الخميس 08/مايو/2025

أوباما والقضية الفلسطينية

أوباما والقضية الفلسطينية

صحيفة الاتحاد الإماراتية

لا يمكن القول إن خطاب أوباما في القاهرة قد أضاف جديداً إلى مواقفه المعلنة سلفاً فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، فلقد أكد الرئيس الأميركي أن الحل يكمن في إقامة دولتين، ونادى بضرورة تجميد الاستيطان وليس اقتلاعه، وأكد على أن الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني أصحاب حق في الأرض، وأشار إلى أن اليهود قد تعرضوا لاضطهاد على يد النازي وفقدوا ستة ملايين من الضحايا. وفي المقابل أشار إلى أن الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين، قد عانوا المذلة والإهانة والتشريد نتيجة للاحتلال، وأن حل الدولتين بالتالي، هو الحل لمشاكل الشعبين. كل هذه المضامين سبق لأوباما أن عبر عنها قبل خطاب القاهرة عدة مرات، كما سبق له التأكيد من قبل على مقولة الارتباط غير القابل للانفصام بين “إسرائيل” والولايات والمتحدة.

إشارة الرئيس إلى “حماس” دون وصمها بالإرهاب في القاهرة، لم تكن الأولى من نوعها، فلقد سبق لأوباما أن طالبها بالاعتراف بالاتفاقيات الموقعة ونبذ العنف، غير أنه أطنب في القاهرة في بيانه، أن استخدام العنف لا يحقق للشعوب مطالبها ضارباً مثالاً بنضال الشعوب الأفريقية.

إذن يحق لنا أن نتساءل: أين ذهبت تلك التوقعات المبكرة التي أفادت أن الرئيس بعد استقباله لنتانياهو وملك الأردن والرئيس الفلسطيني والرئيس المصري في واشنطن، سيبلور خطته للسلام وسيطلقها في خطاب القاهرة؟ الإجابة واضحة، فمن خلال التقارير الواردة من واشنطن يمكننا أن نفهم أن اللوبي اليهودي الأميركي حرك عجلاته الضاغطة، وأقنع الإدارة وكثيراً من أعضاء الكونجرس، أن الاستعجال في إعلان خطة سلام من جانب الرئيس، يحمل مخاطرة ذات بعدين: البعد الأول تعريض أمن “إسرائيل” للخطر نظراً لحاجة حكومتها الجديدة إلى وقت لتتواءم من مقتضيات السلام.

أما البعد الثاني، فهو المخاطرة بالصدام المبكر بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى وضع الرئيس الأميركي في اختبار لمصداقية وعوده.

إنني أميل إلى القول بأن غياب خطة متبلورة في خطاب القاهرة يرجع إلى استجابة الرئيس إلى نصائح عدم التعجل واعتماد مصطلح الصبر، وهو المصطلح الذي ظهر في خطابه في معرض وعده بأنه سيسعى إلى إقرار (حل الدولتين).

إذا نظرنا إلى رد الفعل الإسرائيلي الرسمي الذي صدر بعد عدة ساعات من إلقاء الخطاب، سنجد أن الحكومة الإسرائيلية، عبرت عن أمل عام في تحقيق السلام متجاهلة تمام التجاهل مطلب أوباما في إقامة الدولة الفلسطينية ومطلبه المتعلق بتجميد المستوطنات.

لقد نشرت “يديعوت أحرونوت” خبراً عن اجتماع تشاوري عقده نتانياهو مع وزرائه، انتهى إلى بيان عنوانه الرئيسي يقول “تأمل حكومة إسرائيل أن يؤدي الخطاب إلى تحقيق المصالحة”. في حين يقول نصه: “تعبر الحكومة عن أملها في أن يحمل الخطاب العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي إلى مرحلة تصالح. إننا نشارك أوباما في أمله ونتمنى أن يبشرنا الجهد الأميركي ببدء عصر جديد وبإنهاء النزاع، وبالاعتراف بإسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي التي تعيش في سلام. إسرائيل ملتزمة بالسلام وستساعد على توسيع دائرة السلام من خلال الاهتمام بمصالحها وفي مقدمتها الأمن”.

هذا الموقف الرسمي الإسرائيلي من الخطاب، يؤكد أن التنسيق الجاري بين اللوبي اليهودي الضاغط في واشنطن لتفريغ الخطاب من خطة سلام أميركية متبلورة وبين الحكومة الإسرائيلية يؤتي ثماره سريعاً. لقد تركوا الرئيس يتحدث عن مبادئ عامة من دون خطة عمل أو برنامج زمني، ثم عهدوا إلى تجاهل المبادئ التي لا تروق لهم.

أعتقد أن الموقف العربي الرسمي الذي اكتفى بتقديم المطالبات حول استحقاقات السلام العادل إلى الرئيس الأميركي من خلال الرؤساء الذين زاروا واشنطن، لا يكفي لتحقيق قوة الدفع المطلوبة من الإدارة الأميركية. هناك شيء ما يجب أن نقوم به نحن العرب لموازنة الضغوط الإسرائيلية القادرة على إفراغ إرادة الرئيس الأميركي من محتواها كما سبق وحدث مع الرئيس بوش فور إعلانه عن رؤية إقامة الدولتين عام 2002. في تقديري أن هذا الشيء المطلوب عمله يمكن لنا تحديده إذا وظفنا قرائح أجيال سفرائنا العرب الذين سبق لهم الخدمة في واشنطن، بالإضافة إلى الأكاديميين المتخصصين في الشؤون الأميركية، ورجال الأعمال العرب النافذين في واشنطن. إنني أقترح أن يقوم مركز للدراسات الاستراتيجية في عالمنا العربي بالدعوة إلى عقد مؤتمر يضم هؤلاء، ليضعوا خطة عمل، توازن الضغط اليهودي والإسرائيلي على الإدارة الأميركية حتى لا نندم سريعاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات