الإثنين 05/مايو/2025

شهداء الأنفاق!!

شهداء الأنفاق!!

صحيفة الدستور الأردنية

منذ مطلع عام 2008 وحتى قبل يومين بلغ عدد شهداء الأنفاق (مصطلح جديد سيدخل قاموس القضية الفلسطينية) 115 شهيداً، وهؤلاء تتوزع دماؤهم بين قصف الاحتلال، وبين أخطاء العمل، وبين إجراءات الأشقاء من الجانب الآخر، مع العلم أن ثمة أسرى ومعتقلين يمكن تصنيفهم ضمن ذات الخانة (هناك جرحى بالضرورة)، والأسرى والمعتقلون ليسوا فلسطينيين فحسب، بل هناك مصريون أيضاً، يتصدرهم السياسي المعروف، أمين عام حزب العمل “المحظور”، مجدي حسين الذي حكم بالسجن مدة عامين وغرامة 5000 جنيه مصري لأنه دخل قطاع غزة متضامنا مع أهله بعد الحرب الأخيرة، وبالطبع عبر الأنفاق، وليس من خلال معبر رفح المغلق، كثيرون دخلوا بذات الطريقة ولكنهم فروا بجلدهم، وسيكون من الصعب عليهم دخول مصر مرة أخرى مثل النائب الإسلامي الكويتي المعروف وليد الطبطبائي، ومقدم برنامج “لقاء مفتوح” في الجزيرة الإعلامي المعروف غسان بن جدو.

هكذا يغدو للأنفاق شهداؤها وأسراها وحكاياتها، وهذه الأخيرة فيها الكثير من السخرية المرة. خذ مثلاً ذلك النوع الجديد من الزيجات الذي أفرزته، وبالإمكان تسميتها زيجات الأنفاق، حيث يجري نقل العروس إلى عريسها عبر أحد الأنفاق بعد تعذر إدخالها عبر المعبر العتيد الذي لا يعرف سوى التجهم في وجوه الفلسطينيين، حتى عندما يكون مفتوحاً ليوم أو بعض يوم.

سيقول قائلهم إن ظاهرة الأنفاق قابلة للمكافحة من قبل السلطات المصرية لو أرادت ذلك، الأمر الذي يمكن أن يكون صحيحاً بهذا القدر أو ذاك، مع العلم أن جزءاً من الظاهرة صار عصياً على المكافحة بمرور الوقت وتبعاً لما تفرضه الحاجة من تطور وإبداع، لكن الرد على ذلك هو أن السلطات المذكورة لا تفعل ذلك إيماناً منها بضرورة تحسين شروط حياة الناس في قطاع غزة، فضلاً عن تسهيل الموقف على الحركة “الأصولية” التي تحكم القطاع وتقيم فيه “إمارة إسلامية” تابعة للإخوان المسلمين المطاردين في الداخل، وإنما تفعله خوفاً وصول الأوضاع حداً لا يطاق، وقد يدفع الناس إلى تكرار سيناريو هدم المعبر الذي تابعه العالم على الشاشات مطلع العام 2008.

يشار هنا إلى أن الإسرائيليين يفعلون ذات الشيء، فهم يدخلون بعض المواد الضرورية جداً عبر المعابر التي يسيطرون عليها، الأمر الذي يأتي خوفاً من الانفجار، ومن ردود الفعل الدولية حيال سياسة العقوبات الجماعية ضمن منطقة هي بحسب القانون الدولي منطقة خاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

الأنفاق في بعض تجلياتها هي نوع من التمرد على سياسة الموت البطيء، وأقله الحياة فيما دون الحد الأدنى، فضلاً عن منع الناس من الحصول على مواد تصنف غير ضرورية في العرف الإسرائيلي، ومن بينها بعض مواد إعادة الإعمار، لا سيما بالنسبة لبيوت هدمت جزئياً ولا بد من إصلاحها بدل اللجوء للخيام أو البحث عن بيوت للإيجار لم تعد متوفرة بعد الحرب.

أيا يكن الأمر، فنحن إزاء ظاهرة إبداعية لم يتوقف استخدامها في السياق الفلسطيني على البحث عن لقمة العيش، وإنما تجاوزه إلى مقاومة الاحتلال، وكم من عملية بطولية نفذت ضد الاحتلال قبل رحيله وبعد رحيله من خلال الأنفاق، ونتذكر أن عملية الوهم المتبدد التي أسر الجندي شاليط خلالها قد تمت عبر نفق استغرق حفره ثمانية شهور، كما نتذكر اعترافات الضباط الإسرائيليين في الحرب الأخيرة بشأن المقاتلين الذين كانوا يخرجون لهم من تحت الأرض بين حين وآخر فيدبون الرعب في صفوفهم ويقتلون ومنهم ويجرحون قبل أن ينالوا الشهادة.

نعود إلى القول إن ظاهرة الأنفاق هي تعبير عن إصرار الفلسطيني على المقاومة والحياة الحرة الكريمة، وليس الإصرار على أي حياة، لأن هذا اللون الأخير سيفضي إلى التعاون الأمني مع الاحتلال ونبذ المقاومة بدعوى رفع المعاناة، وشتان.. شتان بين الموقفين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بتنفيذ عمليات هدم في حارة المنشية داخل مخيم نور شمس شرقي مدينة...