أوباما في القاهرة.. رشوة سياسية لها ما بعدها

صحيفة العرب القطرية
تابعنا خلال الأسبوعين الأخيرين تلك الزفة التي نظمتها الصحف «القومية» المصرية احتفالاً باختيار الرئيس الأميركي أوباما للقاهرة نقطة انطلاق نحو مخاطبة العالم العربي والإسلامي، ومكاناً يعلن فيه خطته أو مبادرته للتسوية في المنطقة، وهي زفة تعكس الحساسية الرسمية لمسألة الدور الذي تضطلع به مصر في العالم العربي والمحيط الإقليمي.
من المؤكد أن قرار الرئيس الأميركي زيارة الرياض قبل توجهه إلى القاهرة قد شكل خيبة أمل لهذه الأخيرة، لكنها ستتجاوزه على الأرجح معتبرة أنها تظل المحطة الرئيسة ما دام الخطاب سيوجه من حرم جامعتها. في القاهرة سنشهد صفقة ضمنية بالغة الأهمية، وهذه الخصوصية التي منحها أوباما للقاهرة ستواجه بكرم مصري غير عادي، لا سيما أنها ستأتي على الأرجح ومعها ما يشبه الضمانات بعدم الضغط على النظام في مجال الإصلاح، حتى لو اضطر أوباما وفاءً لمنظومته الديمقراطية إلى إطلاق بعض الكلمات الفضفاضة عن الحرية والإصلاح، الأمر الذي يمكن التسامح معه مصرياً ما دام الخط الحقيقي هو منح النظام ضوءاً أخضر لترتيب بيته الداخلي بالطريقة التي يراها، بما في ذلك تشديد القبضة الأمنية في مواجهة المعارضة، وعلى رأسها الإخوان.
في مقابل تلك المزايا، سيكون على النظام المصري أن يدعم التحالف العربي المعتدل في مواجهة إيران، ربما على نحو يقنع تل أبيب بعدم التسرع في إجراء معالجة عسكرية لملفها النووي، إضافة إلى مساعدة واشنطن ما أمكن في سياق ترتيب أوراقها الأخرى في المحيط العربي والإسلامي، من العراق إلى باكستان وأفغانستان إلى الصومال.
أما الأهم من ذلك فهو دعم مساعي أوباما لإنجاز تسوية سياسية في المنطقة، الأمر الذي سيترجم في تسويق خطته الجديدة على العالم العربي، وهي خطة عنوانها التطبيع المبكر مع الدولة العبرية، مقابل المضي في برنامج تفاوضي لا يكتفي بشطب عناصر أساسية في المبادرة العربية على رأسها حق العودة، بل يضيف إلى ذلك إحالة للقضايا الحساسة الأخرى إلى التفاوض الثنائي، وهي سياسة باتت معتمدة منذ زمن عند الأميركان وعنوانها تجاوز القرارات الدولية وحشر التسوية في المفاوضات الثنائية بصرف النظر عن نتائجها.
سيكون على القاهرة أن تتجاوز عن تطرف ليبرمان وتصريحات نتنياهو المستخفة بالفلسطينيين والعرب، وترحب بمبادرة أوباما، مبررة ذلك بضرورة إحراج الحكومة الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي، وزرع بعض التناقض بينها وبين إدارة أوباما، وهي سياسة مجربة بالطبع، حيث ثبت أن شيئاً لا يحرج الإسرائيليين، هم الذين يستندون إلى دعم لا محدود في الأروقة السياسية الأميركية، بدليل أن الكونغرس بجناحيه الديمقراطي والجمهوري لا يجتمع إلا على دعم المصالح الإسرائيلية.
لنلاحظ هنا الفرق بين السياسة المصرية أيام التحالف الثلاثي مع السعودية وسوريا بعد قمة الإسكندرية عام 1994، يوم كانت تصر على رفض التطبيع المبكر قبل إنجاز التسوية على رغم علاقتها مع الدولة العبرية، وبين سياساتها هذه الأيام التي ستقبل بذلك، بل قد تبشر به أيضاً. إلى ذلك ستواصل مصر تنفيذ المهمات التي تضطلع بها منذ انتصار حماس الانتخابي مطلع العام 2006، والتي تتمثل في العمل بكل جد واجتهاد على شطب هذا الاستحقاق من القاموس السياسي الفلسطيني، مع تكريس التناقض القائم بين ما يعرف بمحور الاعتدال العربي، وبين محور المقاومة والممانعة، وذلك تحت لافتة أن هذا الأخير هو حصان طروادة لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة. ما يؤكد ذلك أيضاً هو سكوت القاهرة بعد استقبالها نتنياهو على تصريحاته المتعلقة بالتفاهم العربي الإسرائيلي على مواجهة إيران، فضلاً عن جملة المعارك التي وقع ترتيبها ضد حزب الله، ثم ضمت إليها حماس وبعض الدول العربية الأخرى.
خلاصة القول هي أن ثمن حضور أوباما إلى القاهرة لن يكون هامشياً بحال، بينما سيصب في مصلحة الدولة العبرية التي تهدد بدورها النفوذ الإقليمي المصري أكثر من إيران في حال نجحت مساعي التطبيع والتسوية في إنجاز صفقة لا يختلف اثنان على حقيقة كونها مشوهة وبائسة إلى حد كبير.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تهنّئ البابا ليو الرابع عشر لانتخابه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية
المركز الفلسطيني للإعلام تقدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأصدق التهاني والتبريكات إلى البابا ليو الرابع عشر، بمناسبة انتخابه رئيسًا للكنيسة...

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...