الإثنين 05/مايو/2025

على العرب تقديم الوعود

على العرب تقديم الوعود

صحيفة الخليج الإماراتية

قبل أن يذهب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما في واشنطن كثرت الاجتهادات والتوقعات حول ما يمكن أن ينتج عن هذا اللقاء في ظل ما هو معروف مسبقاً من تباعد في الرؤى، خصوصاً بالنسبة لقضيتين مهمتين، الأولى: قضية إقامة دولة فلسطينية على حدود الأراضي التي احتلت عام 1967 بجانب “إسرائيل”، والثانية قضية أولوية المواجهة مع إيران على الانخراط في مشكلات أزمة الشرق الأوسط . بعض التوقعات حذرت من مخاطر حدوث افتراق تاريخي أمريكي “إسرائيلي”، ووصل البعض في تشاؤمه (خصوصاً من “الإسرائيليين”) للحديث عن “تسونامي شرق أوسطي” يبدأ بتداعي تاريخية العلاقات “الإسرائيلية” الأمريكية.

إيتان هابر المحلل العسكري البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ومدير مكتب اسحق رابين رئيس الحكومة “الإسرائيلية” الأسبق، هو من تحدث عن “تسونامي تاريخي” ودعا نتنياهو إلى الحذر الشديد في الحوار مع الرئيس الأمريكي “لأن الماء قد تغير في الحوض، وأن السمك نفسه قد تغير، وبعض الجديد يرفض الاعتراف بسياسة توزيع الغذاء التي كانت متبعة في الحوض على مدى أكثر من أربعين عاماً”.

وعلى العكس من هذه الرؤية فإن مارتن شيرمان الكاتب في صحيفة “إسرائيل اليوم” ينصح نتنياهو بأن يكون “هجومياً وصلفاً وأن يحرص على تعرية وفضح سياسة أوباما بطرح المنطق الأمريكي النقيض من هذه الرؤية للتدليل على عمق التناقض بين مجمل ما يطرحه أوباما، وخصوصاً قوله إن إدارته “ملتزمة بأمن “إسرائيل”” ومطالبتها في الوقت نفسه بقبول مطالب تهدد هذا الأمن، بل وتنسفه، خصوصاً اقتراح إقامة دولة فلسطينية”.

وعلى نتنياهو أن يخاطب الإدارة الأمريكية قائلاً: إن من التزم بأمن “إسرائيل” لا يمكنه أن يطالبها بأن تتنازل عن المناطق التي تحتلها بصورة تلقائية. والشيء نفسه يقال عن محاولة الإدارة الأمريكية إنشاء ارتباط بين التقدم في الشأن الفلسطيني ومحاولات كبح المشروع النووي الإيراني، فهذا الربط موقف مدحوض لا أساس له.

هكذا كانت النصائح لنتنياهو، وكانت أيضاً التوقعات، وحدث اللقاء وانتهى إلى لا شيء، بل إن الرئيس الأمريكي هو الذي هادن ضيفه عندما قبل بوضع تاريخ محدد لعرض الحوار الأمريكي مع إيران حسب الرغبة “الإسرائيلية”، ولم يقبل نتنياهو ب “حل الدولتين”، وتحدث بكلام غامض عن “حق الفلسطينيين في أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم”، ولم ينطق نهائياً بأي كلمة حول “حل الدولتين” واكتفى بإعلان قبوله “ترتيبات تسمح ل “الإسرائيليين” والفلسطينيين بالعيش جنباً إلى جنب”، وأن يشاطر أوباما رغبته في تحقيق تقدم في عملية السلام. أما الرئيس أوباما فأعلن أنه سيقرر في نهاية العام الحالي (أي بعد ستة أشهر كما طالب ليبرمان وزير الخارجية “الإسرائيلي”) ما إذا كانت إيران جادة في المحادثات بشأن برنامجها النووي أم لا، وقال أيضاً إن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية “يجب أن يتوقف”، لكن الأهم في كلامه قوله إن “لديه التزاماً واضحاً بوقف الاستيطان في إطار خريطة الطريق، وتعهد بالتدخل في عملية التسوية “التي كانت في الماضي تسير وفق كثير من الكلام وقليل من الفعل”، حسب وصفه، مشيراً إلى دور الدول العربية “للقيام بجهد أكبر”.

ذهب تسونامي أدراج الرياح، بل إن الرياح جفت واختفت معها كل أحاديث تسونامي بين أمريكا و”إسرائيل”، لكن الأهم هو أن يتجدد الحديث عن تسونامي برفقة زيارة أوباما لمصر، كي تتصاعد التوقعات لتصل عنان السماء، رغم أن كل ما سيقوله أوباما لن يخرج عما قاله عقب لقاء نتنياهو: مطلوب من العرب تقديم المزيد لإقناع “إسرائيل” وتشجيعها على التغيير. سيأتي أوباما ليحصل على وعود من العرب بدلاً من أن يقدم لهم الوعود.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات