معركة إسرائيل ضد فلسطينيي 48

صحيفة الخليج الإماراتية

ذكرى الخامس من يونيو/حزيران 1967، حكومة يمينية فاشية متطرفة على رأس السلطة في “إسرائيل”، تفتح معاركها على كل الجهات. على الصعيد الفلسطيني لا لحل الدولتين وفقط حكم ذاتي للفلسطينيين، تسمين المستوطنات وتهويد القدس، وعلى قطاع غزة تتجه فوهات المدافع لإسقاط سلطة حماس. عربياً وإقليمياً، لا لمبادرة السلام العربية، والتطبيع قبل التوقيع، والخطر يتهدد المنطقة. ف”إسرائيل” أخذت على عاتقها التخلص بشتى الوسائل والسبل من البرنامج النووي الإيراني باعتباره الخطر الأكبر على “إسرائيل”، شاءت الولايات المتحدة والغرب أم أبوا. سورياً، لدى “إسرائيل” الاستعداد لبدء مباحثات مع سوريا من دون شروط مسبقة، ولكنها لن تنسحب من الجولان، فهي ضرورية للأمن “الإسرائيلي”. لبنانياً، تقوم “إسرائيل” بأكبر مناورات عسكرية في تاريخها، تفترض سقوط صواريخ إيرانية ومن حزب الله وحماس، على أراضيها وتتهيأ لمثل هذا الوضع، فالاحتمالات تتزايد لتوجيه ضربة عسكرية “إسرائيلية” إلى المنشآت النووية الإيرانية، والمناورات تفترض ردود الفعل الإيرانية. على صعيد الأردن، يتقدم نواب من حزبي الليكود و”إسرائيل بيتنا”، هوتفلي وموشيه يعلون رئيس أركان الحرب السابق بمشروع قرار للكنيست يقضي بوجود دولتين على ضفتي الأردن: فلسطين والأردن، بما يعنيه ذلك من وجود وطن بديل للفلسطينيين هو الأردن.

دولياً، ترفض “إسرائيل” نداءات الرئيس أوباما والجهات والدول الأخرى التي تطالب “إسرائيل” بوقف استيطانها للأراضي المحتلة والموافقة على حل الدولتين.

على صعيد فلسطينيي منطقة 48، أقر الكنيست قرارين بالقراءة الأولى، يقضي أولهما بتوجيه عقوبة لمن ينكر يهودية دولة “إسرائيل”، وثانيهما بمنع فلسطينيي48 من عقد نشاطات في ذكرى النكبة، في الحالة الأولى فإن العقوبة هي عام في السجن، أما عقوبة مشروع القرار الثاني فتصل إلى السجن لمدة ثلاثة أعوام. هذا بالإضافة إلى مشاريع قرارات أخرى تنص على إجبار السكان العرب على تأدية الخدمة العسكرية أو الخدمة الاجتماعية، كما تنص مشاريع القرارات على تمكين وزير الداخلية من سحب الجنسية من المواطنين رجالاً ونساء من الذين يرفضون أداء الخدمة في الجيش “الاسرائيلي” أو أداء فترة من الخدمة الاجتماعية. المتحدث باسم حزب ليبرمان (إسرائيل بيتنا) تال ناحوم، أعلن أن نواب الحزب في الكنيست سيتقدمون بمشروع قرار جديد يطلب من جميع الذين يحملون الجنسية “الإسرائيلية” إعلان قَسَم الولاء للدولة “الإسرائيلية” الصهيونية اليهودية الديمقراطية، قبل إصدار وثيقة مواطنة لهم.

لا يحتاج الإنسان إلى ذكاء خارق لإدراك أن المقصود من جملة هذه القوانين هم فلسطينيو 48، فلا تكتفي “إسرائيل” بتهجيرهم وهدم قراهم ومدنهم ومصادرة أراضيهم وسرقة ممتلكاتهم، ومعاملتهم كمواطني دولة من الدرجة العاشرة بكل ما يحمله ذلك من تمييز عنصري فاقع وبشع، ولا تكتفي بحرمانهم من حقوق المواطنة في مختلف المجالات وسلبهم لحريتهم ومحاولتها المستمرة لتهويدهم والقضاء على هويتهم الوطنية والثقافية وتضييق الخناق عليهم وممارسة التمييز ضدهم، فتريد منعهم من الشكوى وتريد مصادرة حزنهم وحدادهم على وطنهم، وحقوقهم التي ضاعت والتي ما تزال تُصادر بعد مرور ما يزيد على الستين عاماً على إنشاء “إسرائيل”.

الآن، وفي هذه المرحلة بالذات وبوجود الحكومة اليمينية الفاشية على هرم السلطة في “إسرائيل”، ابتدأت الخطوات الفعلية لتصعيب وتعقيد حياة العرب داخل الكيان، من أجل تنفيذ المخططات “الإسرائيلية” بالنسبة لواقعهم ومستقبلهم، فيهودية “إسرائيل”، واعتراف العرب بها، يعني فيما يعنيه اقتصار “إسرائيل” بالمعنى الديمغرافي على اليهود فقط، وذلك من أجل الدولة النقية اليهودية “الإسرائيلية”، وبذلك يتحقق الشعار “الإسرائيلي”: “إسرائيل” بأرض أكبر وبعربٍ أقل. يهودية الدولة تعني: حرمان السكان العرب من كافة حقوقهم في المواطنة أو حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية من مختلف جوانبها باعتبارهم “عالة” على الدولة اليهودية، وتعني أيضاً حرمانهم من حقوقهم الدينية ومن أراضيهم وبيوتهم، فهذه الأراضي والبيوت من نصيب اليهود، وتعني اليهودية أيضاً إعطاء الحق ل”إسرائيل” بتهجيرهم إلى الخارج، وتعني الاعتراف بالحق اليهودي “الإسرائيلي” في فلسطين، والاعتراف بكل الروايات والأساطير الصهيونية التضليلية والمزيفة، والاعتراف بحق اليهود في السيطرة على المنطقة، ونسف التاريخ الفلسطيني، وانتماء فلسطين إلى الأمتين العربية والإسلامية، وإسقاط حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم ووطنهم، والتسليم ل”إسرائيل” بأن تفعل ما تريد بالأراضي الفلسطينية والفلسطينيين، باعتبار ذلك من حقوقها.