الأربعاء 07/مايو/2025

بعد قرار الهدم الإسرائيلي.. حي البستان المقدسي يواجه الجرافات بالعزيمة

بعد قرار الهدم الإسرائيلي.. حي البستان المقدسي يواجه الجرافات بالعزيمة

صحيفة أخبار الخليج البحرينية

في حي البستان في القدس الشرقية يغلي الدم في عروق الفلسطينيين. القرار الإسرائيلي الصادر عن بلدية القدس المحتلة في فبراير الفائت والقاضي بهدم 88 منزلاً من منازلهم لإنشاء حديقة عامة يقض مضاجعهم. لكنهم لن يستسلموا بسهولة. صحيح إنهم عزل أمام الجرافات العملاقة التي تلوح في الأفق، مع ذلك فهم لن يسكتوا. نصبوا خيمة كبيرة، وعينوا لجنة خاصة تتولى الدفاع عن حقوقهم وإيضاح الانتهاكات المستمرة لها، وجلبوا وثائق جديدة من تركيا تثبت ملكيتهم للمنازل. طبعاً لن يرضخوا بسهولة للقرار الإسرائيلي الذي يستخف بهم وببيوتهم وبذكرياتهم وهوياتهم التي ترسخت في ذلك الحي القديم من القدس الشرقية.

“أورينت برس” أعدت التقرير التالي: المشروع الإسرائيلي الهادف إلى جرف حي فلسطيني بأكمله لتحويله إلى حدائق عامة، يوضح مدى تمادي السلطات في تل أبيب في الاستهزاء بحياة الفلسطينيين وفي رغبتها في التخلص من الأحياء العربية ومصادرة الأراضي الفلسطينية. فها هي هذه السلطات تعود بعد أربع سنوات من صدور فكرة المشروع، وتنبشها من جديد، لتضع الأمور على الطاولة مجدداً، وتصدر أمرها بهدم المنازل، حيث تم إبلاغ 1500 ساكن في الحي بزوال منازلهم قريباً، مستغلة الذريعة الواهية إياها وهي “أن البيوت بنيت من دون ترخيص”، فمن أعطى الترخيص للإسرائيليين باحتلال أراضي الفلسطينيين وبيوتهم؟

مقدمة لطرد الفلسطينيين

بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة سلوان التي تضم حي البستان، فإن ما يقوم به المسؤولون الإسرائيليون يعني شيئاً واحداً فقط هو أن لدى “إسرائيل” خططاً تبدأ بهدم بيوتهم كمقدمة لطردهم من بلادهم.

وإزاء ما يحدث من الانتهاكات السافرة لحقوقهم، ووسط السكوت العالمي عما يحصل بحقهم، قرر أهالي حي البستان الذي تقع فيه معظم البيوت المهددة بالهدم، أن يشكلوا لجنة للدفاع عن البيوت المهددة بالهدم بالتعاون مع أهالي منطقة سلوان، وقد تم بناء خيمة تضامن تجمع عائلات سلوان، وتستقبل وفود المتضامنين. بعض هذه المنازل يعود إلى ما قبل الاحتلال عام 1967، هذا ما يؤكده عبدالحليم الشلودي عضو لجنة الدفاع عن الحي، ليضيف: “حتى التراخيص عندما تطلب لا يتم منحها لنا”. معززاً ما يقوله بخرائط وضعها على الحائط لشرح مسار بناء المستوطنات الجاري في القدس الشرقية الذي يضم أراضي الفلسطينيين تدريجياً. حيث إن المجالات المحددة باللون الأحمر تدل على مكان المستوطنات اليهودية وكيفية تقدمها في ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى، التي تتضمن حي البستان. ونظراً لموقعها فهي بنظر الإسرائيليين تشكل استمراراً للحي اليهودي.

في مكان آخر قريب جداً، على الخريطة، تبرز مدينة “ديفيد” حسبما يريدها المستوطنون، وقد نثروا بعثات تنقيب أثرية مختلفة في المكان لإثبات وجود المملكة القديمة وإظهار أن هذه المنطقة هي يهودية في الأصل خصوصاً أن بلدية القدس تخطط لجعل المنطقة سياحية.

أحد الفلسطينيين رفع لافتة على خيمته تقول: “لا سياحة تقوم على أنقاض منازل 1500 شخص”. لكن حتى الآن تم تدمير اثنين من المنازل، ويخشى بقية السكان الوصول المفاجئ للجرافات. لكنهم يؤكدون أن رد فعلهم سيكون عنيفاً. “إنهم يريدون إهانتنا، واستفزازنا، وسرقة أرضنا، لكننا لن نسمح بذلك”. وفي السابق كان الادعاء الإسرائيلي بأن هذه البيوت غير مرخصة، وبأنها قائمة على أراض خضراء، ولكن ما يتم طرحه الآن مختلف. فهم يقولون إن البناء غير مرخص، ويريدون إزالة البيوت وسرقة الأرض والبناء عليها.

