في معنى يهودية إسرائيل

صحيفة الوطن السعودية
من جديد، أُعيدت إلى الواجهة مسألة يهودية الكيان الصهيوني، وجرى الدفع بهذه المسألة جدياً، بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يعاقب أي شخص يعارض وجود “إسرائيل” كدولة “يهودية” بالسجن لمدة عام.
كان الإلحاح على يهودية الكيان الصهيوني، من المواضيع الأثيرة لدى الأحزاب السياسية الإسرائيلية منذ نكسة يونيو/ حزيران 1967. لعل الإلحاح على يهودية الكيان الصهيوني، والتمسك بأن يكون غالبية سكانه من اليهود هما أهم الأسباب التي حالت دون ضم الأراضي الفلسطينية. وقد برز ذلك بوضوح في مناقشات حزب العمل “الإسرائيلي” أثناء انتفاضة أطفال الحجارة، حيث أكد على أهمية قيام كيان فلسطيني، يكون مرتبطاً بشكل غير مباشر? “إسرائيل”، ويضمن بقاء الفلسطينيين إلى الأبد أقلية في الأراضي الفلسطينية التي ارتبط احتلالها بالنكبة الفلسطينية.
والواقع أن الحكومة الإسرائيلية السابقة، برئاسة إيهود أولمرت، ووزيرة خارجيته، تسيبي ليفني قد دشنت الحملة الجديدة في جملة من التصريحات العنصرية. فقد أكد أولمرت وليفني تعاطفهما مع حلم الفلسطينيين في إقامة كيانهم، إلا أنهما أوضحا أن ذلك في كل الأحوال لن يكون على أرض فلسطين، بل في مكان آخر. في إشارة واضحة للأردن.
والواقع أنه منذ احتلال الصهاينة، لفلسطين عام 1948 حتى يومنا هذا، برزت حقائق جديدة، أصبحت مثار رصد واهتمام من قبل الصهاينة. ومن ضمن تلك الحقائق صمود من بقي في فلسطين عام 48 تحت الاحتلال، واستحالة اندماجهم ثقافة وهوية بالكيان الصهيوني. وقد تمكنوا من خلق مؤسساتهم الخاصة، المعبرة عن تطلعاتهم، وبرزت من بينهم قيادات، نقلت للعالم صوراً عن معاناة الفلسطينيين في الداخل، وعن الممارسات العنصرية التي يتعرضون لها. ومن بين هذه الحقائق، كان تنامي أعداد الفلسطينيين، التي تجاوزت الـ 20% من تعداد سكان “إسرائيل” هو الحقيقة الأمر والأصعب. وقد شكل ذلك هاجساً كبيراً بالنسبة للصهاينة.
ومن جانب آخر، تحول النهج الفلسطيني، منذ منتصف السبعينيات، من مقاومة تطرح تحرير الأرض من النهر إلى البحر، إلى القبول بتسوية سياسية على أساس وجود دولتين مستقلتين على أرض فلسطين: دولة “إسرائيل” في الحدود ما قبل يونيو 1967، ودولة فلسطينية تقام في أراضي الضفة والقطاع، وتكون القدس عاصمتها. وكانت أعداد الفلسطينيين في الشتات تتضاعف هي الأخرى، من دون أن يضعف تقادم الزمن من جذوة حنينها للعودة إلى فلسطين.
ومع إدراك الصهاينة استحالة تذويب الهوية الفلسطينية، بتقادم الزمن، وإشاعة روح اليأس، توصلوا إلى قناعة بأن شعار “الدولة الفلسطينية المستقلة”، سيتيح مخرجاً مقبولاً لتحقيق معجزة عبور عبرانية أخرى، من نوع آخر. فهذه الدولة ستكون المعبر للتسلل الاقتصادي الصهيوني إلى البلدان العربية، بعد تحقيق “السلام” بين مختلف الأطراف.
سيتواجد كيانان على أرض فلسطين، أحدهما يهودي يخص جميع اليهود في أنحاء العالم، والآخر فلسطيني يخص الفلسطينيين، في أنحاء العالم أيضاً. وبموجب هذا الفصل التعسفي، تصبح قضية حق العودة مسألة تخص الدولة الفلسطينية المنتظرة، وليس للصهاينة شأن بها، وأن من حق كل دولة سن القوانين والتشريعات على أرضها، دونما تدخل من أي طرف آخر. وبموجب ذلك، تصبح قضية يهودية “إسرائيل” مسألة داخلية، كما أشار إلى ذلك رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، وكبير مفاوضي الفريق الفلسطيني الدكتور صائب عريقات.
ليس ذلك فحسب، بل إن الفلسطينيين الذين تمسكوا بأرضهم، في حيفا ويافا، والناصرة وبقية المدن الفلسطينية، التي تشكل الآن جغرافية الكيان الغاصب، سيصبحون ضمن الرؤية الجديدة جالية فلسطينية مقيمة في دولة “إسرائيل”. يخضعون كمقيمين، وليس كمواطنين، لأنظمتها وقوانينها، وتملك حق تهجيرهم في أي وقت تختاره.
إن الأراضي التي احتلها الصهاينة، بموجب هذه التصورات، هي لليهود فقط. وإذا ما أعطيت هذه التصريحات أبعادها القانونية والسياسية، وجرى الاعتراف بها على الصعيد الدولي، فإن ذلك يعني إسقاط كل الحقوق الفلسطينية في تلك الأراضي، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير، وهي حقوق بقيت مضمونة حتى الساعة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وهي فوق ذلك كله، محاولة خطيرة من أجل خلق مناخ دولي وإقليمي مناسب لطرد بقية الفلسطينيين الصامدين من ديارهم.
إن تأكيد يهودية الكيان الغاصب سيكون من شأنه بقاء اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم إلى ما لا نهاية. ففلسطين الضفة والقطاع لن يكون بمقدورها استيعاب ملايين الفلسطينيين بالشتات. وستكتفي السلطة الفلسطينية بتقديم وثائق الهويات وجوازات السفر، لشعب قدره أن يعيش في المنافي، ما لم تتغير معادلة الصراع. وسوف تسهم هذه التطورات في التعجيل بمشاريع توطين الفلسطينيين بالأماكن التي يوجدون فيها، والتي تواجه الآن عقبة كأداء نتيجة لرفض العرب تصفية حق العودة، كما ستكون المقدمة لتحقيق تطهير عرقي، يجعل من “إسرائيل” كياناً يهودياً خالصاً، لتتحقق فرادة أخرى للصهاينة تضاف إلى فرادات “الهولوكست” و”الشعب المختار”، وأساطير التاريخ والوعد الإلهي بحيازة فلسطين، مجسدة صورة دراماتيكية للعقيدة الصهيونية، من حيث تفوقها في عنصريتها، من دون منازع.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...

القسام تبث مقطع فيديو لانطلاق سلسلة عمليات أبواب الجحيم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مساء اليوم الأربعاء مشاهد مصورة ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" شرق مدينة رفح....

الاحتلال يعترف بإصابة 4 من جنوده بانفجار عبوة ناسفة برفح
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت مصادر إسرائيلية، إن 4 جنود إسرائيليين أصيبوا اليوم الأربعاء، بانفجار عبوة ناسفة في رفح جنوب قطاع غزة. وذكرت...