عرفات ماضي: حصار غزة جريمة ضد الإنسانية وعلى الدول العربية كسر الحصار على القطاع

عبَّر الدكتور عرفات ماضي رئيس الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن صدمته من سوء الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة من جرَّاء استمرار الحصار “الجائر” على قطاع غزة، الذي تفرضه سلطات الاحتلال الصهيوني منذ قرابة ثلاثة أعوام على قطاع غزة.

وتعهَّد د. ماضي في مقابلة أجراها معه مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” بعد وصوله إلى قطاع غزة؛ بإرسال مزيدٍ من القوافل من أجل كسر الحصار عن قطاع غزة، لافتًا إلى أن وضع المرضى في قطاع غزة يُرثَى له، وقال: “إن منع سفر المرضى ومنع الدواء عنهم يمثِّل جريمةً بحق الإنسانية!!، أين هي حقوق الإنسان؟ لماذا يُمنع المرضى من العلاج ومن السفر؟ لماذا يموتون تحت وطأة الحصار دون أن ينقذهم أحد؟!”.

وأضاف د. ماضي أن موقف الدول العربية تجاه حصار قطاع غزة لم يرتقِ إلى الحدِّ المطلوب، مطالبًا إيَّاها بالوقوف وقفةً جادَّةً مع أهل غزة من أجل كسر الحصار عن القطاع “الصامد”، مناشدًا- على وجه الخصوص- مصرَ ضرورةَ فتح معبر رفح الحدودي أمام حركة المرضى والمواطنين الفلسطينيين وضرورة التخفيف عن أهالي غزة.

وفيما يلي نص المقابلة:

* بدايةً.. نرحِّب بكم على أرض غزة، ونبارك جهودكم المتواصلة من أجل كسر الحصار عنها، ثم هل لكم أن توضحوا لنا كيف كانت رحلتكم من أوروبا إلى غزة؟ وكيف كانت رحلتكم داخل غزة؟

** بدايةً.. حيَّاكم الله على الترحاب، ونحن فخورون جدًّا بكم وبأهل غزة العمالقة، ثم إن الرحلة من أوروبا إلى قطاع غزة كانت ميسَّرةً والحمد لله، لكنَّ هناك بعض العراقيل التي واجهتنا أثناء هذه القافلة “قافلة الأمل”؛ نحن خرجنا من مناطق متفرقة من أوروبا، من بريطانيا وفرنسا وهولندا والسويد وبلجيكا وغيرها..، وكان عددنا 150 مشاركًا، قادوا سياراتهم كلهم إلى ميناء “جنوه” الإيطالي، ثم توجَّهنا بعد رحلة مميزة إلى ميناء الإسكندرية، وهناك واجهتنا صعوبة في قضية التحرك بالسيارات داخل مصر؛ حيث إن السلطات المصرية لم تسمح لنا بالانتقال من ميناء الإسكندرية إلى بورسعيد برًّا، فمكثنا قرابة 5 أيام حتى تم التوافق على أن نقوم بنقل كافة السيارات عبر سفينة إلى بورسعيد، وهناك كان تسريعٌ لتخليص القافلة من قضية الجمارك، وبالتالي نُقلت السيارات إلى بورسعيد، وبعد ذلك تمَّ ختم جوازات المشاركين، ولكنا لم ندخل غزة بعد؛ حيث فُرِضَ علينا المبيت على المعبر؛ حيث حدثت إشكالية؛ هي أن السلطات المصرية ختمت جوازات كافة المشاركين، ولكن بعد ذلك منعتهم من دخول قطاع غزة، ولم تسمح سوى لـ20 فقط بالدخول.

أما جولتنا داخل غزة فكانت جولةً ممتازةً؛ حيث اطَّلعنا على الواقع المرير الذي يعيشه قطاع غزة المحاصر؛ ذهبنا إلى المستشفيات، ورأينا بأمِّ أعيننا المرضى الممنوعين من السفر والمحرومين من العلاج في الخارج، وجميعنا بكى على حالهم؛ لأنهم ربما يكونون في عداد الأموات إذا لم يُسمح لهم بالسفر لتلقِّي العلاج.

