التطبيع مقابل وقف الاستيطان

صحيفة الاتحاد الإماراتية
اختلفوا كما يُقال أم اتفقوا كما يفترض؟ الأميركيون والإسرائيليون أعطوا هذه المرة إشارات وإيماءات مبهمة. كان هناك مناخ خلاف. الصور المتلفزة أظهرت بعض عدم الارتياح. التسريبات من الجهتين لم تتخطَّ ما كان معروفاً. الدفء والحميمية لم يكونا على جاري عادتهما. حتى الكونجرس، استمع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي من دون الاحتفال به، وأسمعه ما يحب وما يتوقع، ولعله تلبية لرغبة الضيف وإلحاحه أصدر مناشدة للرئيس الأميركي بأن يأخذ في الاعتبار مخاوف “إسرائيل”.
واشنطن استقبلت بنيامين نتانياهو كحليف مدعو لأن يتفهمها ويفهم ما تغير فيها إذا كان استشعر تغييراً. لكنها استقبلته أيضاً كسياسي تسبقه رائحة رعونته، ولم تر داعياً للإضافة إلى الأوهام التي يصنع منها حقائق ثم يدعي أنها خيارات سياسية جادة. كان نتانياهو يستطيع أن يبيع بعض ألاعيب الكلام لسماسرة الإدارة الأميركية ثم يخرج منتصراً، لكنه وجد نفسه أخيراً أمام سماسرة -وهم من اليهود في مختلف الأحوال- لا يحبذون بضاعته. لديهم مفهوم آخر لـ”المصلحة الأميركية”، التي يجب أن تتماهى المصلحة الإسرائيلية معها.
مشكلة “إسرائيل” مع (أميركا-أوباما) أنها لا تزال إلى جانبها، لكن ليس على النحو الذي تريده أو تمليه. مشكلة “إسرائيل” أنها لم تجد في ثنايا ولايتي جورج بوش ما يجب أن تعيه وتدركه، من هجمات 11 سبتمبر إلى حربي أفغانستان والعراق. “إسرائيل” لم تر في كل تلك الوقائع إلا ما يمكنها أن تستخدمه أو تستغله لمصلحتها، إلا ما يمكنها من الحفاظ على درجة عالية من العداء الأميركي للعرب والمسلمين عموماً. لم تهتم بواقع أن الوعي الأميركي المابعد 11 سبتمبر كان لابد أن يخرج من الطوق التقليدي للسياسات التقليدية المتبعة. أوباما يمثل هذا الوعي الذي لا يعني انقلاباً على تلك السياسات وإنما إرادة انجاز ما تلتزمه، أو لا تكون هناك التزامات أصلاً.
الأرجح أن الإسرائيليين انتخبوا “اليمين” وأقصى اليمين ظناً منهم أن بوش لا يزال في البيت الأبيض، وأنهم يستطيعون إقناعه بأن الاحتلال الذي يدافعون عن إدامته هو أفضل ما يمكن أن يطمح إليه الفلسطينيون والعرب، خصوصاً أن بوش لم يكن يفكر في أي انسحاب، بل إن الإسرائيليين رغبوا ويرغبون لو أن احتلال العراق وأفغانستان يدوم كي يستمدوا منه شرعية التوازي مع احتلالهم. لكن مقاربة (أميركا-أوباما) مختلفة، وتبدو تائقة لاستيعاب دروس التاريخ. فهي لم ترمِ تراث الغطرسة والتفوق وإرادة الهيمنة، إلا أنها تريد المبادرة بتكتيكات جديدة، وتدرك أن الوصول إلى الأهداف نفسها أصبح يجب أن يمر بتحسين صورة أميركا في العالم -وليس فقط العالم العربي والإسلامي- وبصقل مصداقيتها لتكون كلمتها مسموعة.
هذا لا يعني أن “إسرائيل”-نتانياهو ستجد وحدها صعوبات في التعامل مع أميركا-أوباما، بل إن صعوبات أشد تنتظر العرب. فهذه الأميركا ربما تفكر بشكل صائب لكن عيبها أنها مستعجلة وتتوقع من الجميع أن يحسن اللحاق بها. هذه الأميركا رصدت كل العراقيل والعثرات والآفاق المسدودة التي اصطدمت بها “عملية السلام” في الشرق الأوسط، وتوصلت إلى معادلة تبسيطية: السلام تصنعه الوقائع، والسلام تعطله الأوهام، إذاً فالخطة هي: تحريك الوقائع وفرضها إذا تطلب الأمر، وإسقاط الأوهام وضربها إذا تطلب الأمر.
لذلك كان هذا التشديد على نتانياهو بأن يكون حاسماً وشفافاً في ما يتعلق بوقف الاستيطان الذي حصل دائماً بدافع الأيديولوجية حتى أصبح وهماً. لذلك أيضاً يبدو مطلوباً من العرب إعطاء تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” أولوية على أي “وهم” آخر كحق العودة مثلاً، أو كالاحتلال نفسه، أو كالقدس، أو كالجدار، أو كمعاقبة جرائم الحرب الإسرائيلية، أو أخيراً كهذا الذي سمي دائماً سلاماً عادلاً…(أميركا-أوباما) تريد تسوية في الشرق الأوسط، ويتساوى لديها أن تكون أو لا تكون عادلة، طالما أنها أصبحت ترى فيها مصلحة أميركية. كيف؟ إنها تقول اليوم للعرب وللإسرائيليين: لا تستطيعون تحقيق تسوية مثلى ومواجهة الخطر الإيراني في آن. عليكم أن تختاروا… أما أميركا فاختارت.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...