ماذا بقي من الدولة الفلسطينية؟

صحيفة الخليج الإماراتية
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي أوباما عن رحلته المقبلة إلى القاهرة في الرابع من يونيو/ حزيران، لإلقاء خطاب تاريخي هناك يكون بمثابة رسالة أمريكية تاريخية موجهة إلى الدول العربية والإسلامية، وأعداد هائلة من الكتاب والمحللين والمعلقين السياسيين، في جميع أرجاء العالم، خاصة في أمريكا وأوروبا و”إسرائيل” والدول العربية، لا يكفون عن إسالة أنهار من الحبر في التعبير عن توقعاتهم للآفاق السياسية التي سيتوجه إليها أوباما في خطابه الموعود، خاصة في موضوع اقتراح حل القضية الفلسطينية المزمنة، بمشروع إقامة دولتين (أي دولة فلسطينية تقام إلى جانب “إسرائيل” القائمة أصلاً).
ومع تشعب واختلاف بل تناقض توجهات هذه الكتابات، فإن قاسماً مشتركاً يجمع فيما بينها هو الاتجاه الذي سيتخذه هذا المشروع في خطاب الرئيس الأمريكي، بعد أن ظهر إلى العلن الرفض “الإسرائيلي” الحاسم للمشروع، إلى درجة أن زعيم “إسرائيل” الجديد نتنياهو لم يتردد بوصفه بالمشروع الصبياني والغبي.
لكن ما يلفت النظر في شتى اتجاهات التعليق السياسي على هذا المشروع، أن معظم الكتاب يتعاطون معه وكأنه فكرة جديدة تطرح للمرة الأولى، وينسون أو يتناسون أن فكرة الحل عن طريق إقامة دولتين، قد ظهرت في أدبيات البيت الأمريكي الأبيض منذ “الولاية الثانية” للرئيس بيل كلينتون. وأنها لم تنقطع عن الظهور الدائم في تلك الأدبيات منذ ذلك الوقت، أي في ولايتي الرئيس بوش الابن، إلى بداية ولاية الرئيس الجديد أوباما. حتى أن الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن قد افتتح ولايته الأولى في مطلع القرن الجديد بوعد صاغه على شكل رؤيا سياسية ترى قيام الدولة الفلسطينية حدثاً سياسياً مكتمل التحقيق في العام 2009، أي العام الحالي .
من هنا، فإن التقدم إلى محاولة توقع مصير الفكرة في خطاب الرئيس أوباما القاهري، لا بد من أن يسبقه محاولة فهم أسباب عدم إنجاز هذا المشروع حتى الآن، مع أن لحظات سياسية مرت كانت فيها هذه الفكرة بالذات (فكرة الدولتين) قاسماً سياسياً مشتركاً بين أمريكا و”إسرائيل” والأنظمة العربية الرسمية (بمن فيها السلطة الفلسطينية).
إن نظرة شاملة إلى خطي السير النظري والعملي لهذا المشروع، منذ عهد كلينتون حتى يومنا هذا، سرعان ما تؤكد لنا أن هذا المشروع لم يفقد في يوم من الأيام، صفته “كجزرة سياسية كبيرة” ممدودة للحصان العربي الذي يواصل الركض لابتلاعها، بينما هي لم تقترب من ملامسة شفاهه في يوم من الأيام .
إن أفصح الناطقين باسم المرحلة الجديدة للمشروع، هو بلا شك رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الجديد نتنياهو، الذي مل على ما يبدو من لعبة الخداع (أي إعلان شيء، وإضمار شيء معاكس)، فأعلن في وجه شريكه الأمريكي، وفي عقر دار البيت الأبيض، عن رفضه المطلق لمشروع الدولتين، ولم يتورع بعد ذلك بأيام عن وصفه بالمشروع الصبياني والغبي، لأنه يعرض حلاً ساذجاً لمسألة شديدة التعقيد.
ولكن حتى لو وضعنا هذا الكلام “الإسرائيلي” الرسمي الواضح جانباً، وتحولنا إلى الجانب الأمريكي، فإن الملامح الأمريكية للمشروع بدأت تظهر للعلن في الصحافة الأمريكية و”الإسرائيلية” على التوالي، فما هي الصيغة الأمريكية الجديدة للمشروع القديم؟
يبدو من كل ما تسرب في الصحافة حتى الآن، أن الصيغة الجديدة لمشروع الدولتين لن تتعدى في أحسن أحوالها الأمور التالية:
1- أقرب مهلة لرؤية المشروع منفذاً هي نهاية ولاية الرئيس الجديد أوباما، أي بعد أربع سنوات من الآن.
2- على العرب في مقابل هذا الوعد الذي قد يتحقق وقد لا يتحقق بعد أربع سنوات (لعدم اقترانه بأي ضمانات فعلية) أن يدفعوا الثمن سلفاً، أي فتح حدودهم لكل أنواع التطبيع مع “إسرائيل”: سياسياً واقتصادياً وسياحياً وثقافياً ودبلوماسياً. وهناك من يضيف للدول العربية المطبعة، الدول الإسلامية التي يبلغ عددها 57 دولة .
لا يحق لدولة فلسطين الجديدة التسلح، أو عقد معاهدات إقليمية أو دولية في مجال التزود بالسلاح أو التدرب عليه.
ماذا يعني كل ذلك عملياً؟
يعني أن “إسرائيل” بدأت تجاهر علناً برفض حل الدولتين، وتتحدث عن حل نهائي لا يتجاوز منح حكم ذاتي للفلسطينيين . ويعني أن أمريكا، حتى لو تحركت لتفرض على “إسرائيل” صيغتها للحل، فهي أصلاً صيغة لا تتجاوز كياناً للحكم الذاتي، حتى لو أطلق عليه اسم “الدولة الفلسطينية”.
هذا هو المشروع الأمريكي الجديد، في أقصى نجاحاته، أي إذا انتقل إلى حيز التطبيق. ماذا بقي إذاً من الدولة الفلسطينية أرضاً وشعباً؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...