ادعاءات إسرائيلية

وأوضح الشلودي “أن المخطط الذي يتم الحديث عنه يشمل 88 مبنى في حي البستان، الذي هو جزء من حي سلوان الواقع شرقي سور البلدة القديمة لمدينة القدس، في منطقة تعرف باسم “حديقة الملك”، وتعرف أيضاً بأهميتها الأثرية والتاريخية، وتمثل الحديقة التي تنوي بلدية القدس إنشاءها امتداداً لما يعرف بمدينة داود الأثرية، وهي عبارة عن بعض الآثار التي أعلنت كشفها جمعية “إلعاد” الإسرائيلية الخاصة، التي عملت خلال السنوات الماضية على طلب مصادرة والاستيلاء على العديد من الأراضي الفلسطينية، وتحويلها لبؤر استيطانية بحجة التنقيب عن الآثار فيها لدواع سياحية”.

ويدعي الإسرائيليون أن الملك داود كان في الخليل وانتقل إلى القدس، وعندما كان يشعر بالملل في فترات حكمه، كان يأتي لوادي البستان في حي سلوان، ويشرب من مياه الوادي ويأكل من تين حي سلوان. وبناء على ذلك بدأوا بأكبر عملية ترحيل لأهالي القدس في سلوان منها القرار الصادر بهدم 88 منزلاً أخيراً.

المعركة القضائية والشعبية

ومن الممكن القول إن المعركة القضائية ذات أهمية كبرى لحماية سكان حي البستان في سلوان بالقدس المحتلة من المخاطر المحدقة بهم بعد التهديدات الإسرائيلية بالهدم، لكن هذه المعركة في نظر محامين ومسؤولين فلسطينيين لن تؤتي أكلها من دون نضال شعبي وتصعيد سياسي يعتبرونهما السبيل الحقيقي لمنع تشريد أكثر من 1500 مقدسي، وبالتالي لابد من استمرار الخيم المنصوبة للاحتجاج على عمليات الهدم، ولابد من التصريحات العربية والعالمية المناهضة للقرار الإسرائيلي خصوصاً أن بلدية القدس المسؤولة عن لجان التنظيم والبناء جسم سياسي لا يبحث عن إنصاف الفلسطينيين بل يسعى لخدمة مخططات الاحتلال كما يقول أحد المحامين.

وهناك من يؤكد أن التوجه بقضية سكان حي البستان إلى محاكم أوروبية وإلى المحكمة الجنائية الدولية مفيد سياسياً وإعلامياً، ومن شأنه إحراج “إسرائيل”، وهنا لابد من التذكير بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد الجدار يشكل وثيقة قانونية تاريخية مهمة جداً.

من جانبهم، عمد 21 إسرائيلياً من ضمنهم كتّاب شهيرون إلى توقيع وثيقة تدعو إلى وقف هدم البيوت في حي البستان. وفي هذا الإطار، يرى جيف هالبرن، الذي يرأس اللجنة الإسرائيلية لمكافحة هدم البيوت أنه “ستواصل “إسرائيل” الضغط (على الفلسطينيين) وستهدم بيتاً هنا وتشق طريقاً هناك، وتصادر تلك الأرض، لتصل في نهاية المطاف إلى مرحلة الانفجار”. ويضيف: “هذه المنطقة المكتظة تعرف باسم “حي البستان”، أي الحديقة بالعربية، ولكنها لم تعد حديقة وإنما حي سكني يتألف من 88 مسكناً يقيم فيها قرابة 1500 فلسطيني، حيث يخشى أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بهدم هذه المنازل وأن تقيم حديقة محلها”.

وقد أعرب عدد من المسؤولين والحقوقيين الفلسطينيين عن استيائهم من القرار الإسرائيلي، وتعهدوا بإثارة قضية المستوطنات الإسرائيلية مع الوفود الأوروبية والدولية الأخرى، حتى إن وزيرة الخارجية الأمريكية وخلال زيارتها للقدس، اعتبرت أن قرار الهدم “لن يفيد مسار عملية السلام، وينتهك خريطة الطريق«، ولكن تصريحاتها اعتبرت إشارات سلبية من قبل الإسرائيليين.

لكن ربما يكون حي البستان اختباراً لمدى استعداد واشنطن لاتخاذ موقف واضح ضد استمرار الاستيطان، هذا الاستيطان الذي يهدد قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

من جهة ثانية، أعرب القنصل البريطاني العام في القدس ريتشارد مكبيس، عن عميق قلقه من أوامر الهدم التي أصدرتها بلدية الاحتلال. وأكد القنصل، في رسالة وجهها إلى سكان الحي، أن هدم البيوت في أرض محتلة هو أمر يتعارض مباشرة والقرار رقم 53 من اتفاقية جنيف الرابعة.

وقال: “لقد حثت المملكة المتحدة السلطات الإسرائيلية على أن تمتنع عن أي عمل في مدينة القدس يهدم الثقة ويؤثر سلباً في نتيجة مفاوضات السلام”. وأوضح أن حكومة بلاده تؤيد نية الاتحاد الأوروبي تقديم مداخلة لرئيس البلدية الإسرائيلي بخصوص حي البستان، وأنه سيطرح الموضوع على أعلى المستويات.

فهل يمكن أن تقدم واشنطن ولندن على اتخاذ قرارات مصيرية لتقف في وجه “إسرائيل” التي تواصل تجاهل القوانين الدولية، وتتخذ خطوات يعتبرها البعض “إطاحة واضحة لأسس عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...