أيضًا تفقَّدنا العديد من الأماكن التي قصفتها طائرات الاحتلال الصهيوني خلال حربها المجنونة على غزة، منها المدارس، ومنها مقر المجلس التشريعي الفلسطيني، وسننقل كل ما رأيناه إلى العالم من أجل كسر الحصار عن قطاع غزة المحاصر المظلوم.

* بالعودة إلى الحملة الأوروبية لرفع الحصار، متى تأسست؟ وما أهم الأهداف التي وضعتها الحملة الأوروبية حين تأسيسها؟

** الحملة هي مظلَّة لأكثر من 30 مؤسسة تعمل في أوروبا، وقد تأسست هذه الحملة قبل سنتين، ولها عدة مستويات للتحرك..

فمثلاً على المستوى النيابي والبرلماني فإن الحملة تتحرك من أجل التواصل مع كافة البرلمانات والبرلمانيين من أجل فضح الانتهاكات بحق قطاع غزة.

وعلى مستوى الضغط فإن الحملة تعمل كـ”لوبي ضغط” من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة وفضح جرائم الاحتلال ضد أهل غزة.

وعلى المستوى القانوني فإن الحملة تعمل من أجل محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة وتقديمهم إلى المحاكم الدولية لمحاكمتهم على جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة؛ حيث استخدموا كافة الأسلحة المحرمة دوليًّا.

وعلى المستوى الشعبي فإن الحملة نظَّمت عشرات المظاهرات والاعتصامات؛ وذلك من أجل تذكير أوروبا بأن هناك شعبًا يُباد بآلة حرب، وأن هناك شعبًا ما زال يرزح تحت الاحتلال ويجب أن يتحرر.

وعلى المستوى الإغاثي فإن الحملة تعمل على تقديم المساعدات الإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني، وهذا نوعٌ من المساهمة في التخفيف عن أهالي قطاع غزة في ظل استمرار الحصار الجائر والظالم المفروض عليهم.

* كيف تقيِّمون التعاطي الأوروبي مع فعاليات الحملة الأوروبية لرفع الحصار؟

** نعم أخي.. أستطيع أن أؤكد لكم أنه على الصعيد الشعبي فإن هناك تعاطفًا كبيرًا جدًّا في أوروبا مع القضية الفلسطينية بشكل عام، ومع قطاع غزة بشكل خاص، وهذا نلمسه من خلال مشاركة الأوروبيين في المظاهرات التي ندعو إليها من أجل كسر الحصار عن قطاع غزة، وأيضًا الآراء التي يتناقلها الأوروبيون بشأن غزة، والتي يدعون فيها إلى ضرورة إزالة الظلم عن غزة، هناك تعاطٍ إيجابيٌّ مع الحملة الأوروبية من قبل الأوروبيين، وهناك مشاركات فاعلة في النشاطات التي تدعو إليها الحملة.

ودعني أبيِّن لكم أمرًا مهمًّا، وهو أن “إسرائيل” خسرت كثيرًا بعد كل هذه الممارسات التي تمارسها ضد الفلسطينيين وضد أهل غزة على وجه الخصوص.. هناك أوروبيين ينظرون إلى “إسرائيل” على أنها كيان منبوذ يمارس العنف والقتل المتعمد.

وعلى المستوى السياسي هناك تفاعل إيجابي أيضًا، وهذا التفاعل يكبر يومًا بعد يوم.

وعلى مستوى الحكومات فالواقع أن الأمر يختلف من دولة إلى دولة أخرى، فكل حكومة لها توجهها الخاص بها؛ فمنها المؤيد لقطاع غزة وتطالب برفع الحصار عنه، ومنها من يريد من أهل غزة أن يتنازلوا من أجل حلِّ المشكلات العالقة، ولكن بالمجمل هناك تعاطف كبير مع قطاع غزة.

* هل تعتقدون أن الحصار سينكسر؟

** نحن على يقين 100% أن الحصار سينكسر عن قطاع غزة، ولكنَّ المسألة مسألة وقت، ونحن سنبذل كل ما بوسعنا من أجل كسر هذا الحصار الظالم، ولا يمكن لـ”إسرائيل” الاستمرار في ذلك الظلم وفي هذا العدوان.

* ما رأيكم كفلسطينيين في أوروبا وكقادة للحملة الأوروبية من موقف الدول العربية تجاه حصار غزة، لا سيما موقف جمهورية مصر العربية؛ باعتبارها الدولة المجاورة لقطاع غزة؟

** بخصوص هذه القضية فإننا كفلسطينيين في أوروبا نرى أن الأمر يختلف من دولة إلى دولة أخرى، لكن -في الجملة- التعامل مع قضية الحصار من قِبَل الدول العربية لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب؛ حيث إن المطلوب من كافة الدول العربية أن تقف وقفةً جادَّةً مع أهل غزة من أجل كسر الحصار عن القطاع الصامد، ونحن نقول إن هناك مرضى يموتون لأنهم ممنوعون من السفر لتلقِّي العلاج في الخارج، كما نقول إن هناك أدويةً معدومةً في قطاع غزة، ونؤكد أن هناك موادَّ أساسية ممنوعة من الدخول إلى قطاع غزة، لا بد من التحرك الجادّ في هذه القضية وهذه الرسالة إلى الجميع، ولعلنا نتحدث على وجه الخصوص عن الإخوة في جمهورية مصر العربية؛ باعتبارها الدولة الملاصقة لقطاع غزة.. نناشدها فتحَ معبر رفح الحدودي؛ لأنه المعبر الوحيد والمنفَذ الوحيد لأهالي قطاع غزة المحاصرين.. نناشدهم التخفيف عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونحن على يقين أن مصر يمكنها أن تفعل المزيد.

* بخصوص قافلة الأمل الأوروبية، ماذا حملت معها إلى غزة؟ وماذا عن أولئك المتضامنين الذين حرمتهم مصر من دخول قطاع غزة؟

** القافلة كانت تضم أربعين شاحنةً، وهذه الشاحنات محمَّلة بالمساعدات الإغاثية لأهالي قطاع غزة، وأيضًا محمَّلة بعشرات الكراسي المتحركة، وهذه أحضرناها للمعوَّقين المحرومين من الحركة، لا سيما إلى أولئك الذين فقدوا أطرافهم إبان الحرب على قطاع غزة، أيضًا القافلة كانت محملةً بالعديد من برامج الكمبيوتر المتقدمة جدًّا، ومن بين هذه البرامج والأسطوانات المدمجة برامج تتعلق بالمكفوفين؛ حيث إن هذه البرامج سوف تجعلهم يستغنون عن نظام ولغة “برايل”، وهو أن هذه البرامج تقوم بسحب صفحات الكتاب على الكمبيوتر، ومن ثم تقوم بتحويل هذه الصفحات إلى “أيقونات” مسموعة عبارة عن “إم بي 3” (mb3) لكي يستمع المكفوف لها من دون أن يُرهق نفسه في الكتابة بلغة “برايل”، وهذا الأمر يفتح نافذة أمل جديدة للمكفوفين في قطاع غزة.

أما المتضامنون الذين لم يتمكنوا من دخول قطاع غزة ومنعتهم السلطات المصرية من دخول القطاع؛ فقد كان يسود في داخلهم أجواء من الغضب الشديد لهذه الإجراءات التي منعتهم من دخول قطاع غزة، بعد أن كانوا على بُعد أمتار قليلة من دخوله، فقد كانوا يحلمون بدخوله، إلا أنه للأسف الشديد لم يتم هذا الحلم.. هؤلاء المتضامنون بكَوا بكاءً شديدًا جدًّا من أجل الدخول إلى غزة، ولكن للأسف لم يُسمح لهم بذلك، فمنهم من رجع إلى أوروبا من دون أن يدخل غزة، ومنهم من يحاول مع السلطات المصرية الدخول.

* كم مكثتم في قطاع غزة؟ وهل تنوون العودة إليه ثانيةً؟

** كنا نأمل أن تكون مدة المكث طويلةً، ولكن المدة هي يومان فقط؛ حيث أعدت لنا الحكومة هنا في غزة برنامجًا تفقديًّا قبل أن نغادر قطاع غزة، زرنا العديد من المؤسسات والوزارات والمناطق، وتعرفنا على أهل غزة وعلى وضعها المرير، وكما قلنا إننا سننقل هذه المأساة إلى العا