ذلك لأن خطوط الرابع من يونيو عام 1967 هي أساس مطلب العرب بالانسحاب الإسرائيلي..؟

وفي الوقت الذي تشير فيه آلة الدعاية الإسرائيلية إلى أن نتنياهو سيحصل في النهاية على إذن بالزيادة داخل المستوطنات والأميركيون سيحصلون في المقابل على اعتراف بمبدأ الدولتين وتجميد خارج الكتل الاستيطانية يواصل الإسرائيليون رسم سيناريو يطابق تمنياتهم وأوهامهم مراهنين على تذاكيهم في مثل هذه الظروف إلى حد دفعت بكبير مسئولي موظفي البيت الأبيض (رام عامنوئيل) إلى جمع زعماء اللوبي اليهودي في أميركا ليقول لهم: أنا حاربت في الجيش الإسرائيلي متطوعاً ولكن يجب عليكم أن تصغوا جيداً وتفهموا أن قضية المستوطنات يجب أن تنتهي فما عاد يمكن اللعب أكثر..

ومع ذلك “إسرائيل” تدرك أن قراراً أو قرارين في مجلس الأمن الدولي لا تستخدم أميركا ضدها مبدأ الفيتو كفيلة بأن تجعل من “إسرائيل” إفريقيا جنوبية جديدة وأن تأخير إرسالية قطع لطائرات الأباتشي مثلاً كفيلة بتعطيل سلاح الجو الإسرائيلي كما أن استنزاف مخزون الذخيرة والمعدات القتالية في حال إشعال “إسرائيل” لعدوان جديد في غزة أو في لبنان أو مطلق مكان في المنطقة أمر وارد تماماً إلا إذا كانت مخازن السلاح الأميركية مستعدة لتعويض النقص أولاً بأول كما جرى بعد عدوان صيف 2006 على لبنان.

“إسرائيل” تدرك تماماً أنها عاجزة بالمطلق عن العربدة إذا لم تكن أميركا وراءها وراضية عنها لذا لتتذكر أنها أي أميركا هي الدولة العظمى أو هي القوة العظمى في العلاقة الزوجية بينهما هي وليس “إسرائيل”.

إذاً الحبل السري الممتد من المخزون الأميركي إلى المعدة الإسرائيلية من الممكن إيقافه في أي لحظة عن إمداد “إسرائيل” بمقومات الاستمرار إذا ما وقفت عائقاً فعلياً أمام سياسة أميركية جديدة وواقعية تريد تغيير اتجاه البوصلة الأميركية كقوة عظمى مسئولة إلى حيث مصلحتها ومصالح الأمن والسلم في العالم لأنها قادرة لو صدقت وأرادت.

* كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات