إسرائيل ومحاولة اختراق الموقف الروسي

صحيفة الوطن العمانية

يرى مراقبون روس أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى الولايات المتحدة قد باءت بالفشل. ويعتقد هؤلاء المراقبون أن واشنطن لم تعد تؤيد حليفتها الإسرائيلية دون قيد أو شرط. ومن هنا يدفع البعض السياسة الخارجية الروسية إلى ضرورة ملء الفراغ عن طريق تنشيط دورها في الشرق الأوسط على أساس أنه توجد حالياً فرصة سانحة لموسكو للتقارب مع “إسرائيل”. ولكن العلاقات الروسية الإسرائيلية ليست هي الأخرى خالية من المصاعب. فقد أغضب “إسرائيل” كثيراً اللقاء الأخير بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في سوريا يوم السبت الماضي. وعلقت الخارجية الإسرائيلية على هذا اللقاء بالقول إنه خيب آمالها ، فيما أعرب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خيبة أمله من نية روسيا مواصلة الاتصالات مع حماس. وفي مقابلة مع إحدى المحطات الإذاعية الإسرائيلية الناطقة بالروسية أعلن وزير الخارجية ليبرمان أن “إسرائيل” لن تشارك في مؤتمر دولي تعتزم روسيا عقده في موسكو لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط إذا حضره ممثلو حماس أو حزب الله اللبناني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ومن المعروف أن ليبرمان سيزور موسكو الأسبوع المقبل، ويبدو أنه سيدرج على جدول مباحثاته مع المسؤولين الروس موقف روسيا من حماس وحزب الله. ويعول الوزير الإسرائيلي على تغيير الموقف الروسي ليصبح أقرب إلى “إسرائيل” كما تقول مصادر إسرائيلية وروسية. وكان ليبرمان قد دعا موسكو بعد توليه منصب وزير الخارجية في حكومة نتانياهو إلى الارتقاء بالعلاقات بين روسيا و”إسرائيل” إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية. وقال ليبرمان آنذاك “إن إسرائيل وروسيا حلفاء طبيعيون في مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي”. وحدد المجالات الأخرى التي يمكن التعاون فيها بين البلدين وفي مقدمتها التكنولوجيات الراقية والطاقة والبحوث الفضائية والتعاون العسكري والأمني. وعرض ليبرمان الذي هاجر إلى “إسرائيل” في عام 1978 من مولدافيا إحدى الجمهوريات السوفيتية السابقة، عرض على روسيا الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مجال التقنيات الزراعية والطب والطيران والاتصالات.

ومن جانبها كشفت تقارير صحفية روسية أن الاتفاق الذي وقعه نتنياهو وليبرمان بشأن دخول الثاني في حكومة الأول يتضمن بنداً يدعو إلى إنشاء لجنة للحوار الإستراتيجي مع روسيا على غرار لجنة الحوار الإستراتيجي الإسرائيلية الأميركية المشتركة التي تناقش الموضوعات المتعلقة بالتعاون العسكري بين البلدين. وفي تصريحات لصحيفة “كوميرسانت” الروسية أكد ليبرمان أن بلاده تنتظر من روسيا تقييماً جديداً للوضع في الشرق الأوسط يأخذ في الاعتبار أن تقوية حركة حماس ومنحها الشرعية يمثلان ضربة تستهدف الفلسطينيين المعتدلين في المقام الأول. واعتبر ليبرمان زيارة زعماء حماس إلى موسكو كانت خطأ كبيراً. وفي ما يتعلق بالتعاون النووي بين روسيا وإيران، قال ليبرمان “إن هذا التعاون لن يجلب لروسيا وإسرائيل الخير”. ودعا موسكو إلى المشاركة في تشديد العقوبات على طهران لإرغامها على تجميد برنامجها النووي. ولا يستبعد بعض المراقبين تنشيط التعاون بين روسيا و”إسرائيل” في مجال الطاقة حيث تسعى تل أبيب منذ عدة سنوات إلى شراء الغاز الروسي. ففي السادس والعشرين من مارس الماضي أُعلن عن اتفاق روسي تركي على تشكيل فريق عمل لتنفيذ مشروع “السيل الأزرق ـ 2” الذي ينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى تركيا والذي يتضمن نقل هذا الغاز إلى “إسرائيل”. وكانت “إسرائيل” أجرت مباحثات مع شركة “غاز بروم” الروسية في السنوات السابقة لشراء الغاز الطبيعي من روسيا. وتبدي “إسرائيل” رغبتها في شراء ما لا يقل عن ملياري متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً.

ويعد المجال العسكري من مجالات التعاون الأخرى التي يمكن تطويرها بشكل كبير بين روسيا و”إسرائيل” في عهد حكومة نتنياهو ـ ليبرمان. فقد أكدت وزارة الدفاع الروسية مؤخراً أنها توصلت إلى اتفاق مع تل أبيب بشأن شراء الجيش الروس لعدد من الطائرات الإسرائيلية بدون طيار والتي أثبتت كفاءة عالية أثناء الحرب الروسية الجورجية في أغسطس من العام الماضي. وترى مصادر عليمة في موسكو أن وجود ليبرمان في الحكومة الإسرائيلية يمكن أن يدفع بهذا الاتفاق إلى حيز التنفيذ. وكانت موسكو وتل أبيب تغلبتا بسرعة لافتة للنظر على الأزمة التي وقعت بينهما العام الماضي بسبب مساعدة “إسرائيل” للجيش الجورجي في حربه على أوسيتيا الجنوبية. وبالرغم من أن بعض المراقبين الروس لا يستبعد إمكانية إحداث تقارب أكبر بين روسيا و”إسرائيل” في ظل حكومة نتنياهو ـ ليبرمان، إلا أن البعض الآخر من المراقبين في روسيا يرى أن احتمالات عدم التزام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بالعملية السلمية وحل الدولتين واستمرار تل أبيب في رفض عقد مؤتمر موسكو للسلام قد تعكر صفو المرحلة الجديدة في العلاقات بين البلدين.