الخميس 08/مايو/2025

احتكار الحرب والسلام

احتكار الحرب والسلام

صحيفة الخليج الإماراتية

ساعة واحدة فقط، هي الفاصل الزمني بين تصريح الدبلوماسي ليبرمان في موسكو حول استبعاد قصف المنشآت النووية في إيران وتصريح الجنرال باراك في واشنطن حول عدم استبعاد الخيار العسكري، ولأول وهلة يبدو أن هناك تناقضاً أو خلافاً في الرأي بين وزير خارجية أزاح خوذة الحرب عن رأسه قليلاً ووزير دفاع تفرض عليه سيرته العسكرية الدموية أن يبقى في الذاكرة.

حقيقة الأمر أن ما يبدو تناقضاً في تصريحات قادة الدولة العبرية وجنرالاتها وأحياناً حاخاماتها هو في العمق الاستراتيجي ليس كذلك، فثمة أوركسترا تعزف، ومايسترو يحرك بندقيته لا عصاه في أكثر من اتجاه.

إن تل أبيب تراهن على احتكار السلم والحرب تماماً كما عبرت غولدمائير ذات يوم عن ذلك بقولها إن الأرض والسلام هما كالمشط والمرآة يتجاوران في حقيبتها.

قال ليبرمان إن الدولة العبرية لن تنوب عن العالم في عقاب إيران وردعها عن مشروعها النووي. وبين سطور هذا التصريح ثمة ظلال أخرى منها افتراض ليبرمان أن العالم كله أجمع على ما تريده تل أبيب، بل هو لا ينام الليل من أجل السهر عليها.

إنها سايكولوجيا المدلل الذي أفسده الحلفاء الأقوياء وهم يربتون على كتفه كلما اقترف جريمة باسم الدفاع عن وجوده.

والحقيقة أن نظرية الهجوم الدفاعي بدءاً من مقولة موشي ديان الشهيرة حول إطلاق اسم مضاد ومضلل للجيش الصهيوني فقدت صلاحيتها، وأصبح العالم يدرك أن ما تمارسه الدولة الصهيونية ليس دفاعاً عن النفس بقدر ما هو انتهاك لسيادة الآخرين.

والأرجح أن باراك يفكر بأسلوب يتيح له أن يخلط الأوراق مجدداً في العالم بأسره وليس في هذه المنطقة فقط، فهو يحلم بجر الولايات المتحدة إلى حرب ثالثة تضيف إلى أعبائها حمولة ثقيلة، ومستنقعاً جديداً . وتل أبيب ليست سعيدة بهذا التحول الأمريكي حتى لو كان نسبياً وفي نطاق كمي لأن رهانها كان ولا يزال على استخدام القوة الأمريكية والنفوذ السياسي لواشنطن من أجل أجندتها الخاصة، كما حدث في احتلال العراق، الذي لبى لها مطلباً استراتيجياً طالما حلمت بتحقيقه وحرضت الولايات المتحدة على الإسراع في تنفيذه.

وإذا كان ليبرمان ظهر ولو للحظة في موسكو كما لو أنه يقف إلى يسار باراك فإن السهم والدائرة بل البوصلة كلها في تل أبيب لا تشير إلا لجهة واحدة، هي جهة تعزيز الاستيطان وتحويل الاحتلال إلى جملة من الاستحقاقات